icon
التغطية الحية

ثلاث رسائل مهمة لملتقى العشائر والقبائل

2021.04.11 | 23:16 دمشق

swrt.jpeg
رأس العين - سامر العاني
+A
حجم الخط
-A

لأوّل مرة منذ أن أسس مجلس القبائل والعشائر السورية يعقد ملتقى له في شرق الفرات التي انتزعتها قوات المعارضة السورية في معركة نبع السلام من أيدي قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، إذ إنّ تلك المناطق تعتبر الخزان البشري للعشائر ومناطق وجودها الأكبر.

انعقاد هذا الملتقى في شرق الفرات يعطي انطباعا واضحاً أنّ المجلس يُهيّئ للعب دور سياسي قادم مستندين على وجوده على أرضه التاريخية ومشاركته الفاعلة في تلك المنطقة، على اعتباره الأقدر على فهم طبيعة المجتمع واحتياجاته، ولذا جاء برسائل تعتبر الأهم منذ تأسيسه.

هيئة التفاوض السورية

التركيز على حضور رئيس هيئة التفاوض السورية ورئيس الحكومة السورية المؤقتة وعدم الإصرار على رئيس الائتلاف في العزوف عن قرار مقاطعته وفريقه للملتقى، يعكس فكرة أنّ المهمّة المقبلة المنوطة بالمجلس أكبر من كونها المشاركة في استحقاقات برلمانية على مستوى الائتلاف الوطني، وهذا ما أشار له البيان الختامي صراحة عندما يقول "شدد الحضور على ضرورة استعادة القبائل والعشائر السورية مكانتها التاريخية والاعتبارية التي تستحقها" ثمّ يأتي بعد ذلك التأكيد على ضرورة مشاركة مجلس القبائل والعشائر في الحياة السياسية مشاركة فعالة "والمشاركة في الاستحقاقات السياسية المقبلة".

مجلس القبائل والعشائر ممثّل أصلا في الائتلاف الوطني، ويمكنه بشكل طبيعي المشاركة في كل استحقاقات الائتلاف الوطني، وممثل أيضا في وفد المعارضة السورية إلى أستانا من خلال وجود رئيس الوفد المفاوض "أحمد طعمة" وهنا لا يبقى أمامه سوى هيئة التفاوض التي تعاني من عدم الوصول إلى حل في معضلة كتلة المستقلين، ويبدو أنّ الترتيبات تجري لطرح إضافة مكون للعشائر لتصبح الهيئة مشكلة من ثمانية مكونات وبالتالي فإنّ تغيير التوازنات لصالح المعارضة التي ترى في تركيا حليفا استراتيجياً يؤدي إلى إنهاء اعتبار كتلة المستقلين بيضة القبان في التوازنات.

يتطرق رئيس هيئة التفاوض السورية "أنس العبدة" في كلمته للملتقى حول التمثيل السياسي للعشائر بقوله: إنّ دور العشائر الوطني تدركه قوى الثورة والمعارضة، وهم جزء حيوي من هذه القوى، ولهم تمثيلهم في مؤسسات الثورة والمعارضة، ويلعب المجلس دوراً رائداً في التفاف الحاضنة الشعبية والثورية حول مؤسسات الثورة، لإنجاز دورها في تحقيق الانتقال السياسي في البلاد، عبر الإصرار على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، المتمثلة ببيان جنيف1 والقرار 2254.

الإدارة المدنية

إنّ أكثر من يعي احتياج أي منطقة هم أبناؤها، والأكثر فهما لطبيعة احتياج منطقة ذات وجود عشائري بالمطلق هم العشائر ذاتهم، وتلك كانت رسالة مجلس القبائل والعشائر الثانية في الملتقى، لذا فإن مشاركة العشائر في إدارة مناطقهم ضرورة أدركتها المؤسسة التنفيذية مبكرا وتسعى للعمل عليها، ويظهر ذلك جليا من خلال مشاركة رؤساء المجالس المحلية في ملتقى القبائل والعشائر السورية، وتأكيد رئيس الحكومة على ذلك خلال كلمته في الملتقى.

يقول رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى لـ "تلفزيون سوريا" إنّ الحكومة السورية المؤقتة تعمل على التعاون والتنسيق مع كل الهيئات والمجالس ذات التأثير المجتمعي ومنها مجلس العشائر والقبائل باعتباره ركيزة أساسية لإعادة بناء المجتمع وتطوره.

ويضيف "مصطفى" أنّه نظراً لما تتسم به العشائر من دور يجعلها مصدراً للعقل الجمعي والمساهمة في حل النزاعات والوقوف في وجه النزعات الانفصالية والعنصرية المقيتة ونبذ التعصب والكراهية والتطرف وتعزيز المواطنة والتضامن المجتمعي والقيم النبيلة وإرساء السلم الأهلي بين مكونات الشعب السوري وتهيئة الظروف المواتية لعملية النهوض والبناء فإن العشائر السورية الأصيلة قادرة وبكل ثقة على بناء الوفاق المجتمعي بين أطياف المجتمع السوري وقطع الطريق على العملاء الذين يعملون على إثارة الفوضى والكراهية وإذكاء النزعات اللا وطنية.

