You are on page 1of 28

‫بوي بوصفه منظومة تشكيل الهوية‬ ‫اجلهاز الرت ّ‬

‫ادلّ رزيّة‪ -‬ا إلرسائيل ّية والس يطرة علهيا‬


‫‪2018‬‬

‫د‪ .‬رباح حلبي‬

‫ترجمها من العبرية‪ :‬مهند أبو غوش‬


‫بمبادرة من حراك "أرفض‪ ،‬شعبك بيحميك"‬
‫كانون األول ‪2021‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫ليست مقاربة الجهاز التربوي‪ ،‬من حيث كونه آلية لممارسة لعنف والرقابة وأداة إلعادة هندسة الهوية والوعي‪،‬‬
‫ظاهرة جديدة‪ .‬فالسلطة‪ ،‬الواعية لماهيّة وجودها بوصفها أداة لبناء الواقع (بحسب بيير بورديو) تدرك بأن بقاءها‬
‫(كبنية رمزية ذات وظيفة معرفية) وبقاء مشروعيتها وهيمنتها‪ ،‬مشترط باحتكارها للعنف (سواء العنف المادي أو‬
‫الرمزي)‪ ،‬يصيب هذا العنف البنية االجتماعية في كل حقولها‪ .‬في هذا السياق يتمأسس النظام التربوي من أجل‬
‫المحافظة على النفوذ الثقافي للسلطة المهيمنة‪ ،‬لمنح المشروعية للثقافة المسيطرة‪ .‬وبهذا المعنى‪ ،‬يمارس الجهاز‬
‫سخ شرعيته‪.‬‬
‫التربوي عنفا رمزيا‪ ،‬ألنه يفرض ثقافة الطبقات المهيمنة وير ّ‬

‫من هذا المدخل‪ ،‬يمكن مقاربة مقال د‪ .‬رباح حلبي‪ ،‬وهو محاضر كبير في كلّية أورانيم‪ ،‬ومحاضر أي ً‬
‫ضا في قسم‬
‫التربية في الجامعة العبرية في القدس‪ .‬يبحث المقال (المنشور سنة ‪ 2017‬بالعبرية في األصل في مجلة גילוי דעת)‪،‬‬
‫في قضية سيطرة الدولة على الجهاز التربوي‪ ،‬وفرض الرقابة على الطائفة الدرزية‪ ،‬والسعي إلى خلق هويّة تتالءم‬
‫مع رؤية دوائر صنع القرار اإلسرائيلي تجاه أبناء الطائفة‪.‬‬

‫يسلّط حلبي في مقاله الضوء على الجهاز التربوي في القرى الدرزية‪ ،‬من خالل عملية ُ‬
‫شرع فيها قبل النكبة‪،‬‬
‫وتصاعدت وصارت سياسة رسمية ذات محددات واضحة منذ سنة ‪ ،1976‬وهي السنة التي شهدت التغييرات الكبرى‬
‫(وصفت‬
‫في كل من المناهج المدرسية والبنية التربوية في القرى الدرزية‪ ،‬في إطار السعي إلى اجتراح هوية طائفية ُ‬
‫أيضا بالقومية‪ ،‬في إطار محاكاة نموذج الدين القومي اليهودي) منفصلة عن جذورها العربية‪ ،‬وذلك رغم معارضة‬
‫ملحوظة من جانب المجتمع والهيئات الدينية الدرزية‪.‬‬

‫وتماما كما هو الحال لدى فرض قانون التجنيد اإلجباري على الشبان الدروز في قرى الكرمل والجليل سنة ‪،1956‬‬
‫تمس فحسب المناهج‬
‫ّ‬ ‫لم تأبه السلطة اإلسرائيلية لمعارضة كل من المجتمع والقيادة الروحية للتغييرات التي لم‬
‫والهيكلية التربوية‪ ،‬بل وصلت في بعض األحيان إلى فرض رواية دينية تتعارض والرواية الدينية المقبولة في منهج‬
‫"التراث الدرزي" وتسخير هذه الرواية من أجل ترسيخ فكرة انفصال الطالب الدرزي عن فضائه العربي‬
‫والفلسطيني‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫لقد نجحت السياستان‪ :‬التجنيد اإلجباري‪ ،‬وفصل المنظومة التربوية للدروز‪ ،‬في خلق هوية درزية في أوساط الدروز‬
‫الفلسطينيين‪ .‬لكن حلبي يشير‪ ،‬في نهاية مقاله‪ ،‬بأن هذه السياسة قد خلقت أزمة هوية لدى الشباب الدرزي‪ ،‬بلغت حدّ‬
‫اإلحباط‪ ،‬ألن توقع اندماج الدروز في دولة تطلق على نفسها اسم "دولة اليهود"‪ ،‬لم يقترن بطبيعة الحال بإلغاء‬
‫التمييز ضدّهم في مختلف المجاالت‪.‬‬

‫ملخص‬

‫ي‪ ،‬بوصفها طريقة للرقابة على ّ‬


‫الطائفة‬ ‫سأبحث في هذا المقال في قضية سيطرة الدّولة على الجهاز التربو ّ‬
‫ي‬
‫الدّرزيّة‪ ،‬وعلى خلق هويّة تتالءم مع دوائر صنع السياسات في إسرائيل‪ .‬إذ ت ّم لهذا الغرض فصل الجهاز التربو ّ‬
‫خاص بالدّروز‪ ،‬كان دوره الرئيسي‬
‫ّ‬ ‫ي منفصل‬
‫ي‪ ،‬وت ّمت سنة ‪ 1976‬إقامة جهاز تربو ّ‬
‫ي عن نظيره العرب ّ‬
‫الدّرز ّ‬
‫ي للخدمة العسكريّة‪ ،‬وتقليص المعضالت المتعلقة باألمر‪ .‬وقد وضع الجهاز‬‫يتمثل في تحضير التلميذ الدّرز ّ‬
‫ي الجديد نصب عينيه هدف خلق وعي وهوي درزيّة – إسرائيليّة لدى التّالميذ الدّروز‪ ،‬لغرض دفعهم‬ ‫التربو ّ‬
‫للتماهي مع الدّولة ورموزها‪ ،‬وذلك من خالل التركيز على القواسم المشتركة بين الدّروز واليهود من جهة‪،‬‬
‫سياسة‪ ،‬ولغرض تحقيق هذه األهداف‪،‬‬
‫وإبعاد وإقصاء التلميذ عن هويته العربيّة من جهة أخرى‪ .‬ولتطبيق هذه ال ّ‬
‫ت ّم استبدال المعلمين العرب بمعلمين دروز‪ ،‬وقد ت ّم تحويل المناهج التعليميّة القائمة بمنهاج جديد‪ ،‬كما ت ّم إدخال‬
‫دورا لخلق هويّة درزيّة جديدة‪،‬‬ ‫موضوع جديد في المنهاج أطلق عليه اسم "التّراث الدّرز ّ‬
‫ي"‪ ،‬والذي لعب عمليا ً‬
‫مؤيدة لليهود ومؤيدة إلسرائيل‪.‬‬

‫د‪ .‬رباح حلبي‬

‫‪3‬‬
‫مدخل‬
‫يعدّ ك ّل من التعليم والجهاز التربو ّ‬
‫ي وسيلة للسيطرة االجتماعيّة والسياسيّة‪ .‬إذ تخلق المجموعة المهيمنة‪ ،‬بواسطة‬
‫صة بها تتيح لها حفظ مكانتها االقتصاديّة وتفوقها الثقافي واألخالقي‬
‫سسة المدرسة والمنهاج الدراسي‪ ،‬رواية خا ّ‬
‫مؤ ّ‬
‫المفترض‪ .‬تسيطر هذه المجموعة على مجمل العمليّة التربويّة‪ :‬من خالل الفصل بين المعرفة الشرعيّة وتلك غير‬
‫الشرعيّة‪ ،‬في مسح معرفة "اآلخر" أو في إقصائها إلى خارج الحيّز المدرسي‪ ،‬وفي تقديم المعرفة التي تعتبرها‬
‫سسة شرعيّة بوصفها معرفة محايدة‪& Apple, 2013; Giroux, 1987; Freire, 1997; Freire( .‬‬
‫المؤ ّ‬
‫‪.)Macedo, 1995‬‬

‫لطالما لعبت مسألة تد ّخل النخب في الجهاز التربو ّ‬


‫ي دورا رئيسيا في إخضاع األقليات والسيطرة عليها‪ ،‬وذلك‬
‫لغرض إبادة ودفن هويتهم من خالل استبدال لغتهم‪ ،‬وثقافتهم‪ ،‬ودينهم‪ ،‬بلغة وثقافة ودين القوة االستعماريّة المسيطرة‬
‫أو بالقيم التي تتبناها الدّولة القوميّة (‪Byres, 2020; Wisuri, 2002; & ,Dyck, 1997; Halverson, Puig‬‬
‫‪.)Satzwich, 1996‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬يؤكد فريري على‪:‬‬

‫نعلم بأن التعليم ليس هو ما يصمم المجتمع؛ بل إن العكس هو الصحيح‪ ،‬فالمجتمع هو ما يصمم التعليم وفقا لمصالح‬
‫من يملكون القوة‪ .‬وعلى هذا النحو‪ ،‬فإنه ال ينبغي لنا أن نتوقع بأن تكون العمليّة التربويّة رافعة للتغيير [‪ ]....‬وسيكون‬
‫من السذاجة أن نطالب الطبقة المسيطرة بفرض نوع من التعليم الذي من شأنه أن يعمل ضدها [‪ ]....‬من وجهة نظر‬
‫الطبقة المسيطرة‪ ،‬ذات النفوذ في المجتمع‪ ،‬فإن الدور الرئيسي للعمليّة التربويّة يتمثل في حفظ األيديولوجيّة المسيطرة‬
‫(فريري وشور‪ ،1990 ،‬ص‪.)48.‬‬

‫عبر دراسة حالة الدّروز في إسرائيل‪ ،‬سأقوم في هذا المقال بدراسة مسألة تغيير هويّة مجموعة عرقيّة تعيش تحت‬
‫ي‪ .‬وسوف أدرس األمر من خالل الكشف عن العمليّة التي‬
‫سيطرة الدّولة بواسطة سيطرة الدّولة على الجهاز التربو ّ‬
‫ي سنة ‪ ،1976‬ومن خالل تحليل المناهج الدراسيّة‬
‫ي العرب ّ‬
‫أدت إلى فصل المدارس الدّرزيّة عن الجهاز التربو ّ‬
‫الجديدة التي ت ّم إدخالها إلى المدارس الدّرزيّة بدال من تلك التي كان معموال بها في المدارس العربيّة‪ .‬وسأحاول فهم‬
‫اآلليّة التي ت ّم وضعها لتنفيذ هذا كلّه‪ ،‬وسأرى كيف استخدمت الدّولة نظام التعليم في القرى الدّرزيّة كخطوة تكميليّة‬
‫لتطبيق قانون التّجنيد اإلجبار ّ‬
‫ي على الدّروز سنة ‪ 1956‬من أجل فصلهم عن سائر العرب‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ي عن‬
‫ي الدّرز ّ‬
‫يتمثل الهدف من هذه الدراسة في تشخيص األسباب والظروف التي أدّت إلى فصل التعليم العرب ّ‬
‫ي‪ ،‬وتحديد األهداف التي ت ّم من أجلها إنشاء لجنة تربية للدّروز‪ ،‬وطرائق عملها‪ ،‬وكيفيّة دمج‬
‫ي غير الدّرز ّ‬
‫العرب ّ‬
‫ي‪ .‬ويرتكز هذا البحث إلى قراءة منهجيّة‬ ‫أهداف الدّولة مع مصالح أبناء ّ‬
‫الطائفة‪ ،‬خصوصا مع مصالح التلميذ الدّرز ّ‬
‫ي منذ سنة ‪ ،1976‬والتي حلّت محل الكتب التي كانت‬
‫في الكتب المدرسيّة التي ت ّم إدخالها إلى نظام التعليم الدّرز ّ‬
‫تستخدم في هذا النّظام من قبل‪.‬‬

‫ي ككل في إسرائيل‪ ،‬ولكن بحسب علمي‪ ،‬لم يتم التطرق إلى‬ ‫لقد ُكتبت مقاالت مماثلة عن الجهاز التربو ّ‬
‫ي العرب ّ‬
‫سياسة التربويّة‬
‫ي في القرى الدّرزيّة‪ .‬يأتي هذا المقال‪ ،‬من هذه الناحية‪ ،‬الستكمال الصورة في سياق ال ّ‬
‫الجهاز التربو ّ‬
‫الممارسة تجاه العرب في إسرائيل‪ ،‬وللتأكيد على استخدام التعليم بوصفه أداة سياسيّة في قبضة الدّولة من أجل‬
‫السيطرة على األقلّيّة العربيّة ومن أجل خلق هويّة منقسمة منفصلة عن جذورها وتاريخها‪.‬‬

