Professional Documents
Culture Documents
الجهاز التربويّ بوصفه منظومة تشكيل الهوية الدّرزيّة- الإسرائيليّة والسيطرة عليها
الجهاز التربويّ بوصفه منظومة تشكيل الهوية الدّرزيّة- الإسرائيليّة والسيطرة عليها
1
مقدمة
ليست مقاربة الجهاز التربوي ،من حيث كونه آلية لممارسة لعنف والرقابة وأداة إلعادة هندسة الهوية والوعي،
ظاهرة جديدة .فالسلطة ،الواعية لماهيّة وجودها بوصفها أداة لبناء الواقع (بحسب بيير بورديو) تدرك بأن بقاءها
(كبنية رمزية ذات وظيفة معرفية) وبقاء مشروعيتها وهيمنتها ،مشترط باحتكارها للعنف (سواء العنف المادي أو
الرمزي) ،يصيب هذا العنف البنية االجتماعية في كل حقولها .في هذا السياق يتمأسس النظام التربوي من أجل
المحافظة على النفوذ الثقافي للسلطة المهيمنة ،لمنح المشروعية للثقافة المسيطرة .وبهذا المعنى ،يمارس الجهاز
سخ شرعيته.
التربوي عنفا رمزيا ،ألنه يفرض ثقافة الطبقات المهيمنة وير ّ
من هذا المدخل ،يمكن مقاربة مقال د .رباح حلبي ،وهو محاضر كبير في كلّية أورانيم ،ومحاضر أي ً
ضا في قسم
التربية في الجامعة العبرية في القدس .يبحث المقال (المنشور سنة 2017بالعبرية في األصل في مجلة גילוי דעת)،
في قضية سيطرة الدولة على الجهاز التربوي ،وفرض الرقابة على الطائفة الدرزية ،والسعي إلى خلق هويّة تتالءم
مع رؤية دوائر صنع القرار اإلسرائيلي تجاه أبناء الطائفة.
يسلّط حلبي في مقاله الضوء على الجهاز التربوي في القرى الدرزية ،من خالل عملية ُ
شرع فيها قبل النكبة،
وتصاعدت وصارت سياسة رسمية ذات محددات واضحة منذ سنة ،1976وهي السنة التي شهدت التغييرات الكبرى
(وصفت
في كل من المناهج المدرسية والبنية التربوية في القرى الدرزية ،في إطار السعي إلى اجتراح هوية طائفية ُ
أيضا بالقومية ،في إطار محاكاة نموذج الدين القومي اليهودي) منفصلة عن جذورها العربية ،وذلك رغم معارضة
ملحوظة من جانب المجتمع والهيئات الدينية الدرزية.
وتماما كما هو الحال لدى فرض قانون التجنيد اإلجباري على الشبان الدروز في قرى الكرمل والجليل سنة ،1956
تمس فحسب المناهج
ّ لم تأبه السلطة اإلسرائيلية لمعارضة كل من المجتمع والقيادة الروحية للتغييرات التي لم
والهيكلية التربوية ،بل وصلت في بعض األحيان إلى فرض رواية دينية تتعارض والرواية الدينية المقبولة في منهج
"التراث الدرزي" وتسخير هذه الرواية من أجل ترسيخ فكرة انفصال الطالب الدرزي عن فضائه العربي
والفلسطيني.
2
لقد نجحت السياستان :التجنيد اإلجباري ،وفصل المنظومة التربوية للدروز ،في خلق هوية درزية في أوساط الدروز
الفلسطينيين .لكن حلبي يشير ،في نهاية مقاله ،بأن هذه السياسة قد خلقت أزمة هوية لدى الشباب الدرزي ،بلغت حدّ
اإلحباط ،ألن توقع اندماج الدروز في دولة تطلق على نفسها اسم "دولة اليهود" ،لم يقترن بطبيعة الحال بإلغاء
التمييز ضدّهم في مختلف المجاالت.
ملخص
3
مدخل
يعدّ ك ّل من التعليم والجهاز التربو ّ
ي وسيلة للسيطرة االجتماعيّة والسياسيّة .إذ تخلق المجموعة المهيمنة ،بواسطة
صة بها تتيح لها حفظ مكانتها االقتصاديّة وتفوقها الثقافي واألخالقي
سسة المدرسة والمنهاج الدراسي ،رواية خا ّ
مؤ ّ
المفترض .تسيطر هذه المجموعة على مجمل العمليّة التربويّة :من خالل الفصل بين المعرفة الشرعيّة وتلك غير
الشرعيّة ،في مسح معرفة "اآلخر" أو في إقصائها إلى خارج الحيّز المدرسي ،وفي تقديم المعرفة التي تعتبرها
سسة شرعيّة بوصفها معرفة محايدة& Apple, 2013; Giroux, 1987; Freire, 1997; Freire( .
المؤ ّ
.)Macedo, 1995
نعلم بأن التعليم ليس هو ما يصمم المجتمع؛ بل إن العكس هو الصحيح ،فالمجتمع هو ما يصمم التعليم وفقا لمصالح
من يملكون القوة .وعلى هذا النحو ،فإنه ال ينبغي لنا أن نتوقع بأن تكون العمليّة التربويّة رافعة للتغيير [ ]....وسيكون
من السذاجة أن نطالب الطبقة المسيطرة بفرض نوع من التعليم الذي من شأنه أن يعمل ضدها [ ]....من وجهة نظر
الطبقة المسيطرة ،ذات النفوذ في المجتمع ،فإن الدور الرئيسي للعمليّة التربويّة يتمثل في حفظ األيديولوجيّة المسيطرة
(فريري وشور ،1990 ،ص.)48.
عبر دراسة حالة الدّروز في إسرائيل ،سأقوم في هذا المقال بدراسة مسألة تغيير هويّة مجموعة عرقيّة تعيش تحت
ي .وسوف أدرس األمر من خالل الكشف عن العمليّة التي
سيطرة الدّولة بواسطة سيطرة الدّولة على الجهاز التربو ّ
ي سنة ،1976ومن خالل تحليل المناهج الدراسيّة
ي العرب ّ
أدت إلى فصل المدارس الدّرزيّة عن الجهاز التربو ّ
الجديدة التي ت ّم إدخالها إلى المدارس الدّرزيّة بدال من تلك التي كان معموال بها في المدارس العربيّة .وسأحاول فهم
اآلليّة التي ت ّم وضعها لتنفيذ هذا كلّه ،وسأرى كيف استخدمت الدّولة نظام التعليم في القرى الدّرزيّة كخطوة تكميليّة
لتطبيق قانون التّجنيد اإلجبار ّ
ي على الدّروز سنة 1956من أجل فصلهم عن سائر العرب.
4
ي عن
ي الدّرز ّ
يتمثل الهدف من هذه الدراسة في تشخيص األسباب والظروف التي أدّت إلى فصل التعليم العرب ّ
ي ،وتحديد األهداف التي ت ّم من أجلها إنشاء لجنة تربية للدّروز ،وطرائق عملها ،وكيفيّة دمج
ي غير الدّرز ّ
العرب ّ
ي .ويرتكز هذا البحث إلى قراءة منهجيّة أهداف الدّولة مع مصالح أبناء ّ
الطائفة ،خصوصا مع مصالح التلميذ الدّرز ّ
ي منذ سنة ،1976والتي حلّت محل الكتب التي كانت
في الكتب المدرسيّة التي ت ّم إدخالها إلى نظام التعليم الدّرز ّ
تستخدم في هذا النّظام من قبل.
ي ككل في إسرائيل ،ولكن بحسب علمي ،لم يتم التطرق إلى لقد ُكتبت مقاالت مماثلة عن الجهاز التربو ّ
ي العرب ّ
سياسة التربويّة
ي في القرى الدّرزيّة .يأتي هذا المقال ،من هذه الناحية ،الستكمال الصورة في سياق ال ّ
الجهاز التربو ّ
الممارسة تجاه العرب في إسرائيل ،وللتأكيد على استخدام التعليم بوصفه أداة سياسيّة في قبضة الدّولة من أجل
السيطرة على األقلّيّة العربيّة ومن أجل خلق هويّة منقسمة منفصلة عن جذورها وتاريخها.
