انتخابات الأسد والموقف الدولي

2021.05.28 | 05:50 دمشق

img_1156.jpg
+A
حجم الخط
-A

قرر الأسد تنظيم الانتخابات الرئاسية في 26 من هذا الشهر، في الحقيقة لم يكن إعلان الانتخابات مفاجئا لأي من السوريين، فبالنسبة للأسد من المهم أن يتصرف وكأن "شيئاً لم يحدث"، وكأن ثلثا من الأراضي السورية ليست تحت سيطرة القوات الأميركية أو التركية والروسية، وكأن ثلثا من السكان السوريين يعيشون كنازحين على أرضهم مهجرين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم، وكأن ثلثا من السكان السوريين لم يصبحوا لاجئين مشردين في أكثر من 130 دولة عبر العالم، لا يستطيعون العودة إلى مدنهم ومنازلهم المدمرة، وكأن أكثر من 700 ألف سوري لم يفقدوا حياتهم خلال السنوات العشر السابقة.

بالنسبة للأسد كل ذلك و"كأنه لم يحدث" فالشعارات الانتخابية التي يرفعها هي ذاتها التي استخدمها من قبل في عام 2000 وفي عام 2007 وعام 2014 وهي تتكرر ببرود قاتل أن "الأسد هو ضمانة الاستقرار" أن "الأسد هو الضمان الوحيد لسوريا" إلى غير ذلك من الشعارات التي ترددت عبر عشرات السنين دون شعور من الأسد أنه بحاجة إلى تغييرها أو حتى تجديدها، كل ما على النظام القيام به هو ترديدها وتكرارها ليس عشرات المرات فقط وإنما مئات المرات، ليس من المهم على الناخبين تصديقها بل عليهم تكرارها خوفا ورعبا من الاعتقال والتصفية أو حتى الطرد من العمل أو الجامعة، فالمعادلة بسيطة بالنسبة للأسد "تكرار الكذبة" أو "الموت مقابل الحقيقة".

تنسف الانتخابات ما يسمى المسار السياسي في جنيف، هذا المسار الذي لم يأخذه الأسد يوما على محمل الجد، ولم يكن له أي دور في تغيير المعادلات على الأرض، لكنه كان بمنزلة التطبيق العملي لتطبيق القرار 2254 الذي نص على مراحل الانتقال السياسي في سوريا من تشكيل هيئة حكم انتقالي إلى كتابة دستور جديد إلى انتخابات تتم خلل 18 شهرا ، طبعا لم يتحقق أي شيء من ذلك ومع انتخابات الأسد الأخيرة فهو من شأنه أن ينسف المفاوضات السياسية في جنيف وينهي مصداقيتها تماما في أعين السوريين الذين لا يرون أي معنى أو جدوى في استمرار هذه المفاوضات إذا ما استمر الأسد في منصبه ومع إجراء الانتخابات الرئاسية كما يحددها ويقررها هو بنفسه.

ربما ستستغل موسكو انتصار الأسد الحتمي في الانتخابات من أجل تسويقه مجددا ومرة أخرى على المستوى العربي حيث ربما تضغط موسكو من أجل إعادته إلى جامعة الدول العربية وتحاول تسويقه عربيا ودوليا ومدى نجاح ذلك يعتمد بشكل رئيسي على تماسك الموقف الأوروبي والأميركي ضد الأسد، وعدم اتخاذ إدارة بايدن موقفا علنيا واضحا ضد إعادة تعويم الأسد، حيث من الواضح أن إدارة بايدن لا تكترث أبدا بما يجري في سوريا أو تكترث بعملية الانتقال السياسي فهي تركز على التعامل مع الأزمة الإنسانية في سوريا أكثر من تركيزها على أي وجه آخر من وجوه الأزمة السورية المتشعبة والمعقدة، حيث أعاد وزير الخارجية الأميركي بلينكن خلال لقائه وزير الخارجية الروسي لافروف على أهمية السماح بعبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية لا سيما مع اقتراب الموعد النهائي في 10 من يوليو / تموز لتجديد المعبر الحدودي الوحيد المتبقي للأمم المتحدة إلى سوريا وهو معبر باب الهوى، حيث تهدد روسيا باستخدام حق النقض الفيتو من أجل منع التجديد بمرور المساعدات الإنسانية عبر هذا المعبر والذي يسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الشمال السوري التي تخضع لسيطرة المعارضة.

باختصار يمكن القول، إن الانتخابات الرئاسية لن تغير شيئا كما أن أولويات سوريا المنخفضة في إدارة بايدن تجعل الوضع السوري يدعو إلى مزيد من الألم لا سيما مع استمرار الأزمة الإنسانية في حدودها القصوى.