‫الدّروز في إسرائيل‪ :‬بين الحركة الصهيونيّة وبين الحركة الوطنيّة‬


‫الفلسطينيّة‬
‫الدّروز هم مجموعة دينيّة من مكونات الفسيفساء اإلسرائيليّة الذي يتشكل من مجموعات عرقيّة عديدة ومتنوعة‪.‬‬
‫ويمكن اعتبارهم أقلّيّة داخل أقلّيّة‪ :‬أقليّة عرقيّة دينيّة داخل األقليّة العربيّة‪ ،‬وقد اختارت مسارا مختلفا عن مسار سائر‬
‫العرب في إسرائيل‪ ،‬من ناحية مشاركتهم في حياة الدّولة‪ .‬وهذه المشاركة تخلق هويّة درزيّة معقدة ومتشابكة‪ ،‬بل‬
‫ومرتبكة في بعض األحيان (‪.)Halabi ,2014‬‬

‫الرغم من انتسابهم إلى‬


‫ي (لجنة اإلحصاء المركزيّة‪ .)2015 ،‬وعلى ّ‬
‫يعيش اليوم في إسرائيل نحو ‪ 130‬ألف درز ّ‬
‫ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة في كل من سوريّا ولبنان‪ ،‬إال أن هويّة وطنيّة مختلفة قد تش ّكلت لدى دروز إسرائيل على ّ‬
‫مر‬
‫مروا به‪ ،‬مقارنة بإخوانهم في اإلقليم‪ ،‬خالل‬ ‫السنوات‪ ،‬وكذلك سلوكا سياسيًّا مختلفًا‪ .‬وقد حدث التغيير األساس ّ‬
‫ي الذي ّ‬
‫المائة سنة الماضية‪ ،‬بسبب نشاطات الحركة الصهيونيّة في فلسطين‪ ،‬والحقًا في أعقاب إقامة الدّولة اليهوديّة في‬
‫إسرائيل (‪.)Firro ,1992‬‬

‫‪5‬‬
‫ي‪ ،‬أي أقل من ‪ %1‬من سكان فلسطين‪ .‬ونظرا‬
‫عاش هنا‪ ،‬لدى بداية نشاط الحركة الصهيونيّة‪ ،‬نحو ‪ 7‬آالف درز ّ‬
‫لكون هؤالء أقليّة ال تذكر وتعيش وسط أغلبيّة مسلمة‪ ،‬فقد عانى الدّروز في أكثر من مرة من المضايقات والتنكيل‬
‫ي‪-‬‬
‫على خلفيّة دينيّة‪ .‬هذه المضايقات‪ ،‬وغياب قيادة فكريّة دفعتهم إلى اتخاذ موقف محايد تجاه النزاع الصهيون ّ‬
‫ي الذي كان آخذا في التصاعد‪ .‬وقد تبنّت هذا الموقف‪ ،‬أساسا‪ ،‬القيادة الدينيّة‪ ،‬التي رأت في ال ّ‬
‫صراع‬ ‫الفلسطين ّ‬
‫ي صراعا دينيّا بين اليهود والمسلمين‪ .‬وبسبب هذا الموقف المحايد‪ ،‬انضم أفراد معدودون فقط‬
‫ي‪ -‬الفلسطين ّ‬
‫الصهيون ّ‬
‫إلى الثّورة العربيّة في حربها ضد الحركة الصهيونيّة‪ .‬وهذا بالذات ما أدى إلى تفاقم العالقات المتوتّرة أصال بين‬
‫الدّروز وسائر الفلسطينيّين (‪.)Parsons, 2000‬‬

‫فرو بأن الخالف بين الدّروز وبقيّة العرب في فلسطين قد ت ّم استغالله من قبل الحركة الصهيونيّة‪،‬‬
‫يقول المؤرخ قيس ّ‬
‫وبأن األخيرة قد شجعت الدّروز بجميع الطرق الممكنة على التمسك بموقفهم المحايد‪ ،‬بل وحاولت استقطابهم إلى‬
‫صراع‪ .‬ويشير فرو إلى أن المسؤولين عن بدء العالقات بين الحركة الصهيونيّة والدّروز كانوا إسحق‬
‫جانبها في ال ّ‬
‫بن تسفي‪ ،‬الذي صار الحقًا رئيس للدولة‪ ،‬وآبا حوشي‪ ،‬الذي كان رئيسا لبلديّة حيفا‪ ،‬وذلك بواسطة صالح خنيفس‬
‫من شفاعمرو‪ ،‬ولبيب أبو ركن من عسفيا‪ ،‬وهم أبناء عائلة شيخين قتال على يد العرب سنة ‪ 1939‬أثناء الث ّورة‬
‫الفلسطينيّة الكبرى (فرو ‪1982‬؛ ‪.)Firro ,1992‬‬

‫الرغم من الجهود ّ‬
‫الطائلة التي بذلتها الحركة الصهيونيّة الستقطاب الدّروز إلى جانبها‪ ،‬إال أن الدّروز قد‬ ‫وعلى ّ‬
‫التحول في هذا الموقف قد‬
‫ّ‬ ‫حافظوا على موقفهم المحايد طيلة الحرب‪ ،‬حتى خالل حرب ‪ .1948‬وقد كانت نقطة‬
‫ي‬
‫س ّجلت في حرب االستقالل‪ ،‬في الحرب الدّائرة حول رمات يوحانان (أيّار ‪ /‬مايو ‪ )1948‬حين استسلم اللواء الدّرز ّ‬
‫اآلتي من سوريّا‪ ،‬والذي قاتل "الهاجاناة" قد وانسحب ألسباب غير واضحة حتى اليوم‪ .‬لقد انسحب غالبيّة جنود هذا‬
‫اللواء‪ ،‬مع قائدهم شكيب وهاب‪ ،‬إلى سوريّا‪ ،‬وظ ّل قلة منهم وانضموا إلى الـ "هاجاناة"‪ ،‬وقد حصل ذلك بوساطة‬
‫من كل من خنيفس وأبو ركن‪ .‬بد َءا من تلك اللحظة‪ ،‬تغيّر الموقف المحايد‪ ،‬وقد تمكنت المجموعة التي يقودها هذين‬
‫ي (‪.)Parsons, 2000‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصين من قلب الميزان لصالح الجانب اليهود ّ‬

‫سسة العمل بسياستها المتمثّلة في فصل الدّروز عن سائر العرب‪ ،‬كأداة لتفكيك وإضعاف‬
‫بعد قيام الدّولة‪ ،‬واصلت المؤ ّ‬
‫األقليّة العربيّة الفلسطينيّة والسيطرة عليها‪ .‬وفي العام ‪ ،1956‬ت ّم تطبيق قانون التّجنيد اإللزامي للجيش اإلسرائيل ّ‬
‫ي‬
‫الطائفة وقيادتها‪ ،‬وخصوصا قيادتها السياسيّة (زيدان‪ .)2015 ،‬مثّل‬‫على الدّروز‪ ،‬خالفا إلرادة وموقف غالبيّة أبناء ّ‬
‫تحول ها ّمة في تشكيل هويّة أبناء ّ‬
‫الطائفة في إسرائيل من ناحيتين أساسيّتين‪ :‬من الناحية‬ ‫تجنيد الدّروز نقطة ّ‬
‫االجتماعيّة‪ -‬السياسيّة‪ ،‬حيث تعامل غالبيّة العرب مع األمر بوصفه سكينا في ظهر األمة العربيّة (حلبي‪)2005 ،‬؛‬
‫تحولت الخدمة العسكريّة في الغالب إلى الركيزة االقتصاديّة األساس ألبناء ّ‬
‫الطائفة‪ .‬إن‬ ‫ومن الناحية االقتصاديّة‪ ،‬إذ ّ‬
‫‪6‬‬
‫نحو نصف أبناء ّ‬
‫الطائفة (‪ )%42‬يعملون في وظائف مختلفة في قوات األمن اإلسرائيليّة‪ :‬الشرطة‪ ،‬وحرس الحدود‪،‬‬
‫ومصلحة السجون‪ ،‬والجيش (حسن‪.)1992 ،‬‬

‫مجلس‬
‫ٍ‬ ‫ولترسيخ هذا الفصل‪ ،‬ت ّم سنة ‪ 1957‬االعتراف ّ‬
‫بالطائفة الدّرزيّة بوصفها طائفة دينيّة مستقلة‪ ،‬وقد ت ّم تشكيل‬
‫ضا في وزارة الداخليّة‪،‬‬
‫ي ومحاكم شرعيّة درزيّة‪ .‬وسنة ‪ ،1962‬طرأ تغيير على تسجيل السكان الدّروز أي ً‬
‫ي ٍ درز ّ‬
‫دين ّ‬
‫ي" في فئة القوميّة في كل من بطاقات هويّة وميالد الدّروز‪ .‬منذ تلك اللحظة لم‬
‫ي بـ "درز ّ‬
‫وتم استبدال توصيف عرب ّ‬
‫سياسة‪ ،‬ت ّم سنة ‪1976‬‬
‫وكاستمرار لهذه ال ّ‬
‫ٍ‬ ‫يعد يُنظر إلى الدّروز بوصفهم عربا من ناحي ٍة رسميّة (أوبنهايمر‪.)1979 ،‬‬
‫ي منفصل شغل المناصب في‬
‫ي‪ ،‬وت ّمت إقامة جهاز تربو ّ‬
‫ي في القرى الدّرزيّة عن نظيره العرب ّ‬
‫فصل الجهاز التربو ّ‬
‫ي‪-‬‬ ‫ي‪ ،‬دروز‪ .‬وقد بذلت جهود مكثّفة ومو ّجهة في هذا الجهاز التربو ّ‬
‫ي لبناء الوعي الدّرز ّ‬ ‫معظمها‪ ،‬بشكل أساس ّ‬
‫ضا الدفع بالفتى والفتاة الدّروز إلى التّماهي مع‬
‫ي لدى التّالميذ والتّلميذات‪ .‬هذا الوعي‪ ،‬الذي استهدف أي ً‬
‫اإلسرائيل ّ‬
‫الدّولة ورموزها‪ ،‬بُني على التأكيد على القواسم المشتركة بين الدّروز واليهود‪ ،‬وعما يفصل بينهم وبين سائر العرب‬
‫وباألخص المسلمين (حلبي‪.)1997 ،‬‬
‫ّ‬

‫لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة‪ :‬فصل الدّروز عن عروبتهم وخلق‬


‫هويّة درزيّة – إسرائيليّة‬

‫شبّان الدّروز‪ ،‬كما أسلفنا‪ ،‬مع معارض ٍة من أبناء ّ‬


‫الطائفة‪.‬‬ ‫ي على ال ّ‬ ‫ترافق تطبيق التّجنيد اإلجبار ّ‬
‫ي في الجيش اإلسرائيل ّ‬
‫شبّان التّجنيد‪ ،‬بل وتجاهلوا أوامر التّجنيد‪ .‬وقد امتثل في عمليّة التّجنيد األولى فقط نحو ‪%50‬‬
‫إذ عارض الكثير من ال ّ‬
‫من ال ّ‬
‫شبّان الذين استلموا أوامر تجنيد‪ .‬وقد تعاملت الدّولة بصرامة مع الرافضين‪ ،‬وتم إرسال العشرات منهم إلى‬
‫شبّان لكي تُكسر المعارضة‪ .‬وقد تضاءل التهرب‬
‫السجون‪ .‬بالتوازي مع ذلك‪ ،‬ت ّم إطالق حملة دعائيّة في أوساط ال ّ‬
‫من الخدمة العسكريّة في الجولة الثالثة من جوالت التّجنيد‪ ،‬أي بعد حوالي ثالثة سنوات من الجولة األولى‪ ،‬وربما‬
‫يرجع ذلك إلى أنه بحلول ذلك الوقت كانت التّجنيد يُنظر إليه بوصفه أمرا واق َعا‪ .‬ولكن حتى بعد قبول ال ّ‬
‫شبّان الدّروز‬
‫بأوامر التّجنيد بوصفها واق َعا قائما‪ ،‬فقد واصلت شخصيات وزعامات معينة معارضة التّجنيد اإلجبار ّ‬
‫ي‪ .‬وتم إرسال‬
‫مئات الرسائل المطالبة بإلغاء هذا التّجنيد االلزامي إلى كل من وزير الدفاع ورئيس الحكومة‪ ،‬كما أقيمت تج ّمعات‬

‫‪7‬‬
‫معارضة للتجنيد‪ .‬في آذار‪/‬مارس ‪ّ 1956‬‬
‫نظم الشيخ فرهود‪ ،‬وهو رجل دين مه ّم ومن زعماء معارضي التّجنيد‪،‬‬
‫مؤتمرا من هذا النوع (زيدان‪)2015 ،‬‬
‫ً‬

‫مع مرور السنوات‪ ،‬تضاءلت مقاومة التّجنيد‪ ،‬لكنها ظلت موجودة بصور مختلفة وبكثافات مختلفة طيلة الوقت‪ .‬ش ّكل‬
‫سنة ‪ 1971‬الشيخ فرهود لجنة المبادرة الدّرزيّة‪ ،‬التي عقدت لواءها على معارضة قانون التّجنيد اإلجبار ّ‬
‫ي للدّروز‪.‬‬
‫وقد انضم إلى اللّجنة الكثير من المثقفين الدّروز‪ ،‬وتصاعدت قوتها‪ .‬سنة ‪ 1973‬نجحت اللّجنة في جمع نحو ‪10‬‬
‫آالف توقيع على عريضة تطالب بإلغاء قانون التّجنيد اإللزامي للدّروز‪ ،‬وتم إرسالها إلى كل من وزير الدفاع ورئيس‬
‫الحكومة (القاسم‪1995 ،‬؛ حلبي‪.)1997 ،‬‬

‫في أعقاب أنشطة لجنة المبادرة الدّرزيّة‪ ،‬وكذلك في أعقاب زعزعت ثقة الكثير من الدّروز بالدّولة‪ ،‬وبنواياها‬
‫ي‪ :‬لجنة أكاديميّة برئاسة‬
‫الحقيقيّة من وراء الدمج‪ ،‬ت ّم تشكيل لجنتين للتحقيق في أسباب استياء الشباب الدّرز ّ‬
‫بروفيسور غابرييل بن دور من جامعة حيفا‪ ،‬ولجنة برلمانيّة برئاسة عضو لجنة الداخليّة البرلمانيّة آنذاك‪ ،‬عضو‬
‫الكنيست أبراها ّم شاخطرمان‪ .‬ور غم اختالف األرضيات التي انطلقت منها اللجنتين واختالف تركيبتيهما‪ ،‬إال أن‬
‫ي على اللّجنة البرلمانيّة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫استنتاجاتهما وتوصياتهما كانت متشابهة‪ .‬وسأركز في هذا المقال بشكل أساس ّ‬
‫صلت إليها لجنة شاخطرمان كما يلي‪:‬‬
‫توصياتها المتعلقة بالتعليم قد نفذت حرفيا‪ .‬كانت خالصة االستنتاجات التي تو ّ‬

‫ي‪ ،‬وقد قامت بالقليل في‬ ‫"تعتقد اللّجنة بأن دولة إسرائيل لم تقم بما يكفي في مجال تعليم الوعي الدّرز ّ‬
‫ي‪ -‬اإلسرائيل ّ‬
‫ي‪ .‬لقد أدى األمر إلى إلحاق الضرر‬
‫ي‪ -‬اإلسرائيل ّ‬
‫مجال التربية والدعاية في أوساط الفتية الدّروز لتعزيز الوعي الدّرز ّ‬
‫يسرع‬ ‫ي على جميع أبناء ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة أن ّ‬ ‫بالدّولة وبصورتها‪ .‬كان من المفترض بأن تطبيق قانون التّجنيد اإلجبار ّ‬
‫ي بوصفه أساسا أيديلوجيّا‬‫ي ‪ -‬اإلسرائيل ّ‬‫من قيام دولة إسرائيل بتشجيع المتعلمين على تطوير أسس الوعي الدّرز ّ‬
‫تفسيرا منطقيًّا وخلفيّة نفسيّة وأيديولوجيّة لمسألة تماهيه الكامل مع الدّولة‪ ،‬واستعداده‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫وتفكيريًّا يمنح ال ّ‬
‫شابّ الدّرز ّ‬
‫ي‪".‬‬
‫للمحاربة في سبيلها والحفاظ في ذات الوقت على فرادته كدرز ّ‬

‫(تقرير لجنة شاخطرمان‪ ،1975 ،‬ص ‪)2721‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد قدّمت اللّجنة العديد من التوصيات المتعلقة بجميع مجاالت حياة الدّروز في إسرائيل‪ ،‬وكان فحواها يتعلق‬
‫باالستثمار في البنى التحتيّة‪ ،‬والتوظيف‪ ،‬والتجارة‪ ،‬واالقتصاد في قرى الدّروز لغرض تقليص الفجوات بينهم وبين‬
‫السكان اليهود‪ .‬بل إن اللّجنة قد أوصت حتى بإقامة قرية درزيّة‪ ،‬إلى جانب تغيير النّظام التعليم ّ‬
‫ي‪ .‬ولم يتم تطبيق‬
‫ي‪ ،‬كالتالي‪:‬‬ ‫غالبيّة توصيات اللّجنة‪ ،‬باستثناء التوصيات المتعلقة بالجهاز التربو ّ‬
‫ي‪ ،‬وهي‪ ،‬بشك ٍل أساس ّ‬

‫‪8‬‬
‫خاص من المتعلمين الدّروز واليهود لالهتمام بمسألة التعليم في أوساط ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة؛ ‪ .2‬تغيير‬ ‫ّ‬ ‫"‪ .1‬تشكيل فريق‬
‫ي؛ ‪ .3‬تبديل‬
‫ي‪-‬اإلسرائيل ّ‬
‫ي في مدارس القرى الدّرزيّة حيث يتم التركيز فيه على أسس الوعي الدّرز ّ‬
‫المنهاج التعليم ّ‬
‫طاقم المعلمين والمربين في هذه القرى بحيث يصبح غالبيتهم من أبناء ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة؛ ‪ .4‬تتم دعوة ضباط دروز‬
‫كبار في الجيش‪ ،‬ومعاقين من معاقي الجيش من أبناء ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة لكي يلقوا محاضرات أمام الصفوف العالية‬
‫حول خدمتهم في الجيش لغرض تسهيل استيعاب الجنود الشباب‪ ،‬تمهيدا لتجنيدهم؛ ‪ .5‬ستوعز وزارة التربية والتعليم‬
‫ي‬
‫بأن يتم التعليم في جميع المدارس الدّرزيّة حول وجود حلف دم وشراكة في المصير بين كل من الشعب اليهود ّ‬
‫ّ‬
‫والطائفة الدّرزيّة‪".‬‬

‫(المصدر السابق‪ ،‬ص‪)2724 .‬‬

‫وعلى عكس توصيات العديد من اللجان البرلمانيّة التي ال تطبق‪ ،‬فقد قبلت الحكومة بتوصيات لجنة شاخطرمان‬
‫وطبقتها على الفور‪ .‬تلك اشارة إلى مدى أهميتها للدولة ومؤسساتها‪ ،‬وإلى مدى أهميّة تهدئة االوضاع في الشارع‬
‫ي كان‬
‫ي وتعزيز الدافعيّة باتجاه الخدمة العسكريّة‪ .‬وسرعان ما ت ّم تشكيل لجنة برئاسة سلمان فالح‪ ،‬وهو درز ّ‬
‫الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬حيث شرعت هذه اللّجنة بتطبيق‬
‫آنذاك مفتشا في وزارة التربية والتعليم في مجال اللغة اإلنجليزيّة في الوسط العرب ّ‬
‫توصيات لجنة شاخطرمان حرفيا ومن دون أيّة مراعاةٍ لإلجراءات المعمول بها أو لرغبة أبناء ّ‬
‫الطائفة (حلبي‪،‬‬
‫‪ .)1997‬وكانت هذه اللّجنة التي تش ّكلت بروح توصيات لجنة شاخطرمان‪ ،‬قد وضعت نصب عينيها مه ّمة خلق وعي‬
‫ي وإلى‬ ‫ي العرب ّ‬
‫ي لدى التلميذ‪ ،‬ولتحقيق هذا الغرض سعت إلى فصل المدارس عن الجهاز التربو ّ‬ ‫ي‪ -‬إسرائيل ّ‬‫درز ّ‬
‫صة بالتّالميذ‬
‫ي بدال من ذلك‪ .‬وقد تمثلت وظيفة المنظومة الجديدة في إنشاء مناهجٍ تعليميّ ٍة خا ّ‬
‫تشكيل لجنة للتعليم الدّرز ّ‬
‫الدّروز‪ ،‬بحيث تتالءم مع الهويّة الجديدة التي سعت إلى منحهم إياها‪ .‬وأوال وقبل كل شيء‪ ،‬اهت ّمت اللّجنة بإنشاء‬
‫أن هذه اللّجنة‬ ‫درة التاج في هذا المشروع‪ :‬موضوع التّراث الدّرز ّ‬
‫ي‪ .‬ومن المفهوم ّ‬ ‫مساق تدريسي جديد يكون بمثابة ّ‬
‫قد تشكلت بتوجيهات من وزير التربية والتعليم آنذاك‪ ،‬أهارون يدلين‪ ،‬وبمرافقة ممثلين عن وزارته‪ .‬وفي اجتماع‬
‫اللّجنة األولى حضر رئيس قسم السكرتارية التربويّة من وزارة التربية والتعليم‪ ،‬مئير آيلي‪ ،‬وبحسب محضر الجلسة‪،‬‬
‫كان هذا الرجل هو المحرك الحقيقي في الجلسة وهو الذي أصدر توجيهاته إلى المشتركين بشأن كيفيّة العمل من‬
‫أجل تطبيق توصيات لجنة شاخطرمان (وزارة التربية والتعليم‪.)1975 ،‬‬

‫‪9‬‬
‫"التّراث الد ّ‬
‫ّرزي"‪ :‬وسيلة لخلق هويّة درزيّة جديدة‬

‫قد خصصت االجتماعات األولى للفريق المكلّف بإعداد المنهاج‪ ،‬برئاسة سلمان فالح‪ ،‬الذي ترأس في ذلك الحين‬
‫ضا منصب رئيس لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة التابعة لوزارة التربية والتعليم‪ ،‬للمناقشات بشأن المساق الجديد‪،‬‬
‫أي ً‬
‫والمضامين التي يليق أن تُعلم في إطاره‪ ،‬وفي أيّة صفوف ينبغي تدريسه‪ ،‬ومن هم المعلمون الذين سيقومون بتدريسه‪.‬‬
‫وفي االجتماع الثالث للجنة صدر القرار بأن يتم تعليم مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي في الصفوف من الثاني إلى الثاني‬
‫عشر‪ ،‬بواقع ساعتين أسبوعيتين لكل صف‪ ،‬وبأن يتم امتحان تالميذ الثانويّة في هذا المساق في امتحانات الثانويّة‬
‫العامة (البغروت) بواقع وحدتين تعليميّتين‪ .‬وكان االتجاه يتمثل في الشروع في تعليم المساق في جميع الصفوف‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬ولذا صدر القرار بتأليف ثالثة كتب للمراحل الدراسيّة الثالثة‪ :‬االبتدائيّة‪ ،‬واإلعداديّة‪ ،‬والثانويّة‪( .‬وزارة‬
‫التربية والتعليم‪ 1976 ،‬أ)‪.‬‬

‫وقد طرحت في اجتماعات اللّجنة مقترحات لمضامين حول موضوعين‪ :‬أولهما‪ ،‬العادات‪ ،‬واآلداب‪ ،‬والزعماء‪،‬‬
‫بالطائفة الدّرزيّة؛ وثانيهما‪ :‬العالقة بين أبناء ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة من جهة‪ ،‬وبين اليهود‬ ‫ّ‬ ‫واألعياد‪ ،‬وغيرها مما يتعلق‬
‫ودولة إسرائيل من جهة ثانية‪ .‬وقد اقتُرح أن تُشمل كتب عن الدّروز الذين يخدمون في الجيش اإلسرائيل ّ‬
‫ي‪ ،‬والجنود‬
‫الدّروز الذين حصلوا على أوسمة الشرف‪ ،‬ومن قتلوا في سياق نشاطهم العسكري‪ ،‬وعالقة الدّروز واليهود إبان‬
‫ي‪ .‬وفيما يتعلق بالموضوع األول‪ ،‬لم تظهر في اللّجنة خالفات‪ .‬أما‬ ‫حقبة االنتداب‪ ،‬والتّجنيد اإلجبار ّ‬
‫ي والوعي الدّرز ّ‬
‫الموضوع الثاني فقد عارضته فئة قليلة‪ ،‬لكن تلك األصوات كانت أصوات معدودة ولم يكن لها وزن في اللّجنة‬
‫(وزارة التربية والتعليم‪ 1976 ،‬ب)‪.‬‬

‫صدر القرار بأن يقوم معلمون دروز بتعليم المساق‪ ،‬ولكن كان هنالك نقاش إن كان يجب أن يكون أولئك رجال دين‬
‫عارفين بالموضوع‪ ،‬أو معلمون ذوي معرفة تربويّة يتم تأهيلهم لألمر‪ .‬وبناء على توصية وزارة التربية‪ ،‬فقد صدر‬
‫ي) في إطار‬
‫القرار بأن يتم تمرير حصص التربية الدينيّة لتالميذ المرحلة االبتدائية في الخلوة (مكان العبادة الدّرز ّ‬
‫ي ابتداء من الصف السابع في المدارس‪ .‬وكان هذا‬‫ي‪ ،‬على أن تقام حصص التّراث الدّرز ّ‬
‫مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫المخطط مشترط بمصادقة الشيخ أمين طريف‪ ،‬الزعيم الروحي ّ‬
‫للطائفة في تلك األيام‪ .‬وعلى أي حال‪ ،‬فقد صدر‬
‫ي في المدارس الدّرزيّة ابتداء من السنة الدراسية ‪1977‬‬ ‫القرار بالشروع في تعليم التّراث الدّرز ّ‬
‫ي كمساق تربو ّ‬
‫(وزارة التربية والتعليم‪.)1977 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫في تشرين أول‪/‬أكتوبر من سنة ‪ ،1977‬أي بعد نحو شهر من الشروع في تعليم مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬عقدت جلسة‬
‫للقيادة الروحية مع فالح‪ ،‬رئيس لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة‪ ،‬وصدرت فيها القرارات التالية‪:‬‬