5
ي ،أي أقل من %1من سكان فلسطين .ونظرا
عاش هنا ،لدى بداية نشاط الحركة الصهيونيّة ،نحو 7آالف درز ّ
لكون هؤالء أقليّة ال تذكر وتعيش وسط أغلبيّة مسلمة ،فقد عانى الدّروز في أكثر من مرة من المضايقات والتنكيل
ي-
على خلفيّة دينيّة .هذه المضايقات ،وغياب قيادة فكريّة دفعتهم إلى اتخاذ موقف محايد تجاه النزاع الصهيون ّ
ي الذي كان آخذا في التصاعد .وقد تبنّت هذا الموقف ،أساسا ،القيادة الدينيّة ،التي رأت في ال ّ
صراع الفلسطين ّ
ي صراعا دينيّا بين اليهود والمسلمين .وبسبب هذا الموقف المحايد ،انضم أفراد معدودون فقط
ي -الفلسطين ّ
الصهيون ّ
إلى الثّورة العربيّة في حربها ضد الحركة الصهيونيّة .وهذا بالذات ما أدى إلى تفاقم العالقات المتوتّرة أصال بين
الدّروز وسائر الفلسطينيّين (.)Parsons, 2000
فرو بأن الخالف بين الدّروز وبقيّة العرب في فلسطين قد ت ّم استغالله من قبل الحركة الصهيونيّة،
يقول المؤرخ قيس ّ
وبأن األخيرة قد شجعت الدّروز بجميع الطرق الممكنة على التمسك بموقفهم المحايد ،بل وحاولت استقطابهم إلى
صراع .ويشير فرو إلى أن المسؤولين عن بدء العالقات بين الحركة الصهيونيّة والدّروز كانوا إسحق
جانبها في ال ّ
بن تسفي ،الذي صار الحقًا رئيس للدولة ،وآبا حوشي ،الذي كان رئيسا لبلديّة حيفا ،وذلك بواسطة صالح خنيفس
من شفاعمرو ،ولبيب أبو ركن من عسفيا ،وهم أبناء عائلة شيخين قتال على يد العرب سنة 1939أثناء الث ّورة
الفلسطينيّة الكبرى (فرو 1982؛ .)Firro ,1992
الرغم من الجهود ّ
الطائلة التي بذلتها الحركة الصهيونيّة الستقطاب الدّروز إلى جانبها ،إال أن الدّروز قد وعلى ّ
التحول في هذا الموقف قد
ّ حافظوا على موقفهم المحايد طيلة الحرب ،حتى خالل حرب .1948وقد كانت نقطة
ي
س ّجلت في حرب االستقالل ،في الحرب الدّائرة حول رمات يوحانان (أيّار /مايو )1948حين استسلم اللواء الدّرز ّ
اآلتي من سوريّا ،والذي قاتل "الهاجاناة" قد وانسحب ألسباب غير واضحة حتى اليوم .لقد انسحب غالبيّة جنود هذا
اللواء ،مع قائدهم شكيب وهاب ،إلى سوريّا ،وظ ّل قلة منهم وانضموا إلى الـ "هاجاناة" ،وقد حصل ذلك بوساطة
من كل من خنيفس وأبو ركن .بد َءا من تلك اللحظة ،تغيّر الموقف المحايد ،وقد تمكنت المجموعة التي يقودها هذين
ي (.)Parsons, 2000 ال ّ
شخصين من قلب الميزان لصالح الجانب اليهود ّ
سسة العمل بسياستها المتمثّلة في فصل الدّروز عن سائر العرب ،كأداة لتفكيك وإضعاف
بعد قيام الدّولة ،واصلت المؤ ّ
األقليّة العربيّة الفلسطينيّة والسيطرة عليها .وفي العام ،1956ت ّم تطبيق قانون التّجنيد اإللزامي للجيش اإلسرائيل ّ
ي
الطائفة وقيادتها ،وخصوصا قيادتها السياسيّة (زيدان .)2015 ،مثّلعلى الدّروز ،خالفا إلرادة وموقف غالبيّة أبناء ّ
تحول ها ّمة في تشكيل هويّة أبناء ّ
الطائفة في إسرائيل من ناحيتين أساسيّتين :من الناحية تجنيد الدّروز نقطة ّ
االجتماعيّة -السياسيّة ،حيث تعامل غالبيّة العرب مع األمر بوصفه سكينا في ظهر األمة العربيّة (حلبي)2005 ،؛
تحولت الخدمة العسكريّة في الغالب إلى الركيزة االقتصاديّة األساس ألبناء ّ
الطائفة .إن ومن الناحية االقتصاديّة ،إذ ّ
6
نحو نصف أبناء ّ
الطائفة ( )%42يعملون في وظائف مختلفة في قوات األمن اإلسرائيليّة :الشرطة ،وحرس الحدود،
ومصلحة السجون ،والجيش (حسن.)1992 ،
مجلس
ٍ ولترسيخ هذا الفصل ،ت ّم سنة 1957االعتراف ّ
بالطائفة الدّرزيّة بوصفها طائفة دينيّة مستقلة ،وقد ت ّم تشكيل
ضا في وزارة الداخليّة،
ي ومحاكم شرعيّة درزيّة .وسنة ،1962طرأ تغيير على تسجيل السكان الدّروز أي ً
ي ٍ درز ّ
دين ّ
ي" في فئة القوميّة في كل من بطاقات هويّة وميالد الدّروز .منذ تلك اللحظة لم
ي بـ "درز ّ
وتم استبدال توصيف عرب ّ
سياسة ،ت ّم سنة 1976
وكاستمرار لهذه ال ّ
ٍ يعد يُنظر إلى الدّروز بوصفهم عربا من ناحي ٍة رسميّة (أوبنهايمر.)1979 ،
ي منفصل شغل المناصب في
ي ،وت ّمت إقامة جهاز تربو ّ
ي في القرى الدّرزيّة عن نظيره العرب ّ
فصل الجهاز التربو ّ
ي- ي ،دروز .وقد بذلت جهود مكثّفة ومو ّجهة في هذا الجهاز التربو ّ
ي لبناء الوعي الدّرز ّ معظمها ،بشكل أساس ّ
ضا الدفع بالفتى والفتاة الدّروز إلى التّماهي مع
ي لدى التّالميذ والتّلميذات .هذا الوعي ،الذي استهدف أي ً
اإلسرائيل ّ
الدّولة ورموزها ،بُني على التأكيد على القواسم المشتركة بين الدّروز واليهود ،وعما يفصل بينهم وبين سائر العرب
وباألخص المسلمين (حلبي.)1997 ،
ّ
7
معارضة للتجنيد .في آذار/مارس ّ 1956
نظم الشيخ فرهود ،وهو رجل دين مه ّم ومن زعماء معارضي التّجنيد،
مؤتمرا من هذا النوع (زيدان)2015 ،
ً
مع مرور السنوات ،تضاءلت مقاومة التّجنيد ،لكنها ظلت موجودة بصور مختلفة وبكثافات مختلفة طيلة الوقت .ش ّكل
سنة 1971الشيخ فرهود لجنة المبادرة الدّرزيّة ،التي عقدت لواءها على معارضة قانون التّجنيد اإلجبار ّ
ي للدّروز.
وقد انضم إلى اللّجنة الكثير من المثقفين الدّروز ،وتصاعدت قوتها .سنة 1973نجحت اللّجنة في جمع نحو 10
آالف توقيع على عريضة تطالب بإلغاء قانون التّجنيد اإللزامي للدّروز ،وتم إرسالها إلى كل من وزير الدفاع ورئيس
الحكومة (القاسم1995 ،؛ حلبي.)1997 ،
في أعقاب أنشطة لجنة المبادرة الدّرزيّة ،وكذلك في أعقاب زعزعت ثقة الكثير من الدّروز بالدّولة ،وبنواياها
ي :لجنة أكاديميّة برئاسة
الحقيقيّة من وراء الدمج ،ت ّم تشكيل لجنتين للتحقيق في أسباب استياء الشباب الدّرز ّ
بروفيسور غابرييل بن دور من جامعة حيفا ،ولجنة برلمانيّة برئاسة عضو لجنة الداخليّة البرلمانيّة آنذاك ،عضو
الكنيست أبراها ّم شاخطرمان .ور غم اختالف األرضيات التي انطلقت منها اللجنتين واختالف تركيبتيهما ،إال أن
ي على اللّجنة البرلمانيّة ،وذلك ألن
استنتاجاتهما وتوصياتهما كانت متشابهة .وسأركز في هذا المقال بشكل أساس ّ
صلت إليها لجنة شاخطرمان كما يلي:
توصياتها المتعلقة بالتعليم قد نفذت حرفيا .كانت خالصة االستنتاجات التي تو ّ
ي ،وقد قامت بالقليل في "تعتقد اللّجنة بأن دولة إسرائيل لم تقم بما يكفي في مجال تعليم الوعي الدّرز ّ
ي -اإلسرائيل ّ
ي .لقد أدى األمر إلى إلحاق الضرر
ي -اإلسرائيل ّ
مجال التربية والدعاية في أوساط الفتية الدّروز لتعزيز الوعي الدّرز ّ
يسرع ي على جميع أبناء ّ
الطائفة الدّرزيّة أن ّ بالدّولة وبصورتها .كان من المفترض بأن تطبيق قانون التّجنيد اإلجبار ّ
ي بوصفه أساسا أيديلوجيّاي -اإلسرائيل ّمن قيام دولة إسرائيل بتشجيع المتعلمين على تطوير أسس الوعي الدّرز ّ
تفسيرا منطقيًّا وخلفيّة نفسيّة وأيديولوجيّة لمسألة تماهيه الكامل مع الدّولة ،واستعداده
ً ي وتفكيريًّا يمنح ال ّ
شابّ الدّرز ّ
ي".
