1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أين وصلت ألمانيا في مكافحة خطر "الإرهاب الإسلاموي"؟

٣١ يوليو ٢٠٢٢

يُنظر إلى التطرف الديني والسياسي في ألمانيا باعتباره تهديدا للديمقراطية. وفي هذا الصدد، يعد "مركز مكافحة الإرهاب" حلقة الوصل والتعاون بين الأجهزة الأمنية والشرطة في ألمانيا لمنع وقوع هجمات. فهل تؤتي جهود المركز أكلها؟

https://p.dw.com/p/4EbS4
الشاحنة التي نفذ بها أنيس العامري الهجوم الإرهابي على سوق عيد الميلاد في برلين 19.12.2016
هجوم عيد الميلاد عام 2016 يعد أسوأ هجوم إرهابي في ألمانيا حتى الآنصورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler

لا يزال الألمان يتذكرون يوم التاسع عشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 2016 عندما وقع هجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد في برلين نفذه الإرهابي التونسي أنيس العامري بواسطة شاحنة ضخمة مسروقة في سوق عيد الميلاد في ساحة "برايتشايد بلاتس" ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 60 آخرين.

بيد أن هذا اليوم بالنسبة "للمركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب" الذي يُعرف اختصارا بـ  GTAZ أو "غتاز"  كان يوما حالكا، خاصة وأن العامري كان معروفا للشرطة حيث وضع مكتب مكافحة الجريمة الاتحادي (BKA) اسمه على لائحة "المهاجمين المحتملين أو الأشخاص الخطرين" منذ وقت طويل حيث تضم القائمة المشتبه بهم الذين يمكن أن ينفذوا هجمات في أي وقت.

وقد أصدر المحقق الخاص الذي عينته الحكومة المحلية في برلين تقريرا صادما للسلطات الأمنية ذكر فيه أنه في اللحظة الحاسمة "قد تم ارتكاب كل خطأ، كان يمكن أن يرتكبه المرء".

أما وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر، التي تشغل منصبها منذ عام 2021، فلم تكن في برلين في ذاك الوقت حيث كانت متواجدة في ولاية هيسن لأنها عضوة في برلمان الولاية. وعقب توليها منصبها الجديد، تفقدت فيزر مقر "غتاز" أو المركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب الذي يتعامل بشكل مركز مع قضية التطرف الإسلامي حيث تتعاون 40 وكالة أمنية فيدرالية ومحلية، وحيث يجتمع ممثلو هذه الوكالات في غرفة اجتماعات كبيرة يوميا لمناقشة مستوى التهديد الراهن. ويعود هذا الرقم الكبير للوكالات الأمنية التي تعمل في إطار "غتاز" إلى أن جميع الولايات في ألمانيا والبالغ عددها 16 ولاية تمتلك مكاتب للتحقيقات الجنائية خاصة بها  وأيضا أجهزة استخبارات محلية.

بدورها، قالت وزيرة الداخلية إن هذا الشكل من التعاون بين الوكالات الأمنية الفيدرالية والمحلية يعد "أهم عنصر " في مكافحة الإرهاب الإسلامي، مضيفة أن المركز نجح في منع 21 هجومامنذ تأسيسه عام 2004 فيما اعتبرته بـ "الإنجاز الكبير".

وزيرة الداخلية نانسي فيزر في اجتماع للمركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب
تفقدت وزيرة الداخلية نانسي فيزر المركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب واثنت على عمله وتمكنه من إفشال العديد من الهجمات الإرهابيةصورة من: Bernd von Jutrczenka/dpa/picture alliance

دور أكبر للسلطات الاتحادية!

ورغم هذا النجاح، إلا أن فيزر أقرت بأن السلطات الأمنية تأخرت كثيرا في التعامل مع 11 حالة أخرى، مما يدل على أن "مستوى التهديد لا يزال مرتفعا"، على حد وصفها. وفيما بدت نبرة الوزيرة متفائلة في تقييمها لعمل المركز، خرجت أصوات سياسية منتقدة.

