استرجاع الحقّ في المدينة: توأم مصريّ يضع الابداع في خدمة الهندسة المعماريّة في القاهرة

نوفمبر 18, 2022
مشاركة في

شاركت شقيقتان مصريّتان في مشروع المبادرات الثقافيّة والمدنيّة للشباب في المتوسّط المموّل من الاتحاد الأوروبي لرفع الوعي بأهميّة الحفاظ على المباني القديمة في القاهرة والاعتزاز بالتّراث المشترك الذي تحمله المدينة وهما تسعيان من خلال ورشات العمل المفتوحة للعموم والمعارض الابداعيّة إلى إثارة اهتمام النّاس بالثروات التي تحيط بهم.

 

عند عودتها إلى القاهرة سنة 2018 بعد سنوات من الدّراسة في مدينة برشلونة فُتنت نادين ونوران سامح بـ” المجمعة”، ذلك المبنى الإداري الذي هجره سكّانه السّابقون و انتقلوا إلى جزء جديد من المدينة.

أعجبت الشقيقتان بتفرّد المبنى والرمزيّة التي كان يحملها إذ كان يجسّد المخيّلة الحضريّة الجماعيّة وهو مفهوم شدّ انتباههما منذ مدّة:” كان المبنى يجسّد مركزا بيروقراطيّا لا شكّ في أنّ كلّ من يعيش في القاهرة أو يأتي إليها قد ذهب إليه مرّة على الأقلّ ولأنّه يطلّ على ميدان التّحرير فقد شهد المبنى من جانبه العديد من الأحداث السياسيّة على مرّ السّنين”.

 

تحريك العقول: الطّريق نحو الحفاظ على المناطق الحضريّة

كتبت الشقيقتان مقالا عبّرتا فيه عن آرائهما حول العديد من المحاور ومن بينها مستقبل تلك البناية وقدرتها على استيعاب المخيّلة الجماعيّة وكانت نادين ونوران ترغبان من خلال دراستهما في اختصاص الهندسة المعماريّة والتّصميم الحضري في تحويل فكرتهما إلى مشروع أكثر واقعيّة. في تلك الفترة، صادف أن اطّلعت الشقيقتان على المبادرات الثقافيّة والمدنيّة للشباب في المتوسّط وهو برنامج مموّل من الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تشجيع المشاريع المجتمعيّة والسياقيّة التي تعتمد نهجا تعاونيّا.

يتمّ تنفيذ المبادرات الثقافيّة والمدنيّة للشباب في المتوسّط في 9 بلدان من جنوب المتوسّط من بينها مصر ويسعى البرنامج إلى رفع وعي وقدرات الفنّانين الشبّان والتّعاونيّات والفاعلين الثقافيّين بشأن تنمية العمل الذي يستجيب إلى احتياجات السياق المحليّ والمشاركة المجتمعيّة في الأنشطة الثقافيّة و المدنيّة.

أكّدت نادين على أنّهما تريدان لفت الانتباه إلى كون الجميع، لا فقط المهندسين المعماريّين، مدعوّ إلى العناية بالمدينة وبمستقبل البنايات فيها وأشارت إلى أنّ المقال تحوّل إلى مشروع إبداعيّ كامل الأركان يحمل عنوان ” تجربة في المخيّلة الحضريّة المشتركة“.

بالنّسبة لنوران، شكّل المشروع سبيلا ” للانطلاق في تفكير مشترك بشأن ما نتقاسمه جميعا داخل المدينة وخلق الفضاءات وطريقتنا في استخدام تلك الفضاءات وكافّة الاحتمالات التي قد تفضي إليها على المستوى المعماري والأنثروبولوجي وغير ذلك”.

التّفاعل ضدّ الاغتراب الحضري

بدأت الشّقيقتان بتنظيم ورشات في المباني المهجورة بهدف “إعادة بناء العلاقة والتّفاعل بين المواطنين وفضائهم الحضري” وقالتا في هذا الصّدد: ” كان من المهمّ حقّا بالنّسبة لنا أن يطّلع النّاس على تلك الفضاءات عن كثب للتّفكير في مستقبلها على نحو حثيث ولما لا العناية بها”.

تعمل نادين ونوران من خلال الورشات المفتوحة للعموم على استكشاف المخيّلة المشتركة للفضاءات داخل المدينة باستخدام الوسائط البصريّة مثل ملصقات الصّور التي يعتبرون أنّها “تشكّل اللغة التي يفهمها جميع النّاس من شتّى المشارب والخلفيّات”.

كما عملتا على خلق أرشيف رقميّ لكافّة تلك المخيّلات: ” نعتبر أن تجميع هذا النّوع من الأرشيف يشكّل آليّة هامّة تمكنّنا من أن نطلع العالم على طريقة إدراك سكّان القاهرة لمدينتهم ولنحافظ على صدى صوتهم ولتوجيه دعوة للجميع لتقاسم مخيّلتهم”.

تعتبر الشّقيقتان أن ّبرنامج المبادرات الثقافيّة والمدنيّة للشباب في المتوسّط اضطلع بدور أساسيّ في تحقيق المشروع من خلال منحهما مجالا حرّا للتّعبير في إطار رحلتهما الابداعيّة.

تقول نادين:” لقد راودنا الشكّ أحيانا فيما يتلّق ببعض الأفكار لكن بعد الحديث مع غيرنا من المشاركين من مجالات مشابهة في بلدان مختلفة استرجعنا الثّقة وواصلنا انجاز المشروع لذلك نقول لكم لا تتركوا الشّكوك تمنعكم من المضيّ قدما في مشاريعكم ولا تنسوا أنّ النّجاح لن يأتي دائما بشكل سريع”.

أمّا نوران فقد أردفت و ابتسامة عريضة على محيّاها:” نحن نعتقد حقّا أنّ الهندسة المعماريّة هي ممارسة متعدّدة التخصّصات لا تتوقّف فور مغادرة مدرّجات الجامعة بل هي مسار متواصل”.

 

البرنامج

ثقافة داير ما يدور هو برنامج تعاونيّ ومترابط يمتدّ على أربع سنوات ويهدف إلى إرساء بيئة ثقافيّة حيويّة لخلق إطار ملائم للاندماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب في سبع بلدان في المنطقة العربيّة. يشارك الاتحاد الأوروبي في تمويله تحت مظلّة ” الشراكات الدوليّة”، برنامج دعم الشباب و الثقافة في الجوار الجنوبي.

المشروع

مبادرات ثقافيّة ومدنيّة للشباب هي واحد من المكوّنات الخمسة لبرنامج ثقافة داير ما يدور تتولّى تنفيذه المنظّمة غير الربحيّة التّونسيّة الشّارع فنّ. انطلق المشروع في شهر افريل 2021 وهو يسعى إلى تحسين النّفاذ إلى الثقافة وإطلاق حوار بين الثقافات عبر دعم المشاريع التّعاونيّة والفنيّة النّابعة من المجتمع المحلّي. يتولّى المشروع تحقيق أهدافه من خلال دعم مبادرات مدنيّة وثقافيّة يقودها الشباب عبر 32 منحة بحثيّة و 24 منحة انتاجيّة و عدد من الم

اقرأ في: English Français
العلامات
الشباب