ويؤكدّ "مصطفى" على أنّ الحكومة السورية المؤقتة تسعى إلى تحسين ظروف حياة السكان وتطوير المنطقة، لاسيما مع الازدياد السكاني الملحوظ في المنطقة مما يشكل تحدياً كبيراً، يضاف إلى تحدٍّ أكبر يتمثل في التهديد الأمني المستمر الذي يعصف بالمنطقة عبر استهدافها من قبل الأحزاب الانفصالية الإرهابية بالملغمات والتفجيرات ضمن الأسواق والأحياء السكنية، فمنذ بداية العام 2021 شهدت المنطقة وبحسب إحصائية مديرية توثيق الانتهاكات وحقوق الإنسان في الحكومة السورية المؤقتة وقوع 27 عملية إرهابية عبر سيارات ودراجات نارية ملغمة وعبوات لاصقة نجم عنها استشهاد 12 مدنيا وجرح 14 شخصا آخرين. وكل ذلك الإرهاب بهدف إعاقة جهود التنمية وبث الذعر والإحباط في النفوس وضرب ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.

تصعيد ضد الوجود الإيراني

التصعيد ضد الوجود الإيراني أيضا كان واضحا وجليا من خلال مطالبة المؤتمرين العمل على إخراج الميليشيات المرتبطة بإيران غرب الفرات بمساعدة المجتمع الدولي، وهذا ما تضمنه البيان الختامي للمؤتمر أيضا.

يقول عضو الائتلاف الوطني السوري عن مجلس القبائل والعشائر السورية وعضو اللجنة الاستشارية للمجلس عامر البشير لـ "تلفزيون سوريا" إنّ العشائر هي الوحدة الاجتماعية التي واجهت عبر التاريخ كل المؤامرات التي حيكت ضد سوريا بشكل عام والجزيرة السورية بشكل خاص لذلك فإنّ أبناء العشائر مزودون بدروس تاريخية، فأجدادهم أخرجوا الفرنسيين من قبل والشواهد على دور العشائر كثيرة.

ويضيف أنّ أبناء العشائر في الوقت الراهن أيضا سيتصدون لكل محاولات إيران لتشييع منطقة الفرات وبوادر ذلك كانت جلية من بداية الثورة إذ تصدى الثوار لوجود إيران في دير الزور بتصديهم لحزب الله الذي يعتبر يد إيران في المنطقة التي نالها البتر من الثوار أبناء العشائر.

وتابع "البشير" أنّ أبناء العشائر تصدوا أيضا بالهمة نفسها لوجود عصابة ب ي د وتجلت أهم أوجه المقاومة لهذا المشروع الدخيل بالمظاهرات التي قام بها أبناء العشائر في ريفي دير الزور الغربي والشرقي وإحباط مخطط PYD في تدريس مناهج غريبة عن ثقافة المنطقة كان مؤشرا واضحا على مقاومة العشائر لكل المشاريع المافوق وطنية.

وحول أوراق القوة التي تمتلكها العشائر قال "البشير" تمتلك العشائر كثيرا من أوراق القوة لمواجهة المشروع الإيراني ومشروع الـ PYD ابتداء من تماسك العشيرة بمواجهة أي خطر يهدد تاريخها والمكان الذي أنجزت عليه تاريخها هذا من جهة ومن جهة ثانية الوعي الوطني الجمعي الذي تتمتع به العشيرة يعتبر من أهم أوراق مواجهة أي مشروع غريب عن الطرح الوطني.

ويؤكّد على أنّ وجود شيوخ ووجهاء وشخصيات اجتماعية ومثقفين من أبناء العشائر يحظون باحترام الأهالي ووعيهم بخطورة المشروعين الإيراني وPYD على وحدة سوريا يعتبر من أهم الأوراق التي تخول العشائر أن تكون طليعة مقاومة هذه المشاريع الغريبة عن المنطقة.

هي ثلاث رسائل مهمّة تتلخص في المشاركة بالاستحقاقات السياسية وتعزيز وجوده شرق الفرات والمطالبة بإنهاء وجود الميليشيات الأجنبية، إلا أنّ الرسالة الأهم على الإطلاق هي المشاركة في الاستحقاقات السياسية المقبلة التي يعتقد أنّها إشارة لطلب الدخول إلى هيئة المفاوضات، وليتم ذلك لابد من مشاركة فاعلة في الإدارة المدنية في مناطق شرق الفرات الخاضعة لعمل الحكومة السورية المؤقتة، وهذا ما قد يؤسس لنموذج جديد من الإدارة المدنية قائم على التعاون المشترك، يكون مقنعا للمدنيين في مناطق سيطرة النظام السوري والإدارة الذاتية الكردية على حد سواء.