للمحاربة في سبيلها والحفاظ في ذات الوقت على فرادته كدرز ّ
هذا ،وقد قدّمت اللّجنة العديد من التوصيات المتعلقة بجميع مجاالت حياة الدّروز في إسرائيل ،وكان فحواها يتعلق
باالستثمار في البنى التحتيّة ،والتوظيف ،والتجارة ،واالقتصاد في قرى الدّروز لغرض تقليص الفجوات بينهم وبين
السكان اليهود .بل إن اللّجنة قد أوصت حتى بإقامة قرية درزيّة ،إلى جانب تغيير النّظام التعليم ّ
ي .ولم يتم تطبيق
ي ،كالتالي: غالبيّة توصيات اللّجنة ،باستثناء التوصيات المتعلقة بالجهاز التربو ّ
ي ،وهي ،بشك ٍل أساس ّ
8
خاص من المتعلمين الدّروز واليهود لالهتمام بمسألة التعليم في أوساط ّ
الطائفة الدّرزيّة؛ .2تغيير ّ " .1تشكيل فريق
ي؛ .3تبديل
ي-اإلسرائيل ّ
ي في مدارس القرى الدّرزيّة حيث يتم التركيز فيه على أسس الوعي الدّرز ّ
المنهاج التعليم ّ
طاقم المعلمين والمربين في هذه القرى بحيث يصبح غالبيتهم من أبناء ّ
الطائفة الدّرزيّة؛ .4تتم دعوة ضباط دروز
كبار في الجيش ،ومعاقين من معاقي الجيش من أبناء ّ
الطائفة الدّرزيّة لكي يلقوا محاضرات أمام الصفوف العالية
حول خدمتهم في الجيش لغرض تسهيل استيعاب الجنود الشباب ،تمهيدا لتجنيدهم؛ .5ستوعز وزارة التربية والتعليم
ي
بأن يتم التعليم في جميع المدارس الدّرزيّة حول وجود حلف دم وشراكة في المصير بين كل من الشعب اليهود ّ
ّ
والطائفة الدّرزيّة".
وعلى عكس توصيات العديد من اللجان البرلمانيّة التي ال تطبق ،فقد قبلت الحكومة بتوصيات لجنة شاخطرمان
وطبقتها على الفور .تلك اشارة إلى مدى أهميتها للدولة ومؤسساتها ،وإلى مدى أهميّة تهدئة االوضاع في الشارع
ي كان
ي وتعزيز الدافعيّة باتجاه الخدمة العسكريّة .وسرعان ما ت ّم تشكيل لجنة برئاسة سلمان فالح ،وهو درز ّ
الدّرز ّ
ي ،حيث شرعت هذه اللّجنة بتطبيق
آنذاك مفتشا في وزارة التربية والتعليم في مجال اللغة اإلنجليزيّة في الوسط العرب ّ
توصيات لجنة شاخطرمان حرفيا ومن دون أيّة مراعاةٍ لإلجراءات المعمول بها أو لرغبة أبناء ّ
الطائفة (حلبي،
.)1997وكانت هذه اللّجنة التي تش ّكلت بروح توصيات لجنة شاخطرمان ،قد وضعت نصب عينيها مه ّمة خلق وعي
ي وإلى ي العرب ّ
ي لدى التلميذ ،ولتحقيق هذا الغرض سعت إلى فصل المدارس عن الجهاز التربو ّ ي -إسرائيل ّدرز ّ
صة بالتّالميذ
ي بدال من ذلك .وقد تمثلت وظيفة المنظومة الجديدة في إنشاء مناهجٍ تعليميّ ٍة خا ّ
تشكيل لجنة للتعليم الدّرز ّ
الدّروز ،بحيث تتالءم مع الهويّة الجديدة التي سعت إلى منحهم إياها .وأوال وقبل كل شيء ،اهت ّمت اللّجنة بإنشاء
أن هذه اللّجنة درة التاج في هذا المشروع :موضوع التّراث الدّرز ّ
ي .ومن المفهوم ّ مساق تدريسي جديد يكون بمثابة ّ
قد تشكلت بتوجيهات من وزير التربية والتعليم آنذاك ،أهارون يدلين ،وبمرافقة ممثلين عن وزارته .وفي اجتماع
اللّجنة األولى حضر رئيس قسم السكرتارية التربويّة من وزارة التربية والتعليم ،مئير آيلي ،وبحسب محضر الجلسة،
كان هذا الرجل هو المحرك الحقيقي في الجلسة وهو الذي أصدر توجيهاته إلى المشتركين بشأن كيفيّة العمل من
أجل تطبيق توصيات لجنة شاخطرمان (وزارة التربية والتعليم.)1975 ،
9
"التّراث الد ّ
ّرزي" :وسيلة لخلق هويّة درزيّة جديدة
قد خصصت االجتماعات األولى للفريق المكلّف بإعداد المنهاج ،برئاسة سلمان فالح ،الذي ترأس في ذلك الحين
ضا منصب رئيس لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة التابعة لوزارة التربية والتعليم ،للمناقشات بشأن المساق الجديد،
أي ً
والمضامين التي يليق أن تُعلم في إطاره ،وفي أيّة صفوف ينبغي تدريسه ،ومن هم المعلمون الذين سيقومون بتدريسه.
وفي االجتماع الثالث للجنة صدر القرار بأن يتم تعليم مساق التّراث الدّرز ّ
ي في الصفوف من الثاني إلى الثاني
عشر ،بواقع ساعتين أسبوعيتين لكل صف ،وبأن يتم امتحان تالميذ الثانويّة في هذا المساق في امتحانات الثانويّة
العامة (البغروت) بواقع وحدتين تعليميّتين .وكان االتجاه يتمثل في الشروع في تعليم المساق في جميع الصفوف
دفعة واحدة ،ولذا صدر القرار بتأليف ثالثة كتب للمراحل الدراسيّة الثالثة :االبتدائيّة ،واإلعداديّة ،والثانويّة( .وزارة
التربية والتعليم 1976 ،أ).
وقد طرحت في اجتماعات اللّجنة مقترحات لمضامين حول موضوعين :أولهما ،العادات ،واآلداب ،والزعماء،
بالطائفة الدّرزيّة؛ وثانيهما :العالقة بين أبناء ّ
الطائفة الدّرزيّة من جهة ،وبين اليهود ّ واألعياد ،وغيرها مما يتعلق
ودولة إسرائيل من جهة ثانية .وقد اقتُرح أن تُشمل كتب عن الدّروز الذين يخدمون في الجيش اإلسرائيل ّ
ي ،والجنود
الدّروز الذين حصلوا على أوسمة الشرف ،ومن قتلوا في سياق نشاطهم العسكري ،وعالقة الدّروز واليهود إبان
ي .وفيما يتعلق بالموضوع األول ،لم تظهر في اللّجنة خالفات .أما حقبة االنتداب ،والتّجنيد اإلجبار ّ
ي والوعي الدّرز ّ
الموضوع الثاني فقد عارضته فئة قليلة ،لكن تلك األصوات كانت أصوات معدودة ولم يكن لها وزن في اللّجنة
(وزارة التربية والتعليم 1976 ،ب).