‫"(‪ )1‬يلتزم السيد سلمان فالح منذ اآلن فصاعدًا‪ ،‬بأن ال يتم تعليم مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي في المدارس الرسمية في‬
‫ي؛ (‪ )3‬يلتزم السيد فالح بعدم‬
‫ضا بعدم تعليم أي أمر يتعلق بالدين الدّرز ّ‬
‫القرى الدّرزيّة؛ (‪ )2‬يلتزم السيد فالح أي ً‬
‫التعليم عن األنبياء‪ ،‬األماكن المقدسة‪ ،‬وال ّ‬
‫شخصيات الدينيّة الدّرزيّة؛ (‪ )4‬تسمح القيادة الروحية بالتعليم عن اآلداب‬
‫ي‪ ،‬التي ال عالقة لها بالديانة الدّرزيّة (حلبي‪ .1997 ،‬ص‪".)74-73.‬‬
‫واألخالق الدّرزيّة‪ ،‬والتاريخ الدّرز ّ‬

‫ظلت هذه القرارات حبرا على ورق‪ ،‬وواصلت المدارس الدّرزيّة تعليم مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي كما خطط لألمر‪.‬‬
‫ولربما بسبب الموقف الثابت لرجال الدين بهذا الشأن‪ ،‬قامت وزارة التربية والتعليم بطلب بحث برئاسة "شيفح‬
‫ايدن"‪ ،‬الذي كان يشغل في ذلك الحين منصب مدير مركز المناهج التدريسية في وزارة التربية والتعليم‪ ،‬لكي يدقق‬
‫في القيم المقبولة على أبناء ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة‪ ،‬والتي من شأنها أن تخدم بوصفها ركيزة للمناهج الدّرزيّة في مجال‬
‫التّراث الدّرز ّ‬
‫ي في المدارس الدّرزيّة‪ .‬وتقديراتي هنا هي أن وزارة التربية والتعليم قد توقعت أن تحصل بواسطة‬
‫ي الواسع‪ ،‬وأن تتمكن بذلك من االلتفاف على فيتو القيادة الروحية‪.‬‬
‫هذا البحث على شرعية من جانب الجمهور الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬إلى مركز المناهج الدراسية في‬
‫وقد ت ّم تقديم تقرير البحث‪ ،‬الذي ارتكز على عينة تمثيلية من المجتمع الدّرز ّ‬
‫وزارة التربية والتعليم سنة ‪ .1979‬ومن ضمن االستخالصات ظهر بأن هنالك اتفاق واسع بين المستطلعة آراؤهم‬
‫بشأن أربعة مواضيع فقط‪ ،‬بوصفها الئقة بأن يتم تدريسها في مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي‪ :‬اإلنسان ومعتقداته‪ ،‬اإلنسان‬
‫وطائفته‪ ،‬اإلنسان وعائلته‪ ،‬واإلنسان وصديقه (أيدن‪ ،‬وولف‪ ،‬وعزام‪.)1979 ،‬‬

‫ي‪ ،‬وتم رفض موضوعين بشكل كامل‪ :‬اإلنسان ودولته‪ ،‬وقضية‬


‫تضاربت اآلراء في موضوع الدّروز والعالم العرب ّ‬
‫الدّروز واليهود‪ ،‬ولم يعتبرا الئقين بأن يشمال في مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي‪.‬‬

‫وقد ورد في التلخيصات التي كتبها القائمون على البحث‪ ،‬بشكل واضح‪:‬‬

‫ي‪ ،‬الحفاظ على وحدة‬


‫"إن األهداف التي ثبت بأنها مقبولة ومتفق عليها‪ ،‬تنتمي أساسا إلى مجاالت االعتقاد الدين ّ‬
‫ّ‬
‫الطائفة وفرادتها‪ ٍ]...[ .‬صحيح أن هذه األهداف ستخدم بوصفها أساسا لتحضير المادة التدريسية [‪ .]...‬المشاكل‬
‫المحددة المتعلقة بالحياة في دولة يهوديّة ال تشكل مبحثا في مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي [ايدن‪ ،‬وولف‪ ،‬وعزام‪،1979 ،‬‬
‫ص‪".)302 -301.‬‬

‫‪11‬‬
‫وبناء على هذا البحث‪ ،‬ترتبط المواضيع األساسيّة الالئقة بأن يتم تعليمها في مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي بالديانة الدّرزيّة‬
‫وبما يميز ّ‬
‫الطائفة بوصفها طائفة دينيّة‪ ،‬ال شعبا‪ .‬إال أن القيادة الروحية الدّرزيّة كانت مصرة على معارضتها على‬
‫تعليم كل ما يتعلق بالدين‪ .‬ولذا فإن ما ظل ممكن التحقق من ناحية المضامين كان المواضيع العامة‪ ،‬كالعالقات بين‬
‫اإلنسان وصديقه‪ ،‬وبين اإلنسان وعائلته‪.‬‬

‫يُظهر الفحص الدقيق لكتب التّراث التي ت ّم إدخالها إلى المدارس الدّرزيّة بأن من كتبوا هذه الكتب قد تجاهلوا االتفاق‬
‫المعقود بين اللّجنة وبين الزعماء الدينيّين برئاسة الشيخ أمين طريف‪ ،‬كما تجاهلوا نتائج الدراسة التي كانت وزارة‬
‫التربية والتعليم قد طلبتها بنفسها‪ .‬كان هدف هذه الكتب تطبيق توصيات لجنة شاخطرمان فيما يتعلق ببناء هوية‬
‫ي‪ ،‬من خالل التركيز على حلف الدم والشراكة في المصير بين الدّروز واليهود‪.‬‬
‫ي إسرائيل ّ‬
‫ووعي درز ّ‬

‫كما تشير مطالعة الكتب إلى أن الهدف الذي ت ّم من أجله خلق مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي يتمثل في خلق وعي وهوية‬
‫درزيّين جديدين‪ ،‬يتمثل كنهه في فصل العالقة مع عروبة الدّروز وفي تعزيز عالقتهم باليهود‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن نصف‬
‫كتاب األعياد (فالح وعزام‪ ،)1997 ،‬المخصص للتدريس عن األعياد الدّروز‪ :‬عيد زيارة مقام النبي شعيب‪ ،‬عيد‬
‫األضحى‪ ،‬عيد زيارة مقام النبي الخضر‪ ،‬وعيد زيارة مقام النبي سبالن‪ ،‬مكرس لعيد النبي شعيب‪ ،‬رغم أن عيد‬
‫األضحى كان هو عمليا العيد الوحيد لدى الدّروز‪ ،‬فيما كانت باقي المناسبات ال تعني سوى الحجيج إلى مقامات‬
‫األنبياء‪ .‬وفي نظرة معمقة يتضح السبب وراء هذا األمر‪ :‬إذ أن غالبيّة النصوص المتعلقة بمقام النبي شعيب تتمحور‬
‫حول العالقة بين النبي شعيب والنبي موسى‪ ،‬ولكون شعيب قد قام بتزويج ابنته صفورة إلى النبي موسى‪ .‬وقد تكررت‬
‫عبارة "شعيب حمو موسى" ‪ 11‬مرة‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هذه الرواية توراتية‪ ،‬وإلى أن غالبيّة النصوص‬
‫في هذا السياق مقتبسة بالفعل من التوراة‪ ،‬في حين أن الرواية الدينيّة الدّرزيّة حول األمر مختلفة في كنهها‪ .‬وبناء‬
‫على هذه الرواية‪ ،‬فإن النبي شعيب لم تكن لديه أصال بنت‪ ،‬وذلك ألن أنبياء الدّروز ال يتزوجون‪ ،‬وبالتالي فإنه لم‬
‫يقم بتزويج ابنته المفترضة لموسى‪ .‬إن هذه الرواية معروفة لمؤلفي الكتاب‪ ،‬لكنهم يستعرضونها بتواضع شديد من‬
‫خالل أربعة سطور فحسب (المصدر السابق‪ ،‬ص‪.)24 .‬‬

‫يتكرر هذا التوجه بصورة أكثر علنية وبروزا في كتاب اقتباسات من التّراث الد ّ‬
‫ّرزي (فالح وعزام‪:)1983 ،‬‬

‫ضا‬
‫"هنالك جانب آخر من الشبه بين الدّروز واليهود‪ ،‬وهو مصير الشعبين بوصفهما أقليتين‪ ،‬وذلك ألن الدّروز أي ً‬
‫قد عانوا من المالحقة واالضطهاد من قبل الغالبيّة‪ .‬لقد كانوا دائما أقلية بين المسلمين أو المسيحيين‪ ،‬وألنهم أقلية فقد‬
‫عانوا من قمع دائم‪ ،‬وصل في بعض األحيان إلى حد المجازر التي ت ّم تنفيذها بحقهم‪ .‬وهذا كلّه يقرب الدّروز إلى‬
‫مصير األقلية اليهوديّة المالحقة‪ ،‬إلى جانب الدين وإخالصهم ألبناء شعبهم (المصدر السابق‪ ،‬ص‪".)171 .‬‬

‫‪12‬‬
‫والحقًا‪ ،‬يعود الكاتبان ليؤكدا على العالقة ما بين النبيين شعيب وموسى‪:‬‬

‫"أحد األنبياء األكثر تقديسا في أوساط الدّروز هو النبي شعيب‪ ،‬حمو النبي موسى‪ ،‬حيث يشبه الحج إلى قبر النبي‬
‫شعيب لدى الدّروز‪ ،‬حج اليهود إلى كل من جبل ميرون وطبريا‪ .‬ولدى الدّروز عدة مقامات مقدسة أخرى ألنبياء‬
‫مشتركين بينهم وبين اليهود (المصدر السابق‪ ،‬ص ‪".)173‬‬

‫نلخص ونقول‪ ،‬كان السبب المعلن إلدراج مساق التّراث الدّرز ّ‬


‫ي يتمثل في انعدام وجود حصص تربية دينيّة في‬
‫المدارس الدّرزيّة‪ ،‬على العكس مما هو حاصل في المدارس العربيّة التي فيها حصص تربية دينيّة يُدرس فيها‬
‫تحول التّراث الدّرز ّ‬
‫ي إلى وسيلة لفرض الهوية الدّرزيّة‪ -‬اإلسرائيليّة حسبما حددها‬ ‫اإلسالم والمسيحية‪ .‬وعمليا‪ ،‬فقد ّ‬
‫المسؤولون في وزارة التربية والتعليم‪ ،‬في تعارض مع رأي غالبيّة أبناء ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة‪ ،‬كما ت ّم التعبير عنها في‬
‫بحث أيدن‪ ،‬وولف‪ ،‬وعزام (‪ )1979‬ورجال الدين كما اتضح في بحث حلبي (‪.)1997‬‬

‫المنهاج الدراسي للعلوم اإلنسانية‪ :‬في خدمة الهوية الدرزية‬


‫الجديدة‬

‫كما ذكر سابقا ً في هذا الفصل‪ ،‬فقد ت ّم تشكيل لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة‪ ،‬لغرض تطوير وتعزيز وعي درز ّ‬
‫ي‪-‬‬
‫ي الذي أُدخل إلى المنهاج‬
‫ي‪ .‬تمثّل تو ّجه هذه اللّجنة في البداية عبر تعزيز الوعي بواسطة مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫إسرائيل ّ‬
‫سنة ‪ .١٩٧٧‬لكن بد َءا من سنة ‪ ،١٩٨٠‬ت ّم استبدال جميع المناهج في المساقات اإلنسانية‪ ،‬وت ّمت صياغة مناهج‬
‫صة بالمدارس الدّرزيّة‪ .‬وقد كان التدريس في المدارس الدّرزيّة‪ ،‬حتى ذلك الحين‪ ،‬يتم وفقا للمنهاج‬
‫تعليميّة جديدة خا ّ‬
‫المعمول به في سائر المدارس العربيّة في إسرائيل‪ .‬بيد ّ‬
‫أن هذه الكتب‪ ،‬بحسب رئيس لجنة التربية والثقافة الدّرزيّة‬
‫لم تحت ِو على مضامين حول التّراث والتاريخ الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬وبذا فإنها لم تكن مفيدة في خدمة الهدف المتمثل في تعزيز‬
‫ي‪ .‬لهذا الغرض‪ ،‬ت ّم استبدال هذه الكتب بكتب تخدم هذا الهدف (فالح‪ .1988 ،‬ص‪ .)8 .‬وبالفعل‪ ،‬جرى‬
‫الوعي الدّرز ّ‬
‫العمل ما بين السنوات سنة ‪ ١٩٨٠‬حتى ‪ ١٩٨٥‬على إدخال مناهج جديدة للمدارس الدّرزيّة‪ ،‬في كل من مساقات‬
‫التاريخ‪ ،‬العبرية‪ ،‬العربيّة والمدنيات‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التاريخ للدّروز‬

