استشار أحدُ المواطنين مهندسا في كيفية إصلاح أعمدة خرسانية في مسكنه الذي كان في طوْر البناء، بعد أن ظهرت فيها فراغات عميقة يُرَى من خلالها حديد التسليح، فما كان من المهندس إلّا أن ألقى عليه محاضرة طويلة تفلسف فيها عن هذه المشكلة الهندسية، فـدوَّخ بها رأس المواطن الذي هرع إلىَّ ينشد المساعدة!.
أنا أشفقْتُ على المواطن غير المُتخصّص في هكذا مشكلات، فجلبْتُ له مقاولا لتنفيذ حلّ عملي بسيط وسريع، فالفراغات هي «تعشيش» يُعالج بإزالة الخرسانة الهشّة من مناطق الفراغات، وتنظيف الحديد المكشوف، ثمّ تغطية المناطق بمواد كيماوية خاصة لحمايتها، وهكذا انتهى الموضوع على خير، وبتكلفة قليلة!.
ورسالتي من رواية هذه القصّة هي ما نشره الإعلام مؤخرا عن مُنتدى جدّة للموارد البشرية ٢٠١٧م، وتحدّث فيه محافظ هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة بطريقة نظرية وفلسفية طويلة عن البطالة، وبعبارات لا يُدرك كُنهها المواطن العاطل مثل: هناك ١٠٠ تحدّ أمام منظومة العمل، والمفاهيم الثقافية للأعمال، وبرامج الخدمة المجتمعية، والقيمة المُضافة، وبرامج التجسير، ممّا عجزْتُ أنا عن فهمه رغم ما أملكه من معلومات عن البطالة، ولو كنتُ مواطنا مُعطّلا عن العمل لقُلت للمحافظ: على رسلك يا أخ، أنا أريد وظيفة لا مسؤولا يُحاضر!.