صدر القرار بأن يقوم معلمون دروز بتعليم المساق ،ولكن كان هنالك نقاش إن كان يجب أن يكون أولئك رجال دين
عارفين بالموضوع ،أو معلمون ذوي معرفة تربويّة يتم تأهيلهم لألمر .وبناء على توصية وزارة التربية ،فقد صدر
ي) في إطار
القرار بأن يتم تمرير حصص التربية الدينيّة لتالميذ المرحلة االبتدائية في الخلوة (مكان العبادة الدّرز ّ
ي ابتداء من الصف السابع في المدارس .وكان هذاي ،على أن تقام حصص التّراث الدّرز ّ
مساق التّراث الدّرز ّ
المخطط مشترط بمصادقة الشيخ أمين طريف ،الزعيم الروحي ّ
للطائفة في تلك األيام .وعلى أي حال ،فقد صدر
ي في المدارس الدّرزيّة ابتداء من السنة الدراسية 1977 القرار بالشروع في تعليم التّراث الدّرز ّ
ي كمساق تربو ّ
(وزارة التربية والتعليم.)1977 ،
10
في تشرين أول/أكتوبر من سنة ،1977أي بعد نحو شهر من الشروع في تعليم مساق التّراث الدّرز ّ
ي ،عقدت جلسة
للقيادة الروحية مع فالح ،رئيس لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة ،وصدرت فيها القرارات التالية:
"( )1يلتزم السيد سلمان فالح منذ اآلن فصاعدًا ،بأن ال يتم تعليم مساق التّراث الدّرز ّ
ي في المدارس الرسمية في
ي؛ ( )3يلتزم السيد فالح بعدم
ضا بعدم تعليم أي أمر يتعلق بالدين الدّرز ّ
القرى الدّرزيّة؛ ( )2يلتزم السيد فالح أي ً
التعليم عن األنبياء ،األماكن المقدسة ،وال ّ
شخصيات الدينيّة الدّرزيّة؛ ( )4تسمح القيادة الروحية بالتعليم عن اآلداب
ي ،التي ال عالقة لها بالديانة الدّرزيّة (حلبي .1997 ،ص".)74-73.
واألخالق الدّرزيّة ،والتاريخ الدّرز ّ
ظلت هذه القرارات حبرا على ورق ،وواصلت المدارس الدّرزيّة تعليم مساق التّراث الدّرز ّ
ي كما خطط لألمر.
ولربما بسبب الموقف الثابت لرجال الدين بهذا الشأن ،قامت وزارة التربية والتعليم بطلب بحث برئاسة "شيفح
ايدن" ،الذي كان يشغل في ذلك الحين منصب مدير مركز المناهج التدريسية في وزارة التربية والتعليم ،لكي يدقق
في القيم المقبولة على أبناء ّ
الطائفة الدّرزيّة ،والتي من شأنها أن تخدم بوصفها ركيزة للمناهج الدّرزيّة في مجال
التّراث الدّرز ّ
ي في المدارس الدّرزيّة .وتقديراتي هنا هي أن وزارة التربية والتعليم قد توقعت أن تحصل بواسطة
ي الواسع ،وأن تتمكن بذلك من االلتفاف على فيتو القيادة الروحية.
هذا البحث على شرعية من جانب الجمهور الدّرز ّ
ي ،إلى مركز المناهج الدراسية في
وقد ت ّم تقديم تقرير البحث ،الذي ارتكز على عينة تمثيلية من المجتمع الدّرز ّ
وزارة التربية والتعليم سنة .1979ومن ضمن االستخالصات ظهر بأن هنالك اتفاق واسع بين المستطلعة آراؤهم
بشأن أربعة مواضيع فقط ،بوصفها الئقة بأن يتم تدريسها في مساق التّراث الدّرز ّ
ي :اإلنسان ومعتقداته ،اإلنسان
وطائفته ،اإلنسان وعائلته ،واإلنسان وصديقه (أيدن ،وولف ،وعزام.)1979 ،
وقد ورد في التلخيصات التي كتبها القائمون على البحث ،بشكل واضح:
11
وبناء على هذا البحث ،ترتبط المواضيع األساسيّة الالئقة بأن يتم تعليمها في مساق التّراث الدّرز ّ
ي بالديانة الدّرزيّة
وبما يميز ّ
الطائفة بوصفها طائفة دينيّة ،ال شعبا .إال أن القيادة الروحية الدّرزيّة كانت مصرة على معارضتها على
تعليم كل ما يتعلق بالدين .ولذا فإن ما ظل ممكن التحقق من ناحية المضامين كان المواضيع العامة ،كالعالقات بين
اإلنسان وصديقه ،وبين اإلنسان وعائلته.
يُظهر الفحص الدقيق لكتب التّراث التي ت ّم إدخالها إلى المدارس الدّرزيّة بأن من كتبوا هذه الكتب قد تجاهلوا االتفاق
المعقود بين اللّجنة وبين الزعماء الدينيّين برئاسة الشيخ أمين طريف ،كما تجاهلوا نتائج الدراسة التي كانت وزارة
التربية والتعليم قد طلبتها بنفسها .كان هدف هذه الكتب تطبيق توصيات لجنة شاخطرمان فيما يتعلق ببناء هوية
ي ،من خالل التركيز على حلف الدم والشراكة في المصير بين الدّروز واليهود.
ي إسرائيل ّ
ووعي درز ّ
كما تشير مطالعة الكتب إلى أن الهدف الذي ت ّم من أجله خلق مساق التّراث الدّرز ّ
ي يتمثل في خلق وعي وهوية
درزيّين جديدين ،يتمثل كنهه في فصل العالقة مع عروبة الدّروز وفي تعزيز عالقتهم باليهود .وهكذا ،فإن نصف
كتاب األعياد (فالح وعزام ،)1997 ،المخصص للتدريس عن األعياد الدّروز :عيد زيارة مقام النبي شعيب ،عيد
األضحى ،عيد زيارة مقام النبي الخضر ،وعيد زيارة مقام النبي سبالن ،مكرس لعيد النبي شعيب ،رغم أن عيد
األضحى كان هو عمليا العيد الوحيد لدى الدّروز ،فيما كانت باقي المناسبات ال تعني سوى الحجيج إلى مقامات
األنبياء .وفي نظرة معمقة يتضح السبب وراء هذا األمر :إذ أن غالبيّة النصوص المتعلقة بمقام النبي شعيب تتمحور
حول العالقة بين النبي شعيب والنبي موسى ،ولكون شعيب قد قام بتزويج ابنته صفورة إلى النبي موسى .وقد تكررت
عبارة "شعيب حمو موسى" 11مرة .وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هذه الرواية توراتية ،وإلى أن غالبيّة النصوص
في هذا السياق مقتبسة بالفعل من التوراة ،في حين أن الرواية الدينيّة الدّرزيّة حول األمر مختلفة في كنهها .وبناء
على هذه الرواية ،فإن النبي شعيب لم تكن لديه أصال بنت ،وذلك ألن أنبياء الدّروز ال يتزوجون ،وبالتالي فإنه لم
يقم بتزويج ابنته المفترضة لموسى .إن هذه الرواية معروفة لمؤلفي الكتاب ،لكنهم يستعرضونها بتواضع شديد من
خالل أربعة سطور فحسب (المصدر السابق ،ص.)24 .
يتكرر هذا التوجه بصورة أكثر علنية وبروزا في كتاب اقتباسات من التّراث الد ّ
ّرزي (فالح وعزام:)1983 ،
ضا
"هنالك جانب آخر من الشبه بين الدّروز واليهود ،وهو مصير الشعبين بوصفهما أقليتين ،وذلك ألن الدّروز أي ً
قد عانوا من المالحقة واالضطهاد من قبل الغالبيّة .لقد كانوا دائما أقلية بين المسلمين أو المسيحيين ،وألنهم أقلية فقد
عانوا من قمع دائم ،وصل في بعض األحيان إلى حد المجازر التي ت ّم تنفيذها بحقهم .وهذا كلّه يقرب الدّروز إلى
مصير األقلية اليهوديّة المالحقة ،إلى جانب الدين وإخالصهم ألبناء شعبهم (المصدر السابق ،ص".)171 .
