الدول العربية, أخبار تحليلية

محللان سياسيان لبنانيان: بين 2006 و2016 ما تغير ليس "حزب الله" بل "سقط القناع"

تحدثا لـ "الاناضول" بمناسبة ذكرى حرب 2006: واتفقا على أن الازمة السورية نقطة تحول في "تآكل" مكانة الحزب في العالمين العربي والاسلامي

Jad Yatim  | 14.08.2016 - محدث : 14.08.2016
محللان سياسيان لبنانيان: بين 2006 و2016 ما تغير ليس "حزب الله" بل "سقط القناع"

Lebanon

بيروت / جاد يتيم/ الاناضول

يؤرّخ العام 2016 للذكرى السنوية العاشرة للعدوان الاسرائيلي على لبنان في العام 2006، الذي أعلن في نهايته أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله ان مقاتليه حققوا "النصر الإلهي" على اسرائيل، الى حد وصل ببعض الخبراء الغربيين في شؤون منطقة الشرق الاوسط الى اعتبار ان الحزب تحول بعد هذه الحرب الى قوة اقليمية.

لكن مكانة الحزب التي حظي بها يوما في العالمين العربي والاسلامي تآكلت الى حد بعيد بحلول العام 2016. وفي هذا السياق، قال محللان سياسيان لبنانيان، لـ "الاناضول"، ان "حزب الله" بين 2006 و2016 لم يتغير في الجوهر كمنظومة أمنية تابعة للحرس الثوري الإيراني، لكن ما تغير ان تورطه في الساحة السورية أدى الى "سقوط القناع" عنه بعدما راهن الكثيرون وخصوصا في الداخل اللبناني على تحوله الى حزب سياسي لبناني.


ويتفق المحللان على ان الازمة السورية وانخراط الحزب فيها كانت نقطة الفصل في هذا المجال، بل هي التي ستحدد مستقبله السياسي والامني والذي لا يبدو انه يتجه الى انتصار المحور الاقليمي الذي ينتمي اليه الحزب.

ورأى مكرم رباح، الكاتب والباحث السياسي، ان هناك قضايا داخلية وخارجية اثرت على صورة الحزب. واضاف رباح، المرشح لنيل شهادة الدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة جورج تاون الاميركية، ان "هناك قضايا داخلية اثرت سلبا على صورة حزب الله مثل انقلاب 7 ايار (مايو 2008، في اشارة الى اجتياح حزب الله لمدينة بيروت عسكريا حيث احتل المراكز الحزبية لخصومه السياسين وعلى رأسهم تيار المستقبل) واحتلال شوارع العاصمة والتعدي على المدنيين"، واردف "لم تكن هناك مقاومة عسكرية فعلية بوجه الحزب . وكانوا بكل بساطة يقومون بحماية دويلتهم الامنية".


واعتبر انه نتيجة لذلك بدا يفقد "حزب الله الشرعية الوطنية حيث ان البيئة الحاضنة اللبنانية التي كانت مستعدة لتأويي النازحين في حال تعرض الجنوب لهجوم اسرائيلي، هي في الوقت الحال غير موجودة وهذا امر تعيه قيادة حزب الله".

غير أنه شدد على ان من اهم "المفاصل في تاريخ حزب الله كانت الحرب السورية او الصراع السوري التي حولت حزب الله من منظومة مقاومة للعدو الصهيوني او اسرائيل الى ميليشيا تشارك في محاولة انقاذ حليف ايران في المنطقة" في اشارة الى النظام السوري. واضاف رباح: "لا يمكن لحزب الله ارسال مقاتلين للموت الى ما لا نهاية في سوريا، وتحوله الى منظمة تقوم بالمشاركة بالصراع الروسي الايراني في المنطقة كما ان جثث قتلاه العائدة من سوريا الى الجنوب ستؤثر في البنية الاجتماعية للطائفية الشيعية وبالتحديد مناصري حزب الله. لان النزيف الداخلي سواء بالنسبة للجرحى او القتلى ليس قليلا". وبحسب الباحث السياسي فإن "سوريا بطبيعتها مستنقع وهي اتون لاي ميليشيا واي تنظيم عسكري غير سوري يقاتل ضمن سوريا"، ووصف الحزب بأنه "قوة احتلال لانه يقاتل خارج ارضه، وقيادة حزب الله بالتحديد ومنذ بداية الصراع تردد انها غير معنية الحدود اللبنانية وان مقاتلي الحزب سيقاتلون ويتواجدون حيث يطلب منهم ذلك".

