مصياف مدينة ذات غالبية علوية تنأى بنفسها عن مناصرة الأسد

الأهالي استغلوا انقطاع الكهرباء للتمثيل بتمثال الرئيس الراحل

TT

ما زال أهالي مدينة مصياف الواقعة غرب محافظة حماه يتداولون في ما بينهم حكاية تمثال الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، الذي استغل مجموعة من الشبان المعارضين انقطاع الكهرباء في أحياء البلدة ليقوموا بإحراقه بعد دهنه بالأسفلت.

التمثال الذي أعادت قوات الأمن نصبه في حارة الوراق أصبح محاطا بحراسة أمنية مشددة خوفا من تكرار الحادثة؛ فالمدينة التي تضم غالبية علوية، مع بعض الأقليات السنية والإسماعيلية والمسيحية، شهدت العديد من المظاهرات المعارضة للنظام السوري.

ويقول حسن، وهو ناشط من المدينة، إن «أول مظاهرة خرجت في مصياف اتجهت إلى فرع حزب البعث وهتفت للحرية. آنذاك انضمت أعداد كبيرة من السكان إلى المظاهرة، لتتوسع لاحقا نشاطات المعارضة إلى رمي المنشورات وكتابة الشعارات المنددة بالنظام على جدران المدينة». ويضيف حسن أن «تشييع اثنين من العسكريين الذين ينحدرون من المدينة، كان حدثا مفصليا لمسار الثورة فيها، حيث شارك في تشييع الشابين اللذين قتلا لرفضهما إطلاق النار على المتظاهرين، الآلاف من سكان مصياف».

ويبرر الناشط المعارض انحسار النشاط المعارض في المدينة، واقتصار المظاهرات على أيام الجمعة وبأعداد ضئيلة، بالحصار الأمني الذي تشهده مصياف، ويقول: «الناس هنا يتداولون مقولة معبرة، وهي التظاهر في مصياف مثل التظاهر في فرع الأمن»، مضيفا: «هناك حصار مشدد على كل ساحات وشوارع البلدة.. دوريات أمنية وشبيحة ينتشرون في كل مكان، إضافة إلى الاعتقالات الكبيرة التي استهدفت الناشطين، فقد وصل عدد المعتقلين إلى المئات؛ أحيل بعضهم إلى القضاء العسكري». ويرى حسن أن مدينة مصياف ذات الغالبية العلوية، وعبر مشاركتها بالثورة، «ستسبب إحراجا للنظام السوري، الذي يقدم نفسه حاميا للعلويين ولبقية الأقليات، لذلك، فإن نظام الأسد يحكم قبضته الأمنية عليها».

من جانبه، يرى سعد وهو ناشط ينحدر من الطائفة العلوية ويسكن في مصياف، أن «علويي هذا المدينة ليسوا مثل علويي بقية المناطق الذين يناصرون نظام بشار الأسد ويدافعون عنه بضراوة». ويتابع: «علويو مصياف دفعوا أثمانا باهظة بسبب معارضتهم التاريخية للنظام السوري، حيث قبعت أعداد كبيرة من أبناء المدينة في سجون النظام نتيجة أفكارهم المعارضة له، إضافة إلى التهميش والحرمان الذي عانت منه مصياف طوال حكم الأسديين». ولا ينفي الناشط المعارض أن بعض الشباب من المدينة «يقومون بممارسات تشبيحية وتحريضية من الأمن»، لكنه يؤكد أن «معظم علويي مصياف لن يتورطوا في صراع ضد إخوتهم في الوطن من أجل عائلة الأسد».

وكان أهالي مدينة مصياف قد أصدروا بيانا منذ بدايات الثورة السورية أكدوا فيه أنهم جزء من الشعب السوري، وشددوا على أن ما يحصل للمتظاهرين «من قتل مباشر وقمع وتعذيب في المعتقلات هي جرائم بحق الشعب السوري الذي نحن جزء منه، وهذه الجرائم لن تجلب للساكت عنها إلا العار». كما طالب البيان «أبناء المنطقة من ضباط وعناصر الجيش والأمن أن يمتنعوا عن قتل الأبرياء من المتظاهرين السلميين؛ الذين هم أبناء الوطن».

ودعا البيان «النظام السوري للكف عن التحريض الطائفي والمذهبي في مصياف وكامل سوريا عبر أجهزة المخابرات ووسائل إعلامه المعروفة، والبدء بالتغيير والانتقال السلمي للسلطة، وذلك حقنا للدماء وكسبا للوقت وحفاظا على الاقتصاد الوطني ودرءا للتدخل الخارجي الذي بات وشيكا».

يذكر أن مدينة مصياف تبعد عن محافظة حماه نحو 48 كيلومترا، وترتفع عن سطح البحر بما يقارب 450 مترا. وتأخذ المدينة موقعا متوسطا بين الجبال الساحلية والسهول الداخلية من سوريا، وتشتهر بوجود سرعة عالية للرياح فيها، كما كان يطلق على مصياف اسم «مصياد» لكثرة الصيد فيها.