12
والحقًا ،يعود الكاتبان ليؤكدا على العالقة ما بين النبيين شعيب وموسى:
"أحد األنبياء األكثر تقديسا في أوساط الدّروز هو النبي شعيب ،حمو النبي موسى ،حيث يشبه الحج إلى قبر النبي
شعيب لدى الدّروز ،حج اليهود إلى كل من جبل ميرون وطبريا .ولدى الدّروز عدة مقامات مقدسة أخرى ألنبياء
مشتركين بينهم وبين اليهود (المصدر السابق ،ص ".)173
كما ذكر سابقا ً في هذا الفصل ،فقد ت ّم تشكيل لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة ،لغرض تطوير وتعزيز وعي درز ّ
ي-
ي الذي أُدخل إلى المنهاج
ي .تمثّل تو ّجه هذه اللّجنة في البداية عبر تعزيز الوعي بواسطة مساق التّراث الدّرز ّ
إسرائيل ّ
سنة .١٩٧٧لكن بد َءا من سنة ،١٩٨٠ت ّم استبدال جميع المناهج في المساقات اإلنسانية ،وت ّمت صياغة مناهج
صة بالمدارس الدّرزيّة .وقد كان التدريس في المدارس الدّرزيّة ،حتى ذلك الحين ،يتم وفقا للمنهاج
تعليميّة جديدة خا ّ
المعمول به في سائر المدارس العربيّة في إسرائيل .بيد ّ
أن هذه الكتب ،بحسب رئيس لجنة التربية والثقافة الدّرزيّة
لم تحت ِو على مضامين حول التّراث والتاريخ الدّرز ّ
ي ،وبذا فإنها لم تكن مفيدة في خدمة الهدف المتمثل في تعزيز
ي .لهذا الغرض ،ت ّم استبدال هذه الكتب بكتب تخدم هذا الهدف (فالح .1988 ،ص .)8 .وبالفعل ،جرى
الوعي الدّرز ّ
العمل ما بين السنوات سنة ١٩٨٠حتى ١٩٨٥على إدخال مناهج جديدة للمدارس الدّرزيّة ،في كل من مساقات
التاريخ ،العبرية ،العربيّة والمدنيات.
13
التاريخ للدّروز
"إذا كان للدّروز الحق في تعلّم تاريخهم ،فلماذا تحرم الفئات األخرى ،كالسنة ،والشيعة ،والكاثوليك ،واليهود
المغاربة ،من حقها في التعلّم عن تاريخها ،حيث إن لكل طائفة تاريخها!" (حلبي.)76-75 :1997 ،
14
بالمقابل يورد الكتاب اقتباسا منسوبا إلسحق بن تسفي ،الرئيس الثاني إلسرائيل الذي يصف الدّروز قائال" :وصفهم
ألول مرة بوصفهم ساكني التالل والجبال المحيطة بمنطقة جبل حرمون
ي المعروف بنيامين متودوله ّ
المؤرخ اليهود ّ
[جبل الشيخ] [ ،]...وهم يحبون اليهود" (المصدر السابق ص ،)196 .يقول بن تسفي معترضا ً بأن هذا الوصف
غير موضوعي وال يعتمد على البحث العلمي ،ولكنه يؤكد على االهمية الكبرى إلبراز العالقات الطيبة بين اليهود
والدّروز كما وصفت في النص:
"لالمة الدّرزيّة خصوصية تميزها عن جميع االمم .فهي تشبه االمة اليهوديّة في أساسيّاتها .إذ نرى أن الدين والقوميّة
بالنسبة للدّروز سيان .كما يتشابه الدّروز مع اليهود بكونهم مشتتين بين شعوب العالم منذ سنوات طويلة ،لكنهم قد
نجحوا في الحفاظ على وحدتهم رغم هذا"( .المصدر السابق).
يبدو اذًا ،أن الهدف من مساق التاريخ كما هو الحال في مساق التّراث الدّرز ّ
ي ،لم يتمثل في تعزيز الوعي والفخر
ضا في إبراز العالقة التاريخيّة بين الدّروز واليهود من جهة ،وإضعاف
ي ،إنما تمثل أي ً
ي فقط لدى الطالب الدّرز ّ
الدّرز ّ
صا
ي وأبناء شعبه العرب من جهة أخرى .يتم ذلك من خالل انتقاء اقتباسات تعرض قص ً
العالقة بين الطالب الدّرز ّ
من قبل أشخاص ال مصداقية واضحة لهم .فبن تسفي نفسه ،قال بأنها قصص غير موضوعية وغير معتمدة على
األبحاث.
العبريّة للدّروز
حتى عام 1981استخدمت في المدارس الدّرزيّة ذات الكتب المعتمدة لتدريس العبرية في المدارس العربيّة في
إسرائيل .أما في ذلك العام ،فقد جرى استبدال هذه الكتب بكتاب جديد :أطلق عليه اسم "شورش" [جذر ،بالعبرية]:
وهو يشتمل على فصول من األدب العبري مخصص للمدارس الدّرزيّة (في الجزء األول والجزء الثّاني) (فالح
وعرايدي .)1981 ،وإذا كان واضحا ،أن الهدف من وراء مساقي التاريخ والمدنيات يتمثل في تعزيز الوعي
15
ي ،فإن األمر يستغلق على الفهم فيما يتعلق بالعبرية ،وهو يحتاج إليضاح .مثل هذا التوضيح نجده في كلمات
الدّرز ّ
ي لمساق اللغة العبرية في المدارس الدّرزيّة في السنوات ما بين .1995-1978يشدد
نعيم عرايدي ،المفتش التربو ّ
صة في الجيش" :يخدم أبناء
عرايدي على الحاجة لكتب عبرية مخصصة للدّروز وذلك بهدف دمجهم في الدّولة وخا ّ
يعرفون عن أنفسهم كإسرائيليّين،
ي ،وهم ّ ّ
الطائفة الدّرزيّة في الجيش كما في المؤسسات المحلية في القطاع اليهود ّ
وال يستطيعون تحقيق مواطنتهم اإلسرائيليّة من دون التعرف على الثّقافة اليهوديّة والتّماهي مع الدّولة" (عرايدي
،1987ص.)26 .
ليس واض ًحا ما يرمي إليه المفتش في تشديده على تعلّم العبريّة وتعريف الطالب الدّرز ّ
ي بالثقافة اليهوديّة ،فالطالب
ي يتعلم عن كل من يهودا هاليفي ،هرتسل ،شالوم عليخم ،حاييم نحمان بياليك ،شموئيل يوسف عجنون ،شاؤول
العرب ّ
تشارنيحوفسكي ،ابراها ّم شلونسكي ،ليأه جولدبرج( ،ميعاري .)1975 ،حتى أن بيريز ،إرليخ ويوفال-ديفيس
ي أن
( )1968قد أشاروا إلى أن هناك تشديد زائد على المعرفة الصهيونيّة واليهوديّة المطلوب من الطالب العرب ّ
يتعلمها من خالل األدب العبري.
في حال المقارنة بين كتب مساق العبرية التي أدرجت في المدارس الدّرزيّة وبين الكتاب المعتمد في المدارس العربيّة
نجد أن النصوص متشابهة ،باستثناء تلك التي كتبت على يد دروز وعن الدّروز ،وهي النصوص التي أضيفت للكتب
الجديدة .يظهر مثال في كتاب شورش القديم (فالح وعرايدي ،)1981 ،وتحت عنوان "النبي شعيب انتقم من أهل
فورا وقاموا بتدنيسه
صا مكونا من سبعة سطور بال مرجع ،ورد فيها" :أهمل عرب حطين قبر شعيب ً
حطين" ن ّ
باألوساخ " (المصدر السابق ،ص .)120 .قبلها تأتي قصة شعيب في سفر الخروج (اإلصحاح ،)20 -18النص
الذي يظهر كذلك في كتب التّراث تحت موضوع األعياد (المصدر السابق ص .)73-56 .باإلضافة إلى ذلك ترد
أساطير وقصص عن النبي شعيب من مصادر يهوديّة مختلفة ،تشدد جميعها بالطبع على العالقة بين النبيين شعيب
وموسى (المصدر السابق ص.)109-102 .
عام 1994نشر كتاب شورش (بالعبرية) لتعليم العبريّة في المدارس الثانوية الدّرزيّة من جديد (مناهج.)1994 ،
وقد ُحذف من الكتاب ،الذي ت ّم تحريره في قسم المناهج الدراسية التابعة لدائرة التربية في جامعة حيفا ،المقطع الذي
يتحدث عن عرب حطين .ولكن ت ّم اإلبقاء على المقاطع التي تتحدث عن قصة النبي شعيب ،وقد ت ّمت إضافة مقطعين
نص لسلمان فالح ،رئيس لجنة التربية والثقافة للدّروز ،وهو ليس بأديب ،ونص
جديدين يتطرقان لمواضيع مختلفةّ ،
ي لبناني تُرجم من العربيّة .ما يربط النصين بالشأن الدّرز ّ
ي هو أصل الكاتبين فقط. لكاتب درز ّ
16
العربيّة للدّروز
ي األم ،إنها لغة كالمه ولغة تفكيره ولغته في الكتابة ،كما أن النصوص الدينيّة
"اللغة العربيّة هي لغة الطالب الدّرز ّ
الدّرزيّة قد كتبت بهذه اللغة" (فراج׳ ،1989ص .)9 .كانت هذه الجملة جز ًءا من المقدمة التي كتبها مفتش مساق
اللغة العربيّة في المدارس الدّرزيّة .فإذا كان االمر كذلك حقًّا ،فما هي الحاجة إلى منهاج خا ّ
ص بموضوع اللغة
العربيّة في المدارس الدّرزيّة؟ نجد االجابة على هذا السؤال في فقرة الحقة ،ضمن مقدّمة الكتاب:
ي واألُدباء الدّروز .لكي يشعر الطالب بالصلة مع وطنه وتراثه״ .لكن من
״لكي يتعرف الطالب على األدب الدّرز ّ
غير المفهوم أي وطن هو الذي يقصده كاتب النص ،وما هي الصلة بين هذا التّراث وبين تعلّم اللغة العربيّة.
