حروب الحوثيين الست.. رؤية تاريخية

r : A video grab from Yemen's state television shows a multi-barrel rocket launcher on the frontline firing at rebel positions on a mountain in Saada province August 17, 2009. Fighting
الجولة السادسة هي الأعنف بين الجانبين منذ بدء الصراع عام 2004 (رويترز-أرشيف)

دخلت الحرب الطاحنة بين القوات الحكومية اليمنية وجماعة الحوثي في محافظة صعدة وعدد من مناطق عمران شهرها الثالث بدون حل حاسم للصراع رغم الوعود الكثيرة التي روج لها قادة عسكريون وسياسيون حكوميون باقتراب الحسم، وهي الجولة السادسة من الصراع بين الجانبين الذي بدأ أول مرة عام 2004.

 
ففي 18 يونيو/حزيران 2004 اندلعت الجولة الأولى بعد أن تحدثت مصادر حكومية عن مقتل ثلاثة جنود في مواجهات محدودة بين سلطات الإدارة المحلية في محافظة صعدة وأنصار "منتدى الشباب المؤمن" الذي يترأسه حسين بدر الدين الحوثي، مما جعل محافظ المحافظة يصدر قراراً بالقبض على حسين الحوثي.
 
وعندما تحركت القوات المكلفة بالقبض على الحوثي نحو جبال مرّان على بعد نحو ثلاثين كلم جنوب غرب مدينة صعدة حيث تحصن الحوثي، وأحاطت بالمنطقة اندلع القتال بشكل رئيسي فيها، وكانت القوات تحسب أن العملية لن تستغرق سوى ساعات أو أيام قليلة إلا أنها سارت ببطء وسط مقاومة صلبة وضعت القوات الحكومية في موضع حرج أمام الرأي العام في الداخل اليمني وخارجه.
 
ومنذ تلك المواجهة بدأت الحكومة اليمنية ووسائل الإعلام حرباً إعلامية على خصومها المقاتلين حيث اتهمتهم بداية بالولاء لحزب الله اللبناني وإيران، وبالسعي لإعادة نظام الإمامة البائد، رغم إنكار الحوثي هذه الاتهامات في رسالة مفتوحة بتاريخ 26 يونيو/حزيران من ذلك العام أكد فيها ولاءه للرئيس وللنظام الجمهوري وقال فيها إن سبب الخلاف هو موقف الحكومة الموالي للولايات المتحدة إضافة إلى السياسة السعودية في اليمن.
 
استمر القتال الشرس بين الجانبين حتى العاشر من سبتمبر/أيلول 2004 عندما تمكنت القوات الحكومية من الوصول إلى موقع حسين الحوثي وقتلته مع عدد من أنصاره، ثم أعلنت الحكومة وقفاً أحادي الجانب للقتال، تلا ذلك بعشرة أيام تسليم العشرات من المقاتلين أنفسهم للسلطات نتيجة وساطات قبلية.
 

مجموعة من أفراد القبائل الموالين للحكومة في صراعها مع الحوثيين (الفرنسية-أرشيف)
مجموعة من أفراد القبائل الموالين للحكومة في صراعها مع الحوثيين (الفرنسية-أرشيف)

العنصر القبلي

أما الجولة الثانية فقد اندلعت في مارس/آذار 2005 بسلسلة من الاتهامات والاتهامات المضادة بين الحكومة وبدر الدين الحوثي (والد حسين) وعبد الله الرزامي، عضو البرلمان السابق، وكلاهما ينتمي لـ"حزب الحق" حيث وجهت للمعارضة، وحزب اتحاد القوى الشعبية تهم "بالسعي لاستئناف التمرد"، بينما اتهم بدر الدين الرئيس علي عبد الله صالح بعدم الاستعداد لإنهاء النزاع.
 
نتج عن ذلك اندلاع الجولة الثانية من القتال بهجمات أشد ضراوة إلى الشمال والغرب من صعدة، وقد استمرت المعارك نحو شهرين بعد ذلك أعلنت الحكومة النصر ونهاية العمليات القتالية في مايو/أيار 2005.
 
الجولة الثالثة نتجت عن استمرار المناوشات من الجولة الثانية وقد امتدت تلك الجولة من أواخر عام 2005 حتى أوائل عام 2006، وقد ظهر في تلك المواجهات متغير جديد هو العنصر القبلي، حيث بدأت المعارك على شكل مواجهات بين رجال قبائل موالية للحكومة ومقاتلين قبليين يدعمون المسلحين الحوثيين.
 