و"هذا امر - يتابع رياح - يرفضه الشعب اللبناني واعتقد ان الشيعة بدأوا يتساءلون لماذا نقاتل دفاعا عن بشار الاسد ونظامه؟"، معتبرا ان "الحاضنة الشعبية الشيعية للحزب تزعزعت لاكثر من سبب".

وفي السياق ذاته، رأي أيضا ان "حزب الله" فقد قدرة "توازن الردع" مع اسرائيل التي لطالما تغنّى بها "حيث ان الصواريخ التي يملكها لن تنفع لا ضد اسرائيل ولا سوريا وذلك بعد ان ذهب بملء ارادته الى سوريا وبالتالي استدرج الى حرب اقليمية اضعفته". واضاف سببا آخر لفقدان قدرة الردع عند الحزب وهو ان "هناك امرا يقيد حزب الله، وهو انه طالما ينتمي لمحور تكون فيها روسيا حليفته فهو سيكون غير قادر على بدء اي حرب ضد اسرائيل". واشار الى ان الحزب فقد صورته ومكانته في العالم العربي خصوصا انه "في مرحلة من المراحل حظي بمكانة التيار الناصري بمعنى العداء لاسرائيل (الذي زاد من شعبية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر) ولم يكن يلجأ لاستنهاض العداية السنية الشيعية. لكن محاولة حزب الله التعرض لسيادة بعض الدول ان كان في اليمن او البخرين خلقت نوعا من العداء والفتن وخلقت نوعا من الغضب السني والمسلم ضده، مع تبعيته لايران خصوصا مع القرار السعودي الواضح بالتصدي لكل محاولة لاضعاف حلفائها في المنطقة من لبنان الى سوريا والبحرية واليمن".

وحول ماهية التغيير الذي طرأ بين 2006 و2016 على حزب الله، راى رياح أن "الحزب كان واحدا في كل الاوقات. هو منظومة تتبع الحرس الثوري الايراني. وكن نحن كلبنانيين نظمح لأن يقوم حزب الله بفصل لبنان عن مخططاته الاقليمية وهذا لم يحصل. لذا فإن حزب الله لم يتغير بل ما تغير هو نظرة الناس اليه واكتشافه على حقيقته بعدما صارت مواقفه على المحك في المنطقة".
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي لقمان سليم، ان هناك "مرحلتين مهمتين تطبعان مسيرة حزب الله في العقد الاخير" موضحا أن "الاولى تبدأ من عام 2006 وما تلاه وكانت مرحلة مد حيث أمكن لحزب الله ان يتوسل بالحرب التي خاضها على حساب اللبنانيين (حرب تموز/يوليو 2006)، تلميع صورته محليا وعربيا واسلاميا".

واضاف سليم ان "هذه المرحلة بدأت تنتهي منذ قيام الحلف الثنائي الايراني – السوري والذي كان حزب الله شريكا فيه، وذلك في اعقاب الثورة السورية عام 2011. منذ ذلك العام تغير الميدان بالكامل". ورأى انه "لنعرف ماذا تغير في حزب الله يجب ان نسأل ماذا تغير على رقعة انتشار حزب الله عسكريا"، واوضح ان "حزب الله اعتاد ان يتوجه جنوبا نحو الحرب مع اسرائيل بكل مجهوده الحربي والاعلامي، والآن صار يتوجه شمالا الى شمال سوريا. هذا التغير في جغرافية المعركة يمكنه ان يدلنا على المستقبل الذي ينتظر حزب الله".


