بافل الطالباني.. سياسي كردي دعمت والدته انقلابه ليقود حزب أبيه بالعراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سيطر بافل الطالباني، على رئاسة "الاتحاد الوطني الكردستاني"، الذي يعد ثاني أكبر الأحزاب الكردية في العراق، بعدما كان يدار بقيادة مشتركة مع ابن عمه لاهور شيخ جنكي، خلفا لزعيم الحزب التاريخي وأحد مؤسسيه الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني.

بافل، أنهى القيادة المشتركة، بإعلان نفسه رئيسا للحزب في 12 يوليو/ تموز 2021، عبر تغيير صفته السياسية على منصاته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد خمسة أيام على الأزمة التي نشبت بينه وبين ابن عمه لاهور، على إدارة "الاتحاد الوطني".

سياسي كردي

بافل الطالباني، في 8 يوليو/ تموز 2021، قرر تغيير بعض قادة الأجهزة الأمنية في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، التي يديرها "الاتحاد الوطني الكردستاني".

وعلى إثر ذلك اندلعت بينه وبين ابن عمه أزمة كادت تسفر عن صدام مسلح بين الطرفين.

قرارات بافل، اعتبرت تجاوزا لصلاحياته، كونه جرى الاتفاق بعد انتخابه مع ابن عمه رئيسين مشتركين لقيادة الحزب في فبراير/ شباط 2020.

إذ أسندت الأمور الإدارية إلى الأول، فيما ترك الملف الأمني بيد الثاني، وتولى شيخ جنكي قيادة جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية.

تقارير صحفية، في 12 