‫ي بحسب المفتّش التربو ّ‬


‫ي المسؤول عن هذا المساق‪ ،‬هو أن‬ ‫كان الداعي لصياغة مناهج تعليميّة حول التاريخ الدّرز ّ‬
‫ي أن يتعلم ويتعرف على تاريخه (بيراني‪ .)24-22 :1988 ،‬على الطالب أن يتعلمها‪ .‬وقد كانت‬
‫على الطالب الدّرز ّ‬
‫لدى البروفسور قيس فرو الذي كان عضوا ً في اللّجنة التي قامت بتحضير منهاج التاريخ الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬والذي استقال من‬
‫اللّجنة نتيجة خالفات أيديولوجية‪ ،‬فكرة مختلفة عن الموضوع‪ .‬إذ اعتقد فرو ان تعليم التاريخ الدّرز ّ‬
‫ي كان يتجاوز‬
‫ي‪ .‬وأنه قد جاء ليخدم اهدافا ً سياسيّة تسعى لفصل الدّروز عن أبناء شعبهم العرب ّ‬
‫ي وخلق هوية‬ ‫ي‪-‬التربو ّ‬
‫الهدف التعليم ّ‬
‫درزيّة جديدة‪ .‬وقد تساءل فرو بروح الفكاهة‪:‬‬

‫"إذا كان للدّروز الحق في تعلّم تاريخهم‪ ،‬فلماذا تحرم الفئات األخرى‪ ،‬كالسنة‪ ،‬والشيعة‪ ،‬والكاثوليك‪ ،‬واليهود‬
‫المغاربة‪ ،‬من حقها في التعلّم عن تاريخها‪ ،‬حيث إن لكل طائفة تاريخها!" (حلبي‪.)76-75 :1997 ،‬‬

‫اتّضح الحقًا أن مخاوف ّ‬


‫فرو قد كان لها ما يبررها‪ ،‬إذ جرى سنة ‪ 1980‬إدخال كتابين في منهاج التاريخ المخصص‬
‫ي (فالح‪ .)1979 ،‬فيما تمحور‬
‫ي‪ .‬وقد تمحور األول حول بداية التاريخ الدّرز ّ‬
‫للمدارس الدّرزيّة حول التاريخ الدّرز ّ‬
‫ي لهذا المساق‪ ،‬فقد صار‬
‫ي الحديث (فالح‪ .)1980 ،‬وعلى العكس مما قاله المفتش التربو ّ‬
‫الثاني حول التاريخ الدّرز ّ‬
‫ي هو المضمون الرئيسي الذي يتعلمه الطالب الدّروز في هذا المساق؛ وقد ش ّكل هذا التاريخ ما نسبته‬
‫التاريخ الدّرز ّ‬
‫الثلث من المواد التي يدرسها الطالب المتحان الثانوية العامة (البغروت)‪ .‬بينما يشمل الثلثان المتبقيان تاريخ العرب‪،‬‬
‫وتاريخ الشرق األوسط‪ ،‬والتاريخ الحديث‪ ،‬ويتجلى هذا التقسيم في امتحانات البغروت بشكل واضح‪.‬‬

‫ي" في الكتاب الذي ألّفه فالح (‪-١٨٥ :١٩٨٠‬‬


‫من خالل معاينة النصوص الموضوعة تحت عنوان "التاريخ الدّرز ّ‬
‫‪ ،)٢٠٥‬ترد اقتباسات مختلفة حول وجود الدّروز في البالد‪ ،‬فقسم من المصادر المقتبسة‪ ،‬مقتبس عن يهود يصفون‬
‫الدّروز بصورة شديدة اإليجابية‪ ،‬فيما ت ّم إيراد اقتباسات أخرى من مؤرخين العرب‪ ،‬يصورون الدّروز بصورة سيئة‬
‫ي‪ ،‬الدمشقي‪ ،‬الذي يقول‪" :‬سكان هذا الجبل دروز‪ ،‬وهم‬
‫جدا‪ .‬مثال على ذلك االقتباس المنسوب إلى المؤرخ العرب ّ‬
‫كاذبون‪ ،‬ويتنكرون للشريعة اإلسالمية‪ ،‬ويؤمنون بتقمص األرواح‪ ،‬ويأكلون لحم الخنزير ولحم الميتة‪ "...‬المصدر‬
‫المحرمات في‬
‫ّ‬ ‫ي يطلق عليه اسم العثماني‪" :‬يح ّل الدّروز‬
‫السابق‪ .)193 :‬مثال آخر على هذا‪ ،‬اقتباس من مؤرخ عرب ّ‬
‫عالقات الزواج والطعام ويأكلون لحم الخنزير‪ ،‬ويشربون المسكرات‪ ،‬ويمارسون الرذيلة‪ ،‬ويزرعون الحشيش [‪]...‬‬
‫(المصدر السابق‪ ،‬الصفحة ذاتها)‬

‫‪14‬‬
‫بالمقابل يورد الكتاب اقتباسا منسوبا إلسحق بن تسفي‪ ،‬الرئيس الثاني إلسرائيل الذي يصف الدّروز قائال‪" :‬وصفهم‬
‫ألول مرة بوصفهم ساكني التالل والجبال المحيطة بمنطقة جبل حرمون‬
‫ي المعروف بنيامين متودوله ّ‬
‫المؤرخ اليهود ّ‬
‫[جبل الشيخ] [‪ ،]...‬وهم يحبون اليهود" (المصدر السابق ص‪ ،)196 .‬يقول بن تسفي معترضا ً بأن هذا الوصف‬
‫غير موضوعي وال يعتمد على البحث العلمي‪ ،‬ولكنه يؤكد على االهمية الكبرى إلبراز العالقات الطيبة بين اليهود‬
‫والدّروز كما وصفت في النص‪:‬‬

‫"لالمة الدّرزيّة خصوصية تميزها عن جميع االمم‪ .‬فهي تشبه االمة اليهوديّة في أساسيّاتها‪ .‬إذ نرى أن الدين والقوميّة‬
‫بالنسبة للدّروز سيان‪ .‬كما يتشابه الدّروز مع اليهود بكونهم مشتتين بين شعوب العالم منذ سنوات طويلة‪ ،‬لكنهم قد‬
‫نجحوا في الحفاظ على وحدتهم رغم هذا"‪( .‬المصدر السابق)‪.‬‬

‫يبدو اذًا‪ ،‬أن الهدف من مساق التاريخ كما هو الحال في مساق التّراث الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬لم يتمثل في تعزيز الوعي والفخر‬
‫ضا في إبراز العالقة التاريخيّة بين الدّروز واليهود من جهة‪ ،‬وإضعاف‬
‫ي‪ ،‬إنما تمثل أي ً‬
‫ي فقط لدى الطالب الدّرز ّ‬
‫الدّرز ّ‬
‫صا‬
‫ي وأبناء شعبه العرب من جهة أخرى‪ .‬يتم ذلك من خالل انتقاء اقتباسات تعرض قص ً‬
‫العالقة بين الطالب الدّرز ّ‬
‫من قبل أشخاص ال مصداقية واضحة لهم‪ .‬فبن تسفي نفسه‪ ،‬قال بأنها قصص غير موضوعية وغير معتمدة على‬
‫األبحاث‪.‬‬

‫ب ت ّم تأليفها في قسم المناهج‬


‫المرة بكت ٍ‬
‫عام ‪ 1988‬تم‪ ،‬مجددًا‪ ،‬تغيير كتب التاريخ المذكورة أعاله‪ .‬وقد ت ّم استبدالها هذه ّ‬
‫الدراسية في جامعة حيفا‪ .‬يصعب جدًا التمييز بين النسختين‪ ،‬سوى في جانب واحد واضح‪ :‬إذ تخلو الكتب االقتباسات‬
‫الواردة في الكتب الجديدة‪ ،‬والمأخوذة عن المؤرخين العرب‪ ،‬من أي تعريض بالدّروز‪ ،‬بل تظهر إعجابا بهم‪ ،‬رغم‬
‫أن هذه االقتباسات مأخوذة عن ذات األشخاص ومن ذات الصفحات تحديدًا‪ .‬في حين ظلت االقتباسات المأخوذة عن‬
‫المؤرخين اليهود على حالها‪ .‬وهذا يثبت بأن واضعي المناهج الدراسية يغيّرون التاريخ وفق احتياجات سياسات‬
‫وزارة التربية والتعليم ويمارسون االقتباس بصورة انتقائية ومن مصادر غير موثوقة‪.‬‬

‫العبريّة للدّروز‬

‫حتى عام ‪ 1981‬استخدمت في المدارس الدّرزيّة ذات الكتب المعتمدة لتدريس العبرية في المدارس العربيّة في‬
‫إسرائيل‪ .‬أما في ذلك العام‪ ،‬فقد جرى استبدال هذه الكتب بكتاب جديد‪ :‬أطلق عليه اسم "شورش" [جذر‪ ،‬بالعبرية]‪:‬‬
‫وهو يشتمل على فصول من األدب العبري مخصص للمدارس الدّرزيّة (في الجزء األول والجزء الثّاني) (فالح‬
‫وعرايدي‪ .)1981 ،‬وإذا كان واضحا‪ ،‬أن الهدف من وراء مساقي التاريخ والمدنيات يتمثل في تعزيز الوعي‬

‫‪15‬‬
‫ي‪ ،‬فإن األمر يستغلق على الفهم فيما يتعلق بالعبرية‪ ،‬وهو يحتاج إليضاح‪ .‬مثل هذا التوضيح نجده في كلمات‬
‫الدّرز ّ‬
‫ي لمساق اللغة العبرية في المدارس الدّرزيّة في السنوات ما بين ‪ .1995-1978‬يشدد‬
‫نعيم عرايدي‪ ،‬المفتش التربو ّ‬
‫صة في الجيش‪" :‬يخدم أبناء‬
‫عرايدي على الحاجة لكتب عبرية مخصصة للدّروز وذلك بهدف دمجهم في الدّولة وخا ّ‬
‫يعرفون عن أنفسهم كإسرائيليّين‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وهم ّ‬ ‫ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة في الجيش كما في المؤسسات المحلية في القطاع اليهود ّ‬
‫وال يستطيعون تحقيق مواطنتهم اإلسرائيليّة من دون التعرف على الثّقافة اليهوديّة والتّماهي مع الدّولة" (عرايدي‬
‫‪ ،1987‬ص‪.)26 .‬‬

‫ليس واض ًحا ما يرمي إليه المفتش في تشديده على تعلّم العبريّة وتعريف الطالب الدّرز ّ‬
‫ي بالثقافة اليهوديّة‪ ،‬فالطالب‬
‫ي يتعلم عن كل من يهودا هاليفي‪ ،‬هرتسل‪ ،‬شالوم عليخم‪ ،‬حاييم نحمان بياليك‪ ،‬شموئيل يوسف عجنون‪ ،‬شاؤول‬
‫العرب ّ‬
‫تشارنيحوفسكي‪ ،‬ابراها ّم شلونسكي‪ ،‬ليأه جولدبرج‪( ،‬ميعاري‪ .)1975 ،‬حتى أن بيريز‪ ،‬إرليخ ويوفال‪-‬ديفيس‬
‫ي أن‬
‫(‪ )1968‬قد أشاروا إلى أن هناك تشديد زائد على المعرفة الصهيونيّة واليهوديّة المطلوب من الطالب العرب ّ‬
‫يتعلمها من خالل األدب العبري‪.‬‬

‫في حال المقارنة بين كتب مساق العبرية التي أدرجت في المدارس الدّرزيّة وبين الكتاب المعتمد في المدارس العربيّة‬
‫نجد أن النصوص متشابهة‪ ،‬باستثناء تلك التي كتبت على يد دروز وعن الدّروز‪ ،‬وهي النصوص التي أضيفت للكتب‬
‫الجديدة‪ .‬يظهر مثال في كتاب شورش القديم (فالح وعرايدي‪ ،)1981 ،‬وتحت عنوان "النبي شعيب انتقم من أهل‬
‫فورا وقاموا بتدنيسه‬
‫صا مكونا من سبعة سطور بال مرجع‪ ،‬ورد فيها‪" :‬أهمل عرب حطين قبر شعيب ً‬
‫حطين" ن ّ‬
‫باألوساخ " (المصدر السابق‪ ،‬ص‪ .)120 .‬قبلها تأتي قصة شعيب في سفر الخروج (اإلصحاح ‪ ،)20 -18‬النص‬
‫الذي يظهر كذلك في كتب التّراث تحت موضوع األعياد (المصدر السابق ص‪ .)73-56 .‬باإلضافة إلى ذلك ترد‬
‫أساطير وقصص عن النبي شعيب من مصادر يهوديّة مختلفة‪ ،‬تشدد جميعها بالطبع على العالقة بين النبيين شعيب‬
‫وموسى (المصدر السابق ص‪.)109-102 .‬‬

‫عام ‪ 1994‬نشر كتاب شورش (بالعبرية) لتعليم العبريّة في المدارس الثانوية الدّرزيّة من جديد (مناهج‪.)1994 ،‬‬
‫وقد ُحذف من الكتاب‪ ،‬الذي ت ّم تحريره في قسم المناهج الدراسية التابعة لدائرة التربية في جامعة حيفا‪ ،‬المقطع الذي‬
‫يتحدث عن عرب حطين‪ .‬ولكن ت ّم اإلبقاء على المقاطع التي تتحدث عن قصة النبي شعيب‪ ،‬وقد ت ّمت إضافة مقطعين‬
‫نص لسلمان فالح‪ ،‬رئيس لجنة التربية والثقافة للدّروز‪ ،‬وهو ليس بأديب‪ ،‬ونص‬
‫جديدين يتطرقان لمواضيع مختلفة‪ّ ،‬‬
‫ي لبناني تُرجم من العربيّة‪ .‬ما يربط النصين بالشأن الدّرز ّ‬
‫ي هو أصل الكاتبين فقط‪.‬‬ ‫لكاتب درز ّ‬