واشار الى ان "مصير حزب الله صار اذن متعلقا بالمنحى الذي يتخذه الصراع في سوريا وهو بالتأكيد وان طال ليس ذاهبا ليصب في مصلحة الحلف الايراني – الاسدي الذي ينتمي اليه حزب الله، وبالتالي لن ينتهي كما تشتهي ايران بترميم النظام الديكتاتور السوري".

لكن لماذا يستمر "حزب الله" في المعركة في سوريا فيما تتواصل خسائره على المديين القصير والطويل بشكل واضح؟ يعلق سليم: " الإجابة تردنا الى السؤال المفتاح: هل يملك حزب الله قراره؟ وهل صنع القرار يتم في حارة حريك (لضاحية الجنوبية لبيروت) ام في طهران؟". واضاف ان الكثير من المحللين وصانعي السياسات في الغرب "اعتقدوا ان حزب الله سيتخذ المسار الذي تتخذه قوى التحرر الوطني اي ان يميل من العنف الى الاتخراط في العملية السياسية (اللبنانية) مع الوقت لكن ما حصل انه عندما اراد الايراني التدخل في سوريا لحماية حليفه بشار الاسد، رأينا ان ايران أرسلت كتيبتها اللبنانية الى سوريا" في اشارة الى الحزب. وشدد على انه "بانخراطه في سوريا قضى حزب الله على كل فرصة للثقة به للعودة الى الانخراط في الحياة السياسية اللبنانية، ومهما كانت خطب قيادات حزب الله عالية النبرة فهذا لن يغير بأن ما يحصل في سوريا هو هزيمة كبرى ليس لحزب الله فحسب بل لكل ما بناه الشيعة من اعتناق للوطنية اللبنانية".


وحول ما اذا كان الحزب ما زال يحتفظ بقدرة الردع بوجه اعدائه وتحديدا اسرائيل، لفت سليم الى ان "قوة الردع لا تقاس بالمدفعية والصوراريخ. بالتأكيد حزب الله ما زال منظمة امنية قوية وربما يملك بأسا امنيا وعسكريا تقر به غالبية خصومه ومنهم اسرائيل". واستدرك قائلا: "اذا كتان الحزب جاهزا للردع الامني الآني قصير المدى، فهو ليس كذلك بالنسبة للردع الاستراتيجي طويل المدى"، واعطى مثلا "كيف يتصرف حزب الله ازاء التغيير الديموغرافي الراهن في لبنان نتيجة اللجوء السوري حيث جعل من السنة يصلون الى نحو 2.5 مليون نسمة مقابل نحو مليون شيعي فقط. هذا امر مواجهته تكون بسياسة طويلة الامد وليس بالغطرسة الامنية".

وخلص الى القول انه "بين 2006 و2016 خلع حزب الله القناع واسفر وجهه الحقيقي. كان بطلا لبنانيا وتحول الى مرتزق يعتاش ويأتمر بالقرار الايراني".

وأدى أسر "حزب الله" لثلاثة جنود اسرائيليين من منطقة حدودية جنوبية تقع خارج الحدود الدولية اللبنانية في 12 تموز/يوليو 2006 الى شن إسرائيل حربا انتقامية على لبنان برا وبحرا وجوا استمرت لـ 33 يوما لتنتهي في اواسط آب/اغسطس 2006 اثر صدور قرار مجلس الامن الرقم 1701 الذي اوقف "الاعمال العدائية" وعزز القوات الدولية لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل) وذلك بعد تهجير نحو مليون لبناني، ومقتل اكثر من 1000 غالبيتهم وجرح نحو 3000 آخرين غالبيتهم العظمى من المدنيين.

وحاليا، يستقبل لبنان اكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري مسجلين رسميا لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، بينما تشير التقديرات الحكومية الى ان العدد يتجاوز 1.5 مليون لاجئ.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın