رغم عضويته في الرئاسي اليمني.. مخطط انفصال "الانتقالي الجنوبي" مستمر

12

طباعة

مشاركة

خلال الفترة الأخيرة في اليمن، شارك "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا في السلطة وحصل على مكاسب سياسية كبيرة، ورغم ذلك فما زال مستمرا في مشروعه الانفصالي على مختلف المستويات.

ووضع المجلس الانتقالي الجنوبي، قائمة من المطالب أمام مجلس القيادة الرئاسي، رغم مشاركته في نظام الحكم الجديد منذ نقل السلطة، من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي في 7 أبريل/نيسان 2022.

ويشارك المجلس الانتقالي، من خلال رئيسه عيدروس الزبيدي في المجلس الرئاسي، بصفة نائب الرئيس.

وأعاد المجلس الانتقالي طرح الشروط التي كان يطرحها باستمرار منذ تشكيله عام 2017، وخصوصا ما يتعلق بمغادرة القوات الحكومية المرابطة في محافظات جنوبية، والتي يصفها أنصار المجلس الانتقالي بـ"قوات الاحتلال".

سلطة موازية

ودعا المجلس الانتقالي، خلال اجتماع له برئاسة الزبيدي، في 21 أبريل/نيسان 2022، إلى "معالجة كافة القضايا المتصلة بحياة الشعب في الجنوب، وفي مقدمتها توفير الخدمات، ووقف انهيار العملة المحلية، وتأمين صرف المرتبات، وإطلاق عملية التنمية والإعمار في محافظات الجنوب"، حد وصفه.

ولا يزال المجلس الانتقالي، يتحكم بالوضع العسكري والأمني في العاصمة المؤقتة عدن بشكل كامل، بعد عودة الحكومة وتشكيل المجلس الرئاسي، وباتت قواته مكلفة أيضا بتأمين قصر معاشيق الرئاسي بالكامل الذي تقيم فيه الحكومة.

ويعد "المجلس الانتقالي"، أحد القوى المحلية التي صعدتها الحرب في اليمن، بحيث استطاع فرض نفسه قوة سياسية وعسكرية في الجنوب.

وشكل المجلس في 11 مايو/أيار 2017، كنتيجة مباشرة لقرار هادي بإقالة كل من الزبيدي من منصب محافظ عدن، وهاني بن بريك من منصب وزير للدولة وإحالته للتحقيق، في 27 أبريل 2017.

وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب السياسي اليمني، سعيد النخعي، إن "إعلان تشكيل المجلس الانتقالي كان بدعم وتأييد من التحالف السعودي الإماراتي، الذي يمول المليشيات التابعة للمجلس، والتي تتلقى توجيهاتها في الظاهر من المجلس، لكنها في الحقيقة تأتمر بأمر التحالف".

وأوضح النخعي لـ"الاستقلال"، أن "التحالف حول المليشيات إلى سلطة موازية لسلطة الحكومة الشرعية، وذلك بهدف تعطيل مؤسسات الدولة في عدن، قبل أن تقوم بإخراج الحكومة الشرعية منها نهائيا لتصبح مليشيا الانتقالي سلطة أمر واقع في عدن، كسلطة الحوثيين في صنعاء".

من جانبه، يرى الباحث السياسي، عادل دشيله، أن "قرار ‏الدولة اليمنية حاليا، تحت حماية المجلس الانتقالي ولهذا يتحدث الانتقالي من مصدر قوة ويفرض الأشخاص الذين يريدهم في أماكن صنع القرار".

وعد في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" أن "عدم توحيد مؤسسات الأمن والجيش يعني فشل المجلس خلال المرحلة المقبلة".

ويعد المجلس الانتقالي أبرز المستفيدين من عملية نقل السلطة في اليمن، فخلافا لتعيين الزبيدي نائبا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، تم تعيين القيادي الانفصالي، محمد الغيثي، رئيسا للهيئة التنفيذية للتشاور والمصالحة.

كما حصل المجلس الانتقالي على حقيبة سادسة في حكومة المحاصصة المشكلة بموجب "اتفاق الرياض"، وذلك بعد ترقية محافظ عدن الموالي للانفصاليين، أحمد حامد لملس، إلى منصب وزير دولة وعضو في مجلس الوزراء.

اتفاق الرياض

وبخصوص "اتفاق الرياض"، أشار النخعي إلى أن "تنفيذ اتفاق الرياض بنسختيه الأولى والثانية لم يعد يعول عليه، فالاتفاق الأول لم ينفذ منه أي بند من البنود التي تضمنها منذ التوقيع عليه قبل سنتين".

وتابع: "وهو ما جعل الكثير من المراقبين ينظرون إلى هذه الاتفاقات بعين الريبة لعدم جدية التحالف في تنفيذها من خلال حالة التراخي واللامبالاة من قبله في إلزام الأطراف الموقعة على الاتفاق التي هي في الأصل تابعة له وتتلقى توجيهاتها منه".

وأردف الكاتب اليمني: "عدم التنفيذ قلل من أهمية الاتفاق الأخير الذي بموجبه تخلى الرئيس هادي عن السلطة للمجلس الرئاسي".

ومضى النخعي قائلا: "هذه الاتفاقات ليست سوى محاولة من التحالف لإملاء فترة الانتظار عما ستسفر عنه تفاهمات مسقط بين الحوثيين والرياض الذي على إثره بادرت الأخيرة بإجبار هادي على التنحي وقبول شروط الحوثيين".

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تم توقيع "اتفاق الرياض" بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، برعاية سعودية ودعم أممي، بهدف حل الخلافات بين الطرفين.

ومن أبرز بنود الاتفاق، تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب يشارك فيها المجلس الانتقالي، إضافة إلى حل الوضع العسكري في عدن والمناطق الأخرى التي شهدت مواجهات بين الطرفين، مثل محافظة أبين.

ورغم تشكل حكومة مناصفة مع المجلس الانتقالي في 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، إلا أنه لم يتم إحراز تقدم ملحوظ في مسألة تنفيذ الشق العسكري من "اتفاق الرياض"، خصوصا دمج قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة والمجلس الانتقالي، تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع.

وكان التنازل الوحيد الذي قدمه المجلس الانتقالي أخيرا، هو السماح بعقد جلسات البرلمان من داخل العاصمة المؤقتة عدن، إحداها كانت مخصصة لأداء رئيس مجلس القيادة وأعضائه اليمين الدستورية، فيما خصصت الجلسات الأخرى لمناقشة البرنامج العام للحكومة.

تناقضات مستمرة

وخلال أداء اليمني الدستورية أمام مجلس النواب في 19 أبريل/ نيسان 2022، تعمد عضو مجلس القيادة الرئاسي الزبيدي تحريف اليمين الدستورية.

وبعد مخالفته نص المادة (160) من الدستور اليمني، وتجاهل لفظتي "النظام الجمهوري" و"الوحدة" من نص القسم، رغم قسمه باحترام النظام والدستور والقانون، ما جعله يتناقض مع نفسه.

ويواصل الزبيدي، ترأس جلسات المجلس الانتقالي تحت شعارات انفصالية، ويحرص خلال ظهوره على ارتداء علم دولة الانفصال على صدره، حتى أثناء اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي تحت علم اليمن الموحد.

وينقسم اليمن اليوم إلى ثلاث مناطق، الأولى في الشمال تسيطر عليها مليشيا "الحوثي" المدعومة من إيران، أما الثانية فهي في حوزة "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات في الجنوب، وقوات العمالقة والمقاومة الوطنية على طول الساحل الغربي، بقيادة نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

والمنطقة الثالثة في المحافظات الشرقية تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي.

وتنضوي الأحزمة الأمنية والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، كقوات "الدعم والإسناد" و"العاصفة"، وغيرها من التشكيلات، تحت مسمى "القوات المسلحة الجنوبية" إلا أنها لا تستند، في الواقع، على أسس حقيقية، تنظيمية أو وظيفية، بما في ذلك قيادة عسكرية موحدة، فضلا عن افتقارها إلى وحدة العقيدة السياسية المقاتلة.

ويرى مراقبون أن السعودية تمضي باتجاه خيار فصل جنوب اليمن عن شماله، بعد أن عجزت عن تحييد "الحوثيين" والقضاء عليهم في الشمال.

عوامل فشل

وحول المجلس الرئاسي، قال النخغي، إن "إعلان المجلس الرئاسي ليس سوى محاولة لتمهيد الأرضية المناسبة، لإذابة جليد التصلب الحوثي، لدفعه إلى مفاوضات الحل النهائي مع الرياض في محاولة منها للخروج من مستنقع اليمن".

وأضاف "سيكون دور المجلس مقتصرا على إضفاء الطابع المحلي للتوقيع على صيغة الحل النهائي بين الرياض والحوثيين، لتقوم الرياض بتسويقه حلا يمنيا، يتوافق مع تعاطي المجتمع الدولي".

ورأى الكاتب اليمني، أن "عوامل فشل مجلس القيادة الرئاسي أكثر من فرص نجاحه لعدة أسباب".

وأرجع ذلك إلى "توليفته المتناقضة وولاءاته المتعددة وأهدافه المختلفة، ومن جهة أخرى لعدم امتلاكه رؤية وطنية جامعة".

وختم النخعي بالقول إن "أعضاء مجلس الرئاسة لا يتحكمون بقرار المليشيات التابعة لهم، ناهيك عن عدم امتلاك رئيس المجلس لأي قوة عسكرية أو أمنية في أي منطقة من مناطق النفوذ المتعددة في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية، فكل فصيل يتلقى أوامره، ويستمد دعمه من الدولة التي يعمل لصالحها".

وفي 7 أبريل/نيسان 2022، أعلن الرئيس اليمني السابق هادي تشكيل مجلس قيادة رئاسي ونقل صلاحياته إليه لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية في اليمن.

ويضم المجلس إلى جانب رئيسه رشاد العليمي، كلا من: سلطان العرادة، وطارق صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، والزبيدي، وفرج البحسني.