‫‪16‬‬
‫العربيّة للدّروز‬

‫ي األم‪ ،‬إنها لغة كالمه ولغة تفكيره ولغته في الكتابة‪ ،‬كما أن النصوص الدينيّة‬
‫"اللغة العربيّة هي لغة الطالب الدّرز ّ‬
‫الدّرزيّة قد كتبت بهذه اللغة" (فراج׳ ‪ ،1989‬ص‪ .)9 .‬كانت هذه الجملة جز ًءا من المقدمة التي كتبها مفتش مساق‬
‫اللغة العربيّة في المدارس الدّرزيّة‪ .‬فإذا كان االمر كذلك حقًّا‪ ،‬فما هي الحاجة إلى منهاج خا ّ‬
‫ص بموضوع اللغة‬
‫العربيّة في المدارس الدّرزيّة؟ نجد االجابة على هذا السؤال في فقرة الحقة‪ ،‬ضمن مقدّمة الكتاب‪:‬‬

‫ي واألُدباء الدّروز‪ .‬لكي يشعر الطالب بالصلة مع وطنه وتراثه״‪ .‬لكن من‬
‫״لكي يتعرف الطالب على األدب الدّرز ّ‬
‫غير المفهوم أي وطن هو الذي يقصده كاتب النص‪ ،‬وما هي الصلة بين هذا التّراث وبين تعلّم اللغة العربيّة‪.‬‬

‫ت ّم إصدار كتاب جديد للمدارس الدّرزيّة‪ ،‬بناء على الهدف المتعلق بالطالب وصلته بوطنه ‪" -‬نصوص أدبيّة للمدارس‬
‫وفراج‪ .)1984 ،‬كانت كل النصوص‬
‫الثانوية الدّرزيّة"‪ ،‬الذي يهدف إلى توطيد العالقة بين والطالب ووطنه (فالح ّ‬
‫التي ور دت في هذا الكتاب من تأليف أدباء وشعراء دروز‪ ،‬ولكن جودة هذه النصوص وقيمتها األدبية لم تكن‬
‫ي‪ .‬تدارك المسؤولون في لجنة المعارف والثقافة هذا الخطأ بسرعة‬
‫بالمستوى المتوقع من جانب المجتمع الدّرز ّ‬
‫وفراج‪ .)1984 ،‬إال‬
‫وعملوا على نشر كتاب جديد‪ -‬مشابه بشكل كبير للكتاب المستخدم في المدارس العربيّة (فالح ّ‬
‫ضا بكتاب "المنتخب" سنة ‪( ،١٩٩٠‬مناهج دراسية‪ .)1990 ،‬كانت غالبيّة نصوص‬
‫أنه‪ ،‬ت ّم استبدال هذا الكتاب أي ً‬
‫هذا الكتاب ألدباء وشعراء من غير الدّروز‪ ،‬وكان نحو واحد من بين كل عشرة نصوص لدروز من بينهم نصين‬
‫فقط لدروز إسرائيليّين‪ -‬األ ّول لرئيس لجنة المعارف والثقافة للدّروز‪ ،‬وهو ذات النص الذي يظهر في كتاب‬
‫"شورش" بالعبرية‪ ،‬أما الثاني فهو لمفتش اللغة العربيّة في المدارس الدّرزيّة‪ .‬وكال ال ّ‬
‫شخصين غير معروف كأديب‬
‫وشاعر‪ .‬في المقابل‪ ،‬ال يحوي الكتاب نصوص ألدباء وشعراء دروز اسرائيليّين يعتبرون من أفضل وأشهر الشعراء‬
‫ي اجمع‪ ،‬بينهم الشاعر سميح القاسم‪ ،‬األديب محمد نفاع واألديب‬
‫الفلسطينيّين في إسرائيل وحتى في العالم العرب ّ‬
‫والصحفي سلمان ناطور‪.‬‬

‫مما يدل أن هدف الكتاب يتمثل في التعرف على كتاب وأدب من نوع محدد‪ ،‬النوع الذي يشدد على انعزال واختالف‬
‫الدّروز عن العرب‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫التربية االجتماعية للدّروز‬

‫عام ‪ 1985‬صدرت كراسة موضوعها التربية االجتماعية في المدارس الدّرزيّة‪ ،‬وقد تناولت أهداف التربية‬
‫ي في اسرائيل‪ ،‬التعرف إلى األماكن المقدّسة لدى الدروز‪ ،‬التعرف إلى‬
‫االجتماعية‪ :‬معرفة مواطن‪/‬االستيطان الدّرز ّ‬
‫التّراث الدّرز ّ‬
‫ي‪ ،‬التعرف إلى التعاون بين الدّروز واليهود‪ ،‬وإدراك أهميّة الخدمة العسكرية (وزارة التربية والتعليم‪،‬‬
‫‪.)1985‬‬

‫نظرا ألهمية التّجنيد للجيش‪ ،‬تض ّمنت الكراسة وصفا كامال لجميع الوحدات العسكرية والمسار الذي يبدأ منذ لحظة‬
‫تلقي الطالب الدعوة للخضوع للفحوصات في مكتب التّجنيد‪ ،‬ووصوال إلى لحظة تجنيده‪ .‬لغاية تشجيع الطالب الدّرز ّ‬
‫ي‬
‫على التّجنيد في الجيش ولكي يكون جنديًا صال ًحا ورد في الكتاب‪:‬‬

‫"يجب إقناع الطالب أنه يستطيع تحقيق ذاته واالمكانات الموجودة فيه من خالل انخراطه في الجيش‪ ،‬بصورة أفضل‬
‫من قدرته على تحقيق ذلك في األطر المدنية"‪(.‬المصدر السابق ص‪.)94 .‬‬

‫تنفذ هذه األفكار بشكل عملي في المدارس الدّرزيّة‪ .‬مثال على ذلك ما ورد في تقرير رئيس لجنة المعارف والثقافة‬
‫للدّروز‪" :‬ضمن إطار التربية االجتماعية تركز العمل (سنة ‪ )١٩٨٥‬حول تعليم الديمقراطية‪ ،‬االلتزام‪ ،‬والتحضير‬
‫للجيش"‪.‬‬

‫الحقًا ورد شرح بالتفصيل للتحضير للجيش‪:‬‬

‫سعت كتيبة "الجدناع" الدّرزيّة عملها في إطار التربية ما قبل العسكرية‪ .‬وتم عقد مؤتمرات قطرية‪ ،‬وقد تناول‬
‫"و ّ‬
‫أبرزها موضوع "دمج الشبيبة في الجيش" بمشاركة قيادات ّ‬
‫الطائفة وقيادات الجيش‪ .‬وبالفعل‪ ،‬يتم إجراء دورات‬
‫تدريبية للجيل ال ّ‬
‫شابّ إلى جانب[‪ :]...‬اضاءة المشاعل في معسكرات التدريب‪ ،‬مسيرات‪ ،‬معسكرات‪ ،‬تحضير للجيش‬
‫وغيرها (فالح‪ ،1987 ،‬ص‪".)32 .‬‬

‫بهذه ّ‬
‫الطريقة ت ّم استخدام موضوع التربية االجتماعية لتحضير الطالب للتجنيد‪ ،‬بل وحثهم على ذلك‪ ،‬من خالل إهمال‬
‫ي‪.‬‬
‫ي واالحتياجات االجتماعية للطالب الدّرز ّ‬
‫جوانب مختلفة للمجتمع الدّرز ّ‬

‫‪18‬‬
‫تربوي جديد مشكّل بأكمله من‬
‫ّ‬ ‫القوى البشرية والتوظيف‪ :‬فريق‬
‫الدّروز‬

‫ي في وزارة المعارف حتى سنة ‪ .1975‬في ذلك العام‪،‬‬


‫عمل سلمان فالح كمفتش في جهاز التربية والتعليم العرب ّ‬
‫ي‪ ،‬ت ّم تعيينه رئيسا للجنة المعارف والثقافة للدّروز‪ ،‬التي كان من‬
‫ي عن العرب ّ‬
‫وبالتزامن مع فصل المنهاج الدّرز ّ‬
‫المفترض أن تعمل كلجنة تنسيقية مع لجنة المدراء التنفيذيين بمكتب رئيس الحكومة‪ ،‬والتي تمثلت وظيفتها في نقل‬
‫االهتمام بشؤون الدّروز من مستشار رئيس الحكومة لشؤون العرب إلى المكاتب الحكومية المختلفة‪ .‬وبخالف النية‬
‫تحولتا إلى لجان ثابتة وصارت لدى فالح قوة ونفوذ متزايدين‪.‬‬
‫البدئية‪ ،‬فإن كلتي اللجنتين قد ّ‬

‫بموجب منصبه كرئيس لجنة المعارف والثقافة للدّروز‪ ،‬وبخالف التعريف األولي لمنصبه كمسؤول عن الجوانب‬
‫ي بأسره‪ -‬المنهجي والالمنهجي‪ .‬وقد جمع في‬
‫التربويّة‪ ،‬صار فالح هو المسؤول عن جهاز التربية والتعليم الدّرز ّ‬
‫يده صالحيات تعيين معلمين ومفتشين‪ ،‬تخصيص الساعات التعليميّة والموارد‪ ،‬كما صار مسؤوال عن تعليم كبار‬
‫ي الوحيد الذي‬
‫ي والمراكز الجماهيرية الدّرزيّة‪ .‬عمليا صار فالح هو الموظف العرب ّ‬
‫السن‪ ،‬وعن الكشاف الدّرز ّ‬
‫يملك صالحيات شديدة االتساع إلى هذه الدرجة‪ .‬وللمقارنة‪ ،‬فقد عمل علي حيدر بمنصب موازي في جهاز التربية‬
‫ي بد َءا من سنة ‪ ،١٩٨٨‬وقد كان منزوع الصالحيات فيما يخص التعيينات أو تخصيص الموارد‪ .‬وبنا ًء‬
‫والتعليم العرب ّ‬
‫على شهادته‪ ،‬فقد تقلص منصبه إلجراء مبادرات تربويّة وتقديم االستشارات فيما يخص إعداد مناهج تعليميّة في‬
‫المدارس العربيّة‪( .‬حيدر‪.)1988 ،‬‬

‫في السنوات ‪ 1975-1992‬ح ّل فالح في الواقع‪ ،‬محل مستشار الشؤون العربيّة في مكتب رئيس الحكومة‪ ،‬كما صار‬
‫كذلك المستشار لشؤون الدّروز في ذات المكتب‪ ،‬وهو الوضع الذي حذرت منه اللجنتان اللتان نصحتا بفصل معالجة‬
‫الدّروز عن مكتب الشؤون العربيّة‪.‬‬

‫لقد حذرت لجنة بن دافيد من ذلك بصورة واضحة (‪ ،1976‬ص‪" :)3‬تريد اللّجنة التشديد بكل طريقة ممكنة‪ ،‬أنها ال‬
‫خاص بشؤون الدّروز‪ ،‬إال أن اقتراحنا في التوصية يتمثل بأنه يجب تحديد‬
‫ّ‬ ‫ترغب التوصية بمأسسة منصب مستشار‬
‫وتعريف مدة وجود هذا المنصب‪ ،‬إلى ما بين سنة أو سنتين‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬وبشكل واضح"‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫في الجلسة الرابعة للجنة التربية الدّرزيّة في ‪ 4.2.1975‬قيل بشكل واضح إن وظيفة اللّجنة تقتصر على االهتمام‬
‫بالقضايا التربويّة وحدها‪ ،‬وأن اإلشراف على المسائل االدارية سيكون من اختصاص دائرة المنطقة‪ ،‬والتفتيش‬
‫سيكون تابعا إلدارة المنطقة (وزارة التربية والتعليم‪ .)1975 ،‬يتبيّن من خالل تقرير اللّجنة في يوم ‪ 14.7.1981‬أن‬
‫هذا القرار بقي كتوصية فقط ولم يتم تطبيقه‪ .‬التفتيش أصبح مشتر ًكا بين المنطقة واللّجنة للتربية الدّرزيّة (وزارة‬
‫التربية والتعليم‪.)1981 ،‬‬

‫يُستد ّل من تقرير اللّجنة للتربية الدّرزيّة الصادر بتاريخ ‪ 18.7.1986‬أنه قد حدث تغيير فيما يخص التفتيش‪ ،‬الذي‬
‫أصبح بشكل حصري تحت مسؤولية اللّجنة ولم تعد له صلة بوزارة المعارف‪" :‬باإلضافة إلى رئيس اللّجنة‪ ،‬كان‬
‫هناك سبعة مفتشين يعملون بوظيفة مفتش عام داخل النّظام‪ ،‬ثالثة عشر مفت ً‬
‫شا مهنيًا‪ ،‬ثالثة وعشرين مو ّجه‪ ،‬باإلضافة‬
‫لتسعة مركزين للكشاف‪ ،‬عدا عن المفتشين المهنيين من قبل دائرة المنطقة" (فالح‪ ،1987 ،‬ص‪ .)27 .‬مما يعني أن‬
‫مسؤولية التفتيش قد نقلت لتصبح تحت مسؤولية لجنة التربية الدّرزيّة‪ ،‬وما بقي تابعا لدائرة المنطقة يقتصر على‬
‫التفتيش المهني في مجال المواضيع العلمية أساسا‪ ،‬التي لم يكن للجنة صلة بها‪.‬‬