ت ّم إصدار كتاب جديد للمدارس الدّرزيّة ،بناء على الهدف المتعلق بالطالب وصلته بوطنه " -نصوص أدبيّة للمدارس
وفراج .)1984 ،كانت كل النصوص
الثانوية الدّرزيّة" ،الذي يهدف إلى توطيد العالقة بين والطالب ووطنه (فالح ّ
التي ور دت في هذا الكتاب من تأليف أدباء وشعراء دروز ،ولكن جودة هذه النصوص وقيمتها األدبية لم تكن
ي .تدارك المسؤولون في لجنة المعارف والثقافة هذا الخطأ بسرعة
بالمستوى المتوقع من جانب المجتمع الدّرز ّ
وفراج .)1984 ،إال
وعملوا على نشر كتاب جديد -مشابه بشكل كبير للكتاب المستخدم في المدارس العربيّة (فالح ّ
ضا بكتاب "المنتخب" سنة ( ،١٩٩٠مناهج دراسية .)1990 ،كانت غالبيّة نصوص
أنه ،ت ّم استبدال هذا الكتاب أي ً
هذا الكتاب ألدباء وشعراء من غير الدّروز ،وكان نحو واحد من بين كل عشرة نصوص لدروز من بينهم نصين
فقط لدروز إسرائيليّين -األ ّول لرئيس لجنة المعارف والثقافة للدّروز ،وهو ذات النص الذي يظهر في كتاب
"شورش" بالعبرية ،أما الثاني فهو لمفتش اللغة العربيّة في المدارس الدّرزيّة .وكال ال ّ
شخصين غير معروف كأديب
وشاعر .في المقابل ،ال يحوي الكتاب نصوص ألدباء وشعراء دروز اسرائيليّين يعتبرون من أفضل وأشهر الشعراء
ي اجمع ،بينهم الشاعر سميح القاسم ،األديب محمد نفاع واألديب
الفلسطينيّين في إسرائيل وحتى في العالم العرب ّ
والصحفي سلمان ناطور.
مما يدل أن هدف الكتاب يتمثل في التعرف على كتاب وأدب من نوع محدد ،النوع الذي يشدد على انعزال واختالف
الدّروز عن العرب.
17
التربية االجتماعية للدّروز
عام 1985صدرت كراسة موضوعها التربية االجتماعية في المدارس الدّرزيّة ،وقد تناولت أهداف التربية
ي في اسرائيل ،التعرف إلى األماكن المقدّسة لدى الدروز ،التعرف إلى
االجتماعية :معرفة مواطن/االستيطان الدّرز ّ
التّراث الدّرز ّ
ي ،التعرف إلى التعاون بين الدّروز واليهود ،وإدراك أهميّة الخدمة العسكرية (وزارة التربية والتعليم،
.)1985
نظرا ألهمية التّجنيد للجيش ،تض ّمنت الكراسة وصفا كامال لجميع الوحدات العسكرية والمسار الذي يبدأ منذ لحظة
تلقي الطالب الدعوة للخضوع للفحوصات في مكتب التّجنيد ،ووصوال إلى لحظة تجنيده .لغاية تشجيع الطالب الدّرز ّ
ي
على التّجنيد في الجيش ولكي يكون جنديًا صال ًحا ورد في الكتاب:
"يجب إقناع الطالب أنه يستطيع تحقيق ذاته واالمكانات الموجودة فيه من خالل انخراطه في الجيش ،بصورة أفضل
من قدرته على تحقيق ذلك في األطر المدنية"(.المصدر السابق ص.)94 .
تنفذ هذه األفكار بشكل عملي في المدارس الدّرزيّة .مثال على ذلك ما ورد في تقرير رئيس لجنة المعارف والثقافة
للدّروز" :ضمن إطار التربية االجتماعية تركز العمل (سنة )١٩٨٥حول تعليم الديمقراطية ،االلتزام ،والتحضير
للجيش".
سعت كتيبة "الجدناع" الدّرزيّة عملها في إطار التربية ما قبل العسكرية .وتم عقد مؤتمرات قطرية ،وقد تناول
"و ّ
أبرزها موضوع "دمج الشبيبة في الجيش" بمشاركة قيادات ّ
الطائفة وقيادات الجيش .وبالفعل ،يتم إجراء دورات
تدريبية للجيل ال ّ
شابّ إلى جانب[ :]...اضاءة المشاعل في معسكرات التدريب ،مسيرات ،معسكرات ،تحضير للجيش
وغيرها (فالح ،1987 ،ص".)32 .
بهذه ّ
الطريقة ت ّم استخدام موضوع التربية االجتماعية لتحضير الطالب للتجنيد ،بل وحثهم على ذلك ،من خالل إهمال
ي.
ي واالحتياجات االجتماعية للطالب الدّرز ّ
جوانب مختلفة للمجتمع الدّرز ّ
18
تربوي جديد مشكّل بأكمله من
ّ القوى البشرية والتوظيف :فريق
الدّروز
بموجب منصبه كرئيس لجنة المعارف والثقافة للدّروز ،وبخالف التعريف األولي لمنصبه كمسؤول عن الجوانب
ي بأسره -المنهجي والالمنهجي .وقد جمع في
التربويّة ،صار فالح هو المسؤول عن جهاز التربية والتعليم الدّرز ّ
يده صالحيات تعيين معلمين ومفتشين ،تخصيص الساعات التعليميّة والموارد ،كما صار مسؤوال عن تعليم كبار
ي الوحيد الذي
ي والمراكز الجماهيرية الدّرزيّة .عمليا صار فالح هو الموظف العرب ّ
السن ،وعن الكشاف الدّرز ّ
يملك صالحيات شديدة االتساع إلى هذه الدرجة .وللمقارنة ،فقد عمل علي حيدر بمنصب موازي في جهاز التربية
ي بد َءا من سنة ،١٩٨٨وقد كان منزوع الصالحيات فيما يخص التعيينات أو تخصيص الموارد .وبنا ًء
والتعليم العرب ّ
على شهادته ،فقد تقلص منصبه إلجراء مبادرات تربويّة وتقديم االستشارات فيما يخص إعداد مناهج تعليميّة في
المدارس العربيّة( .حيدر.)1988 ،
في السنوات 1975-1992ح ّل فالح في الواقع ،محل مستشار الشؤون العربيّة في مكتب رئيس الحكومة ،كما صار
كذلك المستشار لشؤون الدّروز في ذات المكتب ،وهو الوضع الذي حذرت منه اللجنتان اللتان نصحتا بفصل معالجة
الدّروز عن مكتب الشؤون العربيّة.
لقد حذرت لجنة بن دافيد من ذلك بصورة واضحة ( ،1976ص" :)3تريد اللّجنة التشديد بكل طريقة ممكنة ،أنها ال
خاص بشؤون الدّروز ،إال أن اقتراحنا في التوصية يتمثل بأنه يجب تحديد
ّ ترغب التوصية بمأسسة منصب مستشار
وتعريف مدة وجود هذا المنصب ،إلى ما بين سنة أو سنتين ،منذ البداية ،وبشكل واضح".
19
في الجلسة الرابعة للجنة التربية الدّرزيّة في 4.2.1975قيل بشكل واضح إن وظيفة اللّجنة تقتصر على االهتمام
بالقضايا التربويّة وحدها ،وأن اإلشراف على المسائل االدارية سيكون من اختصاص دائرة المنطقة ،والتفتيش
سيكون تابعا إلدارة المنطقة (وزارة التربية والتعليم .)1975 ،يتبيّن من خالل تقرير اللّجنة في يوم 14.7.1981أن
هذا القرار بقي كتوصية فقط ولم يتم تطبيقه .التفتيش أصبح مشتر ًكا بين المنطقة واللّجنة للتربية الدّرزيّة (وزارة
التربية والتعليم.)1981 ،
يُستد ّل من تقرير اللّجنة للتربية الدّرزيّة الصادر بتاريخ 18.7.1986أنه قد حدث تغيير فيما يخص التفتيش ،الذي
أصبح بشكل حصري تحت مسؤولية اللّجنة ولم تعد له صلة بوزارة المعارف" :باإلضافة إلى رئيس اللّجنة ،كان
هناك سبعة مفتشين يعملون بوظيفة مفتش عام داخل النّظام ،ثالثة عشر مفت ً
شا مهنيًا ،ثالثة وعشرين مو ّجه ،باإلضافة
لتسعة مركزين للكشاف ،عدا عن المفتشين المهنيين من قبل دائرة المنطقة" (فالح ،1987 ،ص .)27 .مما يعني أن
مسؤولية التفتيش قد نقلت لتصبح تحت مسؤولية لجنة التربية الدّرزيّة ،وما بقي تابعا لدائرة المنطقة يقتصر على
التفتيش المهني في مجال المواضيع العلمية أساسا ،التي لم يكن للجنة صلة بها.