فعقب صدور تقرير المحقق الخاص بشأن هجوم عام 2016، أشار النائب السابق في البرلمان الألماني شتيفان هاربارت –الذي يرأس حاليا المحكمة الدستورية الاتحادية في مدينة كارلسروه جنوب البلاد- إلى أن "الفيدرالية يمكن أن تصبح عقبة في طريق مكافحة الإرهاب الإسلامي".

ودعا هاربارت إلى تعزيز دور السلطات الاتحادية في منع الهجمات، مضيفا "نحن بحاجة لأن تكون السلطات الاتحادية أكثر انخراطا في التعامل مع الأشخاص الخطرين".

وينطوي عمل هاربارت في رئاسة المحكمة الدستورية الاتحادية في كارلسرور  على التعامل مع قضايا مكافحة الإرهاب  بشكل منتظم. فيما يتعين على المحكمة العليا التعامل مع الأجهزة الأمنية والتشريعية، ما يشكل أساس عمل أجهزة الشرطة والاستخبارات مثل جهاز الاستخبارات الفيدرالي و هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية الألمانية).

يشار إلى أن المركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب بعد بمثابة مكان للتواصل دون تمتعه بصلاحيات قانونية بشأن تبادل المعلومات بشكل شامل. فيما ألمحت وزيرة الداخلية إلى إمكانية أن تطرأ تغيرات، لكنها شددت على أن العنصر الأكثر أهمية يتمثل في استمرار التعاون بين الأجهزة الأمنية.

بيد أن قضية عدم امتلاك المركز "صلاحيات قانونية" كان موضع انتقاد من خبراء القانون ومنهم ماتياس بيكر، الخبير في القانون الدستوري.

أولف بورماير، رئيس جمعية الحريات المدنية في ألمانيا
يعد أولف بورماير، رئيس جمعية الحريات المدنية، من أشد منتقدي أسلوب بناء الأجهزة الأمنية في ألمانياصورة من: Uli Deck/dpa/picture alliance

كثرة الطباخين تفسد الطبخة

وفي ذلك، قال بيكر "لا يوجد شخص مسؤول عن إدارة المركز حتى الآن"، مشيرا إلى أنه انتقد عمل المركز حتى قبل هجوم عيد الميلاد عام 2016.

وعلى الموقع الإلكتروني الخاص بمكتب الشرطة الجنائية الاتحادية، يمكن للمرء استنتاج طريقة العمل داخل المركز الألماني المشترك لمكافحة الإرهاب عند قراءة عبارة مركز "غتاز" يعد منصة تعاون تجمع خبرة كافة الجهات الفاعلة ذات الصلة ليصبح التعاون بشكل فعال ممكنا".

لكن في الواقع، قد يحدث خطأ في بعض الأحيان كما حدث في قضية العامري.

يرى المحامي أولف بورماير والذي يرأس جمعية الحريات المدنية، أن المركز يمثل "أحد أعراض التطور المضلل في أسلوب بناء الأجهزة الأمنية في ألمانيا". وقدم بورماير شكوى إلى المحكمة الدستورية الاتحادية ضد قانون الحماية الدستورية البافارية تطرقت إلى عمل مركز "غتاز"  خاصة فشله في منع هجوم عيد الميلاد في برلين.

وقال إن "التداخل بين الاختصاصات والمسؤوليات ينجم عنه مساوئ كبيرة لمنع أي خطر. وقد أدت المسؤوليات المتعددة لأجهزة الشرطة والسرية إلى نشر منهجي للمعلومات.. كثرة الطباخين تفسد الطبخة".

كذلك انتقد بورماير في الدعوى أمام المحكمة الدستورية الاتحادية ما اعتبره انفصالا غير واضح للعمل بين السلطات الأمنية، مضيفا أن الأجهزة الأمنية المحلية ترى نفسها مسؤولة عن جزء معين من التهديد، لكن "لا توجد وكالة تجمع كل أجزاء الصورة".

الجدير بالذكر أن وزير الداخلية الاتحادي إبان هجوم عيد الميلاد توماس دي ميزيير اقترح تعزيز المركزية في عمل الأجهزة الأمنية في ألمانيا عقب الفشل في منع الهجوم، لكنه لم يتمكن من إقناع الولايات بذلك، ما أدى إلى  استمرار الوضع على ما هو عليه.

مارسيل فورستيناو / م ع