‫إلى جانب وضع مناهج تعليميّة جديدة‪ ،‬تمثلت وظيفة اللّجنة في استبدال المعلمين العرب من غير الدّروز العاملين‬
‫بالمدارس الدّرزيّة بمعلمين دروز‪ .‬لم تكن هذه الظاهرة خفية‪ ،‬بل تفاخرت اللّجنة بها‪ .‬وقد ورد في تقرير رئيس‬
‫اللّجنة حول نظام التربية والتعليم الدّرز ّ‬
‫ي سنة ‪ ،١٩٨٦ -١٩٨٥‬أن أكثر من ‪ ٪٥٠‬بالمئة من المعلمين في المدارس‬
‫الدّرزيّة كانوا من غير الدّروز في سنة في سنة ‪ .١٩٧٦‬أما في سنة ‪ ١٩٨٦-١٩٨٥‬فقد وصلت نسبة المعلمين الدّروز‬
‫ل ‪( .٪٧٢‬المصدر السابق)‪ .‬شرح رئيس اللّجنة أسباب التغيير في مقابلة صحفية‪ " :‬كان الدّروز غير راضين عن‬
‫أن نصف المعلمين في قراهم ليسوا من أبناء طائفتهم‪ .‬وقد عللوا ذلك بأن األمر يضر بخصوصية التربية الدّرزيّة‪،‬‬
‫بسبب غياب األجواء الدّرزيّة في المدرسة‪( ".‬الكلمة‪ 24.4.1990 ،‬ص‪.)40 .‬‬

‫بسبب التغييرات التي حصلت في اعقاب فصل الدّروز وإقامة لجنة المعارف للدّروز‪ ،‬انخفضت االنجازات التعليميّة‬
‫ّ‬
‫متدن جدًا‪ .‬ذلك أدى الى أن غالبيّة الدّروز‬ ‫في المدارس الدّرزيّة‪ ،‬وانخفض عدد الطالب الجامعيين الدّروز لمستوى‬
‫صة عن النتائج التعليميّة التي شهدوها‪( .‬حلبي‪.)1997 ،‬‬ ‫كانوا غير راضين عن أداء النّظام التعليم ّ‬
‫ي‪ ،‬خا ّ‬

‫سسة التربويّة الدّرزيّة‪ ،‬تجلت المعارضة من خالل نضال جماهيري استمر‬


‫ذلك الوضع افرز معارضة عريضة للمؤ ّ‬
‫لعدة سنوات‪ ،‬وأدى في النهاية إلى حل لجنة المعارف والثقافة للدّروز‪ ،‬ومنذ سنة ‪ ١٩٩١‬اصبحت المدارس الدّرزيّة‬
‫صة بوزارة التربية والتعليم‪ ،‬من دون وسطاء‪.‬‬
‫تتبع الدوائر اإلقليمية الخا ّ‬

‫‪20‬‬
‫الخاص بالدّروز‪ ،‬ولكن الواقع الذي خلق خالل ‪ ١٥‬سنة بقي‬
‫ّ‬ ‫في هذه السنة انتهت فترة فصل جهاز التربية والتعليم‬
‫على حاله مؤثرا بشدة على تربية الطالب الدّروز حتى اليوم‪ .‬وهكذا فإن المفتشين والمو ّجهين\المرشدين الذين عينتهم‬
‫اللّجنة مازالوا يزاولون عملهم في المناطق‪ .‬في حين يش ّكل المعلمون الدّروز الذين ادخلوا الى جهاز التعليم في فترة‬
‫لجنة المعارف والثقافة للدّروز اليوم‪ ،‬البنية التحتية البشرية في المدارس الدّرزيّة‪ ،‬وال تزال المناهج التعليميّة‬
‫المخصصة للدّروز معموال بها‪ .‬كما يوجد حتى اليوم منصب مفتش التربية الدّرزيّة‪ ،‬غير أن وظيفته في األساس‪،‬‬
‫تربويّة ال إدارية‪.‬‬

‫نقاش‪ :‬التربية الدّرزيّة في خدمة الدّولة اليهوديّة‬

‫ي لغرض خدمة أهدافها التي تتعلق بالسكان الدّروز‬


‫بيّنت في هذا المقال كيفية استغالل دولة إسرائيل للجهاز التربو ّ‬
‫فيها‪ ،‬والمتمثّلة أسا ً‬
‫سا في فصل الدّروز عن هويتهم العربيّة وتحويلهم لمواطنين خاضعين وجنود مطيعين‪ .‬وقد ت ّم‬
‫تنفيذ ذلك من خالل المناهج التعليميّة وبواسطة طاقم المعلمين والطواقم المهنية في المدارس التي اختيرت لغرض‬
‫سياسة‪ .‬هذه الممارسة معروفة تمارسها الدول القوميّة لمحاصرة الطالب بوعي مقبول على الدّولة‬
‫تطبيق هذه ال ّ‬
‫ويتالءم مع مصالحها (فريري‪.)1982 ،‬‬

‫سياسة في اسرائيل على الدّروز‪ ،‬الذين تظهرهم الدّولة بوصفهم من لحمها ودمها‪ ،‬بل تمارس‬
‫ال يقتصر توجيه هذه ال ّ‬
‫ي عن ثقافته وهويته القوميّة لغرض‬
‫ي‪ :‬إذ يرمي نظام التعليم الى تغريب الطالب العرب ّ‬
‫ضا تجاه الجمهور العرب ّ‬ ‫أي ً‬
‫دفعه إلى التّماهي مع الغالبيّة اليهوديّة‪ -‬الصهيونيّة وثقافتها (أبو سعد‪ ;2004 ،‬الحاج‪ .)1978 ،Mari ;1996 ،‬وقد‬
‫صة في السنين األولى للدولة (يونا وسبورطا‪.)2002 ،‬‬
‫ت ّمت ممارسة سياسة شبيهة‪ ،‬تجاه اليهود الشرقيين‪ ،‬خا ّ‬

‫من ضمن النتائج بتقرير لجنة شاخطرمان ورد بشكل واضح أن الدّولة لم تقم بما فيه الكفاية لتجهيز الشباب الدّروز‬
‫للخدمة العسكرية‪ ،‬األمر الذي يلحق الضرر بالدّولة وصورتها‪ .‬ولكن في هذا السياق لم يتم التطرق ولو بكلمة‬
‫لمصالح ّ‬
‫الطائفة نفسها‪ ،‬لألضرار التي لحقت بالدّروز والظلم الذي وقع عليهم نتيجة التمييز بينهم وبين السكان اليهود‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ي‬
‫ي‪-‬اسرائيل ّ‬
‫المصلحة الوحيدة في هذه المعادلة هي مصلحة الدّولة‪ ،‬والهدف الذي ت ّم تحديده يتمثل في خلق وعي درز ّ‬
‫ي التجنّد في الجيش من دون تخبطات أو شكوك‪.‬‬ ‫من خالل نظام التعليم للتسهيل على ال ّ‬
‫شابّ الدّرز ّ‬

‫مع تحديد الهدف‪ ،‬كان التنفيذ حادا‪ ،‬وواضحا وسريعا‪ ،‬كما أسلفنا‪ ،‬ومن دون أن تؤخذ مصالح ّ‬
‫الطائفة الدّرزيّة نفسها‬
‫بعين االعتبار‪ ،‬وقد جرى األمر حتى بخالف ما يريده أبناء ّ‬
‫الطائفة وقيادتهم الروحية‪ .‬لقد تمثّل الهدف في خلق‬
‫الوعي المطلوب عن طريق إبراز القواسم المشتركة بين الدّروز واليهود في الماضي والحاضر‪ ،‬والتشديد في الوقت‬
‫نفسه على االختالف والعداء والكراهية بين الدّروز وسائر العرب‪ ،‬والعرب المسلمون على وجه الخصوص‪ .‬وقد‬
‫ت ّم األمر عن طريق إدخال مساق جديد‪ ،‬هو مساق التّراث‪ .‬وقد عارضت القيادة الروحية األمر‪ ،‬ومن خالل بحث‬
‫جرى فيه الفحص ما الذي يمثله التّراث بالنسبة للدّروز‪ ،‬فقد انتفت كليا مسألة عالقات الدّروز باليهود (أيدن‪ ،‬وولف‪،‬‬
‫استمر المسؤولون عن األمر بإدخال المضامين المخطط لها في موضوع‬
‫ّ‬ ‫الرغم من ذلك فقد‬
‫وعزام ‪ .)1979‬وعلى ّ‬
‫التّراث الجديد وفي سائر المواضيع االنسانية‪.‬‬

‫سياسة التربويّة أهدافها‪ .‬حيث إن نسبة المجندين الدّروز للجيش هي األعلى من بين جميع الفئات‬
‫لقد حققت هذه ال ّ‬
‫المتجندة‪ ،‬حيث وصلت إلى ‪ ،%80‬وهي نسبة تفوق حتى نسبة اليهود أنفسهم (عوفر‪ .)2015 ،‬ويواصل ال ّ‬
‫شبّان‬
‫الدّروز‪ ،‬بعد انتهاء مدة بعد الخدمة اإلجباريّة‪ ،‬خدمتهم العسكرية من خالل وظائف مثبّتة داخل األذرع األمنية‬
‫المختلفة بدل التوجه للتعليم العالي‪ ،‬وقد تسبب ذلك في أن ‪ ٪٧٠‬من الطالب الدّروز في الجامعات يتش ّكل من اإلناث‬
‫(زيدان‪.)2016 ،‬‬

‫سسة الحاكمة‪،‬‬
‫السمة األساسيّة للسياسة المذكورة يتمثل في أن تطبيقها كان يتم على مدى سنوات من جانب المؤ ّ‬
‫ضا‪ .‬وقد أدى األمر إلى تشكيل هوية ال ّ‬
‫شبّان الدّروز‪ ،‬وما ت ّم تذويته في هذا‬ ‫وبمساعدة أشخاص من داخل ّ‬
‫الطائفة أي ً‬
‫ي‬
‫المكونين‪ ،‬اإلسرائيل ّ‬
‫ّ‬ ‫شبّان الدّروز تختلف عن هويّة سائر العرب في اسرائيل‪ ،‬حيث إن‬ ‫السياق هو أن هوية ال ّ‬
‫شبّان الدّروز إلى أبعد من ذلك‪ ،‬ويتن ّكرون لهويّتهم العربيّة‪ ،‬بل‬
‫ي‪ ،‬هما السائدان فيها‪ .‬بل ويذهب قسم من ال ّ‬
‫والدّرز ّ‬
‫إنهم يظهرون الكراهية لها (‪.)2014 ،; Halabi2015 ،Kornber & ،Makladeh ،Elran ،Radai‬‬

‫ي‪ ،‬ال ترى في الدّروز‬ ‫في المقابل‪ ،‬فإن الدّولة التي تشجع ال ّ‬
‫شبّان الدّروز على تطوير هوية اسرائيليّة ووعي اسرائيل ّ‬
‫تعرف عن نفسها بوصفها دولة يهوديّة‪ ،‬لن يمكنها‬
‫إسرائيليّين عاديين أو مواطنين متساوي الحقوق‪ .‬فالدّولة التي ّ‬
‫سياسة أزمة هويّة لدى ال ّ‬
‫شبّان الدّروز إلى جانب اإلحباط‬ ‫احتواء مواطنين غير يهود بشكل كامل‪ .‬لقد خلقت هذه ال ّ‬
‫سياسة الثنائية تجاه الدّروز‪ ،‬ونحن نشهد التمييز ضدهم في جميع‬
‫المتزايد في عبر السنوات األخيرة‪ ،‬بسبب هذه ال ّ‬
‫جوانب الحياة‪ .‬هذا التمييز‪ ،‬الذي ال يتسع المجال لشرحه هنا‪ ،‬يتسبب باإلحباط الشديد والتساؤالت المشككة ب “حلف‬

‫‪22‬‬
‫التحول إلى مواطنين متساوي‬
‫ّ‬ ‫الدم" بين اليهود والدّروز‪ ،‬لدى ال ّ‬
‫شبّان الدّروز الذين يطمحون باالندماج بالدّولة وإلى‬
‫الحقوق في الدّولة‪ .‬لقد خلقت الدّولة في الماضي منهاجا لتعليم الدّروز‪ ،‬لغرض احتواء اإلحباط الذي شعر به هؤالء‬
‫أثناء سنوات السبعينيات‪ ،‬لكن الدّولة لم تطبق التوصيات التي كان من شأنها تحسين الوضع االقتصادي للدّروز‪،‬‬
‫ومحاولة تقليص الفجوات بينهم وبين اليهود‪ ،‬بنفس الصورة التي سعت فيها إلى ممارسة التربية اإلسرائيليّة وبناء‬
‫ي‪ .‬إن الوعي ال يمثل ّ‬
‫حال للتمييز‪ ،‬وقد ينشأ صدع أسوأ من الذي ساد بين الدّروز والدّولة في سنوات‬ ‫الوعي اإلسرائيل ّ‬
‫الخاص بالدّروز‪ ،‬وال يمكن توقّع نتائج هذا الصدع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السبعينيات‪ ،‬وهو الصدع الذي أدى إلى إنشاء نظام التعليم‬