إلى جانب وضع مناهج تعليميّة جديدة ،تمثلت وظيفة اللّجنة في استبدال المعلمين العرب من غير الدّروز العاملين
بالمدارس الدّرزيّة بمعلمين دروز .لم تكن هذه الظاهرة خفية ،بل تفاخرت اللّجنة بها .وقد ورد في تقرير رئيس
اللّجنة حول نظام التربية والتعليم الدّرز ّ
ي سنة ،١٩٨٦ -١٩٨٥أن أكثر من ٪٥٠بالمئة من المعلمين في المدارس
الدّرزيّة كانوا من غير الدّروز في سنة في سنة .١٩٧٦أما في سنة ١٩٨٦-١٩٨٥فقد وصلت نسبة المعلمين الدّروز
ل ( .٪٧٢المصدر السابق) .شرح رئيس اللّجنة أسباب التغيير في مقابلة صحفية " :كان الدّروز غير راضين عن
أن نصف المعلمين في قراهم ليسوا من أبناء طائفتهم .وقد عللوا ذلك بأن األمر يضر بخصوصية التربية الدّرزيّة،
بسبب غياب األجواء الدّرزيّة في المدرسة( ".الكلمة 24.4.1990 ،ص.)40 .
بسبب التغييرات التي حصلت في اعقاب فصل الدّروز وإقامة لجنة المعارف للدّروز ،انخفضت االنجازات التعليميّة
ّ
متدن جدًا .ذلك أدى الى أن غالبيّة الدّروز في المدارس الدّرزيّة ،وانخفض عدد الطالب الجامعيين الدّروز لمستوى
صة عن النتائج التعليميّة التي شهدوها( .حلبي.)1997 ، كانوا غير راضين عن أداء النّظام التعليم ّ
ي ،خا ّ
20
الخاص بالدّروز ،ولكن الواقع الذي خلق خالل ١٥سنة بقي
ّ في هذه السنة انتهت فترة فصل جهاز التربية والتعليم
على حاله مؤثرا بشدة على تربية الطالب الدّروز حتى اليوم .وهكذا فإن المفتشين والمو ّجهين\المرشدين الذين عينتهم
اللّجنة مازالوا يزاولون عملهم في المناطق .في حين يش ّكل المعلمون الدّروز الذين ادخلوا الى جهاز التعليم في فترة
لجنة المعارف والثقافة للدّروز اليوم ،البنية التحتية البشرية في المدارس الدّرزيّة ،وال تزال المناهج التعليميّة
المخصصة للدّروز معموال بها .كما يوجد حتى اليوم منصب مفتش التربية الدّرزيّة ،غير أن وظيفته في األساس،
تربويّة ال إدارية.
سياسة في اسرائيل على الدّروز ،الذين تظهرهم الدّولة بوصفهم من لحمها ودمها ،بل تمارس
ال يقتصر توجيه هذه ال ّ
ي عن ثقافته وهويته القوميّة لغرض
ي :إذ يرمي نظام التعليم الى تغريب الطالب العرب ّ
ضا تجاه الجمهور العرب ّ أي ً
دفعه إلى التّماهي مع الغالبيّة اليهوديّة -الصهيونيّة وثقافتها (أبو سعد ;2004 ،الحاج .)1978 ،Mari ;1996 ،وقد
صة في السنين األولى للدولة (يونا وسبورطا.)2002 ،
ت ّمت ممارسة سياسة شبيهة ،تجاه اليهود الشرقيين ،خا ّ
من ضمن النتائج بتقرير لجنة شاخطرمان ورد بشكل واضح أن الدّولة لم تقم بما فيه الكفاية لتجهيز الشباب الدّروز
للخدمة العسكرية ،األمر الذي يلحق الضرر بالدّولة وصورتها .ولكن في هذا السياق لم يتم التطرق ولو بكلمة
لمصالح ّ
الطائفة نفسها ،لألضرار التي لحقت بالدّروز والظلم الذي وقع عليهم نتيجة التمييز بينهم وبين السكان اليهود.
21
ي
ي-اسرائيل ّ
المصلحة الوحيدة في هذه المعادلة هي مصلحة الدّولة ،والهدف الذي ت ّم تحديده يتمثل في خلق وعي درز ّ
ي التجنّد في الجيش من دون تخبطات أو شكوك. من خالل نظام التعليم للتسهيل على ال ّ
شابّ الدّرز ّ
مع تحديد الهدف ،كان التنفيذ حادا ،وواضحا وسريعا ،كما أسلفنا ،ومن دون أن تؤخذ مصالح ّ
الطائفة الدّرزيّة نفسها
بعين االعتبار ،وقد جرى األمر حتى بخالف ما يريده أبناء ّ
الطائفة وقيادتهم الروحية .لقد تمثّل الهدف في خلق
الوعي المطلوب عن طريق إبراز القواسم المشتركة بين الدّروز واليهود في الماضي والحاضر ،والتشديد في الوقت
نفسه على االختالف والعداء والكراهية بين الدّروز وسائر العرب ،والعرب المسلمون على وجه الخصوص .وقد
ت ّم األمر عن طريق إدخال مساق جديد ،هو مساق التّراث .وقد عارضت القيادة الروحية األمر ،ومن خالل بحث
جرى فيه الفحص ما الذي يمثله التّراث بالنسبة للدّروز ،فقد انتفت كليا مسألة عالقات الدّروز باليهود (أيدن ،وولف،
استمر المسؤولون عن األمر بإدخال المضامين المخطط لها في موضوع
ّ الرغم من ذلك فقد
وعزام .)1979وعلى ّ
التّراث الجديد وفي سائر المواضيع االنسانية.
سياسة التربويّة أهدافها .حيث إن نسبة المجندين الدّروز للجيش هي األعلى من بين جميع الفئات
لقد حققت هذه ال ّ
المتجندة ،حيث وصلت إلى ،%80وهي نسبة تفوق حتى نسبة اليهود أنفسهم (عوفر .)2015 ،ويواصل ال ّ
شبّان
الدّروز ،بعد انتهاء مدة بعد الخدمة اإلجباريّة ،خدمتهم العسكرية من خالل وظائف مثبّتة داخل األذرع األمنية
المختلفة بدل التوجه للتعليم العالي ،وقد تسبب ذلك في أن ٪٧٠من الطالب الدّروز في الجامعات يتش ّكل من اإلناث
(زيدان.)2016 ،
سسة الحاكمة،
السمة األساسيّة للسياسة المذكورة يتمثل في أن تطبيقها كان يتم على مدى سنوات من جانب المؤ ّ
ضا .وقد أدى األمر إلى تشكيل هوية ال ّ
شبّان الدّروز ،وما ت ّم تذويته في هذا وبمساعدة أشخاص من داخل ّ
الطائفة أي ً
ي
المكونين ،اإلسرائيل ّ
ّ شبّان الدّروز تختلف عن هويّة سائر العرب في اسرائيل ،حيث إن السياق هو أن هوية ال ّ
شبّان الدّروز إلى أبعد من ذلك ،ويتن ّكرون لهويّتهم العربيّة ،بل
ي ،هما السائدان فيها .بل ويذهب قسم من ال ّ
والدّرز ّ
إنهم يظهرون الكراهية لها (.)2014 ،; Halabi2015 ،Kornber & ،Makladeh ،Elran ،Radai
ي ،ال ترى في الدّروز في المقابل ،فإن الدّولة التي تشجع ال ّ
شبّان الدّروز على تطوير هوية اسرائيليّة ووعي اسرائيل ّ
تعرف عن نفسها بوصفها دولة يهوديّة ،لن يمكنها
إسرائيليّين عاديين أو مواطنين متساوي الحقوق .فالدّولة التي ّ
سياسة أزمة هويّة لدى ال ّ
شبّان الدّروز إلى جانب اإلحباط احتواء مواطنين غير يهود بشكل كامل .لقد خلقت هذه ال ّ
سياسة الثنائية تجاه الدّروز ،ونحن نشهد التمييز ضدهم في جميع
المتزايد في عبر السنوات األخيرة ،بسبب هذه ال ّ
جوانب الحياة .هذا التمييز ،الذي ال يتسع المجال لشرحه هنا ،يتسبب باإلحباط الشديد والتساؤالت المشككة ب “حلف
22
التحول إلى مواطنين متساوي
ّ الدم" بين اليهود والدّروز ،لدى ال ّ
شبّان الدّروز الذين يطمحون باالندماج بالدّولة وإلى
الحقوق في الدّولة .لقد خلقت الدّولة في الماضي منهاجا لتعليم الدّروز ،لغرض احتواء اإلحباط الذي شعر به هؤالء
أثناء سنوات السبعينيات ،لكن الدّولة لم تطبق التوصيات التي كان من شأنها تحسين الوضع االقتصادي للدّروز،
ومحاولة تقليص الفجوات بينهم وبين اليهود ،بنفس الصورة التي سعت فيها إلى ممارسة التربية اإلسرائيليّة وبناء
ي .إن الوعي ال يمثل ّ
حال للتمييز ،وقد ينشأ صدع أسوأ من الذي ساد بين الدّروز والدّولة في سنوات الوعي اإلسرائيل ّ
الخاص بالدّروز ،وال يمكن توقّع نتائج هذا الصدع.