وقد ظهر في تلك الفترة أخوا حسين الحوثي على المشهد الميداني زعيمين جديدين للمسلحين الحوثيين وهما عبد الملك ويحيى الحوثي، كما شهدت محاولات حكومية لتهدئة الصراع وذلك –كما يقول المراقبون- نتيجة قدوم موعد الانتخابات الرئاسية.
 

زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لليمن أسفرت عن توقيع اتفاق الدوحة (الفرنسية-أرشيف)
زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لليمن أسفرت عن توقيع اتفاق الدوحة (الفرنسية-أرشيف)

الوساطة القطرية

الجولة الرابعة انطلقت في الفترة من فبراير/شباط إلى  يونيو/حزيران 2007 ودخلها متغير جديد وهو تهديدات الحوثيين ليهود محافظة صعدة، ورغم نفي الحوثيين ذلك فإن الحرب كانت قد دارت واشتدت حدة القتال لتمتد إلى مديريات متعددة بما في ذلك خارج صعدة.
 
انتهت الجولة الرابعة بفضل وساطة قطرية بعد زيارة الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى اليمن في مايو/أيار 2007، حيث توصلت الحكومة والحوثيون إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 16 يونيو/حزيران 2007 ثم قاما بتوقيع اتفاق الدوحة بتاريخ 2 فبراير/شباط 2008 رغم بعض الاشتباكات المتفرقة بين الجانبين.
 
في مارس/آذار 2008 اندلعت الجولة الخامسة على إثر اتهامات السلطة للحوثيين بخرق اتفاق الدوحة وأنهم قاموا بهجومين عنيفين وسط نفي من الحوثيين، وقد امتد القتال في تلك الجولة إلى منطقة بني حشيش شمال العاصمة صنعاء كما استمر في مدينة صعدة والجزء الشمالي من محافظة عمران.
 
بتاريخ 17 يوليو/تموز 2008 أعلن الرئيس صالح وقفاً أحادي الجانب لإطلاق النار وقد وافق ذلك الذكرى الثلاثين لتوليه الحكم، وقد تباينت تفسيرات المحللين لهذا الإعلان منها أنه لخشيته خروج الوضع عن السيطرة أو لوجود وساطة محلية أو انتقادات أميركية وأوروبية متزايدة للوضع الإنساني في محافظة صعدة.
 
شروط ستة
مدرعة للجيش اليمني استولى عليها الحوثيون (الفرنسية-أرشيف)
مدرعة للجيش اليمني استولى عليها الحوثيون (الفرنسية-أرشيف)
أما الجولة الحالية وهي السادسة في الصراع بينهما فقد اندلعت بتاريخ 11 أغسطس/آب 2009 بعد اتهامات للحوثيين باختطاف أجانب، وترافقت مع وضع السلطات ستة شروط لوقف العمليات كان أبرزها نزول الحوثيين من الأماكن التي يتحصنون فيها وانسحابهم من كافة مديريات المحافظة وتسليم ما استولوا عليه من معدات مدنية وعسكرية، والكشف عن مصير المخطوفين، ووقف عمليات التخريب.
 
وقد اتسمت هذه الجولة بتكثيف عمليات القصف الجوي منذ اليوم الأول لاندلاعها على مناطق الحوثيين في مناطق ضحيان والخبجي والحيرة والطلح وآل الصيفي وقهر ومران وبني معاذ وسحار وحيدان ومطرة وغيرها من المناطق.
 
وبحسب محللين فإن خارطة القصف الجوي والمعارك والاشتباكات البرية خلال الأيام الأولى من الحرب تؤكد أن الحوثيين كانوا يحكمون سيطرتهم على مساحة شاسعة من محافظة صعدة وأنهم سيطروا على عدد من منافذ الإمدادات العسكرية للجيش التي تمر إلى المدينة.
 
وقد خلفت الجولة الأخيرة من الصراع المستمر مئات القتلى من الجانبين وتسببت بنزوح عشرات الآلاف، حيث يقدر عدد النازحين منذ بدء الصراع بنحو 150 ألف شخص.
المصدر : قدس برس