‫‪23‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫المراجع في اللغة العبرية (مترجم)‬

‫ي البدوي في النقب‪ .‬دولة‬


‫أبو سعد‪ ،‬إسماعيل (‪ .)2004‬سياسات السيطرة واألقلية العربيّة – الفلسطينيّة في إسرائيل‪ :‬الجهاز التربو ّ‬
‫ومجتمع‪.911-932 ،)1( 4 ،‬‬

‫أدان‪ ،‬شيفاح‪ ،‬يهوديت وولف وفايز عزام (‪ .)1979‬تنمية التّراث الدّرز ّ‬


‫ي من خالل المدرسة‪ :‬البحث في القيم وتحديد األهداف‪،‬‬
‫ميغاموت‪.306-295 ،)3(26 ،‬‬

‫أوبنهايمر‪ ،‬يوحاي (‪ .)1979‬الدّروز في إسرائيل بوصفهم عربا وغير عرب‪ .‬מחברות למחקר ולביקורת‪.58-41 ,3 ,‬‬

‫الحاج‪ ،‬ماجد (‪ .)1996‬التربية في أوساط العرب في إسرائيل‪ :‬السيطرة والتغيير االجتماعي‪ .‬القدس‪ :‬ماغنس‪.‬‬

‫بيراني‪ ،‬فرحات (‪ .)1988‬التّراث والتربية‪ ،‬مجلة لشؤون التربية والثقافة‪ .‬القدس‪ .‬لجنة المعارف والثقافة الدّرزيّة‪ ،‬وزارة التربية‬
‫والتعليم‪.‬‬

‫بن دور‪ ،‬غابرييل (‪ .)1976‬تقرير لجنة تقصي مشاكل الدّروز في إسرائيل‪ .‬القدس‪ :‬ديوان رئيس الوزراء‪.‬‬

‫تقرير لجنة شاخطرمان (‪ .)1975‬استخالصات اللّجنة المشتركة للجان التربية والثقافة ولجنة الشؤون الداخلية الخا ّ‬
‫صة بمسألة الحاجة‬
‫إلى تحرك عاجل لضمان الصداقة بين اليهود والدّروز‪ .‬דברי הכנסת ( ‪ 20‬مايو)‪.2718-2723 :‬‬

‫اإلسرائيلي في السنوات ما بين ‪ .1956-1948‬بن‬


‫ّ‬ ‫زيدان‪ ،‬رامي (‪ .)2015‬كتيبة العرب‪ :‬تاريخ وحدة األقليات في جيش الدفاع‬
‫شيمن‪ :‬دار مودان‪.‬‬

‫زيدان‪ ،‬نادية (‪ )2016‬كيف غيّر دخول الحياة األكاديمية تصور الذات والمكانة االجتماعية لدى النساء الدّرزيّات‪ ،‬وفقا لتصوراتهن؟‬
‫بحث تخرج تطبيقي للحصول على لقب أكاديمي معتمد‪ .‬كريات طبعون‪ :‬كلية أورانيم‪.‬‬

‫حيدر‪ ،‬علي (‪ .)1988‬مقابلة صحافية‪ .‬כל העמק והגליל‪.19.2.1988 ,‬‬

‫‪24‬‬
‫خرج‬
‫الخاص بالدّروز ما بين ‪ :1995-1974‬سياسة تفضيل أم سياسة سيطرة‪ .‬بحث ت ّ‬
‫ّ‬ ‫التربوي‬
‫ّ‬ ‫حلبي‪ ،‬رباح (‪ .)1997‬الجهاز‬
‫للحصول على لقب أكاديمي معتمد‪ .‬القدس‪ :‬الجامعة العبرية في القدس‪.‬‬

‫حلبي‪ ،‬رباح (‪ .)2005‬الجوانب النفسيّة االجتماعية للهوية الدّرزيّة في إسرائيل‪ .‬بحث لغرض تحصيل لقب الدكتوراة‪ .‬القدس‪:‬‬
‫الجامعة العبرية في القدس‪.‬‬

‫حسن‪ ،‬يوسف (‪ .)1992‬مكتسبات البلدات الدّرزيّة نتيجة دمجها في المنظومة األمنية اإلسرائيليّة‪ .‬بحث لغرض تحصيل لقب أكاديمي‬
‫معتمد‪ .‬حيفا‪ :‬جامعة حيفا‪.‬‬

‫يونا‪ ،‬يوسي‪ ،‬واسحق سبورطا (‪ .)2002‬التعليم ما قبل المهني وإنشاء الطبقة العاملة في إسرائيل‪ .‬من‪ :‬حنان حافير‪ ،‬بنينة موستبي‬
‫هالر ويهودا شنهاف (محرران)‪ ،‬الشرقيون في إسرائيل‪( .‬ص ‪ .)68-105‬القدس وتل أبيب‪ :‬معهد فان لير والكيبوتس الموحد‪.‬‬

‫الهيئة المركزية لإلحصاء (‪ :)2015‬اإلحصاء السنوي إلسرائيل‪.‬‬

‫العربي‪ :‬مشروع تخطيط التعليم (ص ‪ .)34-36‬القدس‪ :‬وزارة‬


‫ّ‬ ‫ميعاري‪ ،‬ماجد (‪ .)1975‬بحث مقارن للمناهج التدريسية في الوسط‬
‫التربية والتعليم‪.‬‬

‫ّرزي‪ :‬محضر االجتماع رقم ‪( 2‬تدوين فايز عزام)‪.‬‬


‫وزارة التربية والتعليم (‪ )1975‬لجنة التعليم الد ّ‬

‫ّرزي‪ :‬محضر اجتماع رقم ‪( 3‬تدوين‪ :‬فايز عزام) ‪.‬‬


‫وزارة التربية والتعليم (‪ 1976‬أ) لجنة التعليم الد ّ‬

‫ّرزي‪ :‬محضر اجتماع رقم ‪( 4‬تدوين‪ :‬أسعد عرايدي)‪.‬‬


‫وزارة التربية والتعليم (‪ 1976‬ب) لجنة التعليم الد ّ‬

‫ّرزي‪ :‬محضر اجتماع رقم ‪( 5‬تدوين‪ :‬أسعد عرايدي)‪.‬‬


‫وزارة التربية والتعليم (‪ )1977‬لجنة التعليم الد ّ‬

‫ّرزي‪ .‬القدس‪ :‬وزارة التربية والتعليم‪.‬‬


‫التربوي في الوسط الد ّ‬
‫ّ‬ ‫وزارة التربية والتعليم (‪ .)1981‬مسح للجهاز‬

‫وزارة التربية والتعليم (‪ .)1985‬التربية االجتماعية في المدارس الدّرزيّة‪ .‬القدس‪ :‬وزارة التربية والتعليم‪.‬‬

‫عوفر‪ ،‬يوحاي (‪ )2015‬ثلث المجندين الدّروز إلى سالح المشاة‪ .‬موقع ‪ ،nrg‬بتاريخ ‪.13.8‬‬

‫عرايدي‪ ،‬نعيم (‪ .)1987‬التّراث والتربية‪ :‬مجلة لشؤون التربية والثقافة‪ .‬القدس‪ :‬وزارة التربية والتعليم‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ي‪-‬‬
‫فرو‪ ،‬قيس (‪ .)1982‬هوية الدّروز‪ :‬لمحة تاريخية‪ :‬الدّروز في إسرائيل‪ .‬يوم دراسي عقد في جامعة حيفا من قبل المركز اليهود ّ‬
‫ّ‬
‫ي‪ ،‬معهد أبحاث الشرق األوسط‪.2.5.1982 ،‬‬
‫العرب ّ‬

‫فالح‪ ،‬سلمان (‪ .)1987‬التّراث والتربية‪ ،‬مجلة تعنى شؤون التربية والثقافة‪ .‬القدس‪ :‬وزارة التربية والتعليم‪ .‬لجنة التربية والثقافة‬
‫الدّرزيّة‪.‬‬

‫فالح‪ ،‬سلمان (‪ .)1988‬التّراث والتربية‪ ،‬مجلة تعنى بشؤون التربية والثقافة‪ .‬القدس‪ :‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬لجنة التربية والثقافة‬
‫الدّرزيّة‪.‬‬

‫فالح‪ ،‬سلمان‪ ،‬ونعيم‪ ،‬عرايدي (‪ .)1981‬شورش‪ .‬عكا‪ .‬طباعة وإنتاج سروجي‪.‬‬

‫فرج‪ ،‬سلمان (‪ )1989‬التّراث والتربية‪ :‬مجلة تعنى بشؤون التربية والثقافة‪ .‬القدس‪ :‬وزارة التربية والتعليم‪.‬‬

‫فريري‪ ،‬باولو (‪ .)1982‬تعليم المقهورين‪ .‬تل أبيب‪ :‬مفراش‪.‬‬

‫فريري‪ ،‬باولو‪ ،‬وإيرا شور (‪ .)1990‬تعليم التحرير‪ .‬تل أبيب‪ :‬مفراش‪.‬‬

‫بيرس‪ ،‬يوحانان‪ ،‬أفيشاي إيرليخ ونيرا يوفال ديفيس (‪ .)1968‬التربية الوطنية لفتيان العرب اإلسرائيليّين‪ :‬مقارنة بين المناهج التعليميّة‪،‬‬
‫ميغاموت‪.36-26 ،)1(16 ،‬‬

‫المناهج الدراسية (‪ .)1994‬شورش‪ :‬فصول في األدب العبري للصفوف العليا في المدارس الدّرزيّة (‪ .)1994‬حيفا‪ :‬جامعة حيفا‪.‬‬

‫المراجع في اللغة العربية‬

‫الكلمة – صحيفة‪ ،24.4.90 .)1990( .‬صفحة ‪.40‬‬

‫القاسم‪ .‬نبيه (‪ .)1995‬الدروز في اسرائيل في البعد التاريخي الراهن‪ .‬حيفا‪ :‬الوادي‪.‬‬

‫فالح‪ ،‬سلمان (‪ .)1979‬فصول في تاريخ الدروز الجزء االول‪ .‬القدس‪ :‬دار الصالح للنشر‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫فالح‪ ،‬سلمان (‪ .)1980‬فصول في تاريخ الدروز الجزء الثاني‪ .‬القدس‪ :‬دار الصالح للنشر‪.‬‬

‫فالح‪ ،‬سلمان وعزام‪ ،‬فايز (‪ .)1979‬األعياد‪ .‬القدس‪ :‬لجنة التربية للدروز‪ ،‬وزارة التربية‪.‬‬

‫فالح سلمان‪ ،‬وعزام فايز (‪ .)1983‬مختارات من التراث الدرزي‪ .‬القدس‪ :‬وزارة المعارف والثقافة‪.‬‬

‫فالح‪ ،‬سلمان‪ ،‬وسلمان فراج (‪ .)1984‬نصوص أدبية للمدارس الثانوية الدرزية‪ .‬عكا‪ :‬سروجي‪.‬‬

‫תוכניות לימודים (مناهج تدريسية) (‪ .)1990‬المنتخب من األدب العربي ونصوصه للصفين العاشر والحادي عشر‪ .‬حيفا‪ :‬جامعة‬
‫حيفا كلية التربية فرع المناهج الدراسية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫المراجع في اللغة االنجليزية‬

Apple, Michael W. (2013). Education and power. New York and London: Rutledge.

Dyck, Noel (1997). Tutelage, resistance, and co-optation in Canadian Indian administration. Canadian
Review of Sociology & Anthropology, 34(3),
.843-333

Firro, Kais (1992). A history of the Druze. Leiden: Brill.

Friere, Paulo (1997). Pedagogy of freedom: Ethics, democracy, and civic courage.
New York and London: Rowman and Littlefield Publishers.

Freire, Paulo, & Donaldo Macedo (1995). A dialogue: Culture, language and race.
Harvard Educational Review, 65(3), 377-403.

Giroux, Henry A. (1987). Ideology, culture and the process of schooling.


Philadelphia: Temple University Press.

Halabi, Rabah (2014). Invetion of a nation: The Druze in Israel. Journal of Asian and African Studies,
49(3), 267-281.

Halverson, Kelly, Maria Elena Puig, & Steven Byers (2002). Culture loss: American Indian family
disruption, urbanization, and the Indian child welfare act. Child Welfare, 8(2), 319-336.

Mari, Sami (1978). Arab education in Israel. New York: Syracuse University Press.

Peacock, Thomas, & Marlene Wisuri (2002). Ojibwe: Wassa Inaabidaa: We look in all directions.
Afton, MN: Afton Historical Society Press.

Parsons, Laila (2000). The Druze between Palestine and Israel, 1947-49. Dordrecht, Netherlands:
Springer.

Radai, Itamar, Meir Elran, Yousef Makladeh, & Maya Kornber (2015). The Arab citizens in Israel:
Current trends according to recent opinion polls. Strategic Assessment, 18(2), 101-116.

Satzewich, Victor (1996). Patronage, moral regulation and the recruitment of Indian affairs personnel,
1879-1900. Canadian Review of Sociology & Anthropology, 33(2), 213-234.

28

You might also like