ّ السبعينيات ،وهو الصدع الذي أدى إلى إنشاء نظام التعليم
23
المراجع:
أوبنهايمر ،يوحاي ( .)1979الدّروز في إسرائيل بوصفهم عربا وغير عرب .מחברות למחקר ולביקורת.58-41 ,3 ,
الحاج ،ماجد ( .)1996التربية في أوساط العرب في إسرائيل :السيطرة والتغيير االجتماعي .القدس :ماغنس.
بيراني ،فرحات ( .)1988التّراث والتربية ،مجلة لشؤون التربية والثقافة .القدس .لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة ،وزارة التربية
والتعليم.
بن دور ،غابرييل ( .)1976تقرير لجنة تقصي مشاكل الدّروز في إسرائيل .القدس :ديوان رئيس الوزراء.
تقرير لجنة شاخطرمان ( .)1975استخالصات اللّجنة المشتركة للجان التربية والثقافة ولجنة الشؤون الداخلية الخا ّ
صة بمسألة الحاجة
إلى تحرك عاجل لضمان الصداقة بين اليهود والدّروز .דברי הכנסת ( 20مايو).2718-2723 :
زيدان ،نادية ( )2016كيف غيّر دخول الحياة األكاديمية تصور الذات والمكانة االجتماعية لدى النساء الدّرزيّات ،وفقا لتصوراتهن؟
بحث تخرج تطبيقي للحصول على لقب أكاديمي معتمد .كريات طبعون :كلية أورانيم.
24
خرج
الخاص بالدّروز ما بين :1995-1974سياسة تفضيل أم سياسة سيطرة .بحث ت ّ
ّ التربوي
ّ حلبي ،رباح ( .)1997الجهاز
للحصول على لقب أكاديمي معتمد .القدس :الجامعة العبرية في القدس.
حلبي ،رباح ( .)2005الجوانب النفسيّة االجتماعية للهوية الدّرزيّة في إسرائيل .بحث لغرض تحصيل لقب الدكتوراة .القدس:
الجامعة العبرية في القدس.
حسن ،يوسف ( .)1992مكتسبات البلدات الدّرزيّة نتيجة دمجها في المنظومة األمنية اإلسرائيليّة .بحث لغرض تحصيل لقب أكاديمي
معتمد .حيفا :جامعة حيفا.
يونا ،يوسي ،واسحق سبورطا ( .)2002التعليم ما قبل المهني وإنشاء الطبقة العاملة في إسرائيل .من :حنان حافير ،بنينة موستبي
هالر ويهودا شنهاف (محرران) ،الشرقيون في إسرائيل( .ص .)68-105القدس وتل أبيب :معهد فان لير والكيبوتس الموحد.
وزارة التربية والتعليم ( .)1985التربية االجتماعية في المدارس الدّرزيّة .القدس :وزارة التربية والتعليم.
عوفر ،يوحاي ( )2015ثلث المجندين الدّروز إلى سالح المشاة .موقع ،nrgبتاريخ .13.8
عرايدي ،نعيم ( .)1987التّراث والتربية :مجلة لشؤون التربية والثقافة .القدس :وزارة التربية والتعليم.
25
ي-
فرو ،قيس ( .)1982هوية الدّروز :لمحة تاريخية :الدّروز في إسرائيل .يوم دراسي عقد في جامعة حيفا من قبل المركز اليهود ّ
ّ
ي ،معهد أبحاث الشرق األوسط.2.5.1982 ،
العرب ّ
فالح ،سلمان ( .)1987التّراث والتربية ،مجلة تعنى شؤون التربية والثقافة .القدس :وزارة التربية والتعليم .لجنة التربية والثقافة
الدّرزيّة.
فالح ،سلمان ( .)1988التّراث والتربية ،مجلة تعنى بشؤون التربية والثقافة .القدس :وزارة التربية والتعليم ،لجنة التربية والثقافة
الدّرزيّة.
فرج ،سلمان ( )1989التّراث والتربية :مجلة تعنى بشؤون التربية والثقافة .القدس :وزارة التربية والتعليم.
بيرس ،يوحانان ،أفيشاي إيرليخ ونيرا يوفال ديفيس ( .)1968التربية الوطنية لفتيان العرب اإلسرائيليّين :مقارنة بين المناهج التعليميّة،
ميغاموت.36-26 ،)1(16 ،
المناهج الدراسية ( .)1994شورش :فصول في األدب العبري للصفوف العليا في المدارس الدّرزيّة ( .)1994حيفا :جامعة حيفا.
فالح ،سلمان ( .)1979فصول في تاريخ الدروز الجزء االول .القدس :دار الصالح للنشر.
26
فالح ،سلمان ( .)1980فصول في تاريخ الدروز الجزء الثاني .القدس :دار الصالح للنشر.
فالح ،سلمان وعزام ،فايز ( .)1979األعياد .القدس :لجنة التربية للدروز ،وزارة التربية.
فالح سلمان ،وعزام فايز ( .)1983مختارات من التراث الدرزي .القدس :وزارة المعارف والثقافة.
فالح ،سلمان ،وسلمان فراج ( .)1984نصوص أدبية للمدارس الثانوية الدرزية .عكا :سروجي.
תוכניות לימודים (مناهج تدريسية) ( .)1990المنتخب من األدب العربي ونصوصه للصفين العاشر والحادي عشر .حيفا :جامعة
حيفا كلية التربية فرع المناهج الدراسية.
27
المراجع في اللغة االنجليزية
Apple, Michael W. (2013). Education and power. New York and London: Rutledge.
Dyck, Noel (1997). Tutelage, resistance, and co-optation in Canadian Indian administration. Canadian
Review of Sociology & Anthropology, 34(3),
.843-333
Friere, Paulo (1997). Pedagogy of freedom: Ethics, democracy, and civic courage.
New York and London: Rowman and Littlefield Publishers.
Freire, Paulo, & Donaldo Macedo (1995). A dialogue: Culture, language and race.
Harvard Educational Review, 65(3), 377-403.
Halabi, Rabah (2014). Invetion of a nation: The Druze in Israel. Journal of Asian and African Studies,
49(3), 267-281.
Halverson, Kelly, Maria Elena Puig, & Steven Byers (2002). Culture loss: American Indian family
disruption, urbanization, and the Indian child welfare act. Child Welfare, 8(2), 319-336.
Mari, Sami (1978). Arab education in Israel. New York: Syracuse University Press.
Peacock, Thomas, & Marlene Wisuri (2002). Ojibwe: Wassa Inaabidaa: We look in all directions.
Afton, MN: Afton Historical Society Press.
Parsons, Laila (2000). The Druze between Palestine and Israel, 1947-49. Dordrecht, Netherlands:
Springer.
Radai, Itamar, Meir Elran, Yousef Makladeh, & Maya Kornber (2015). The Arab citizens in Israel:
Current trends according to recent opinion polls. Strategic Assessment, 18(2), 101-116.
Satzewich, Victor (1996). Patronage, moral regulation and the recruitment of Indian affairs personnel,
1879-1900. Canadian Review of Sociology & Anthropology, 33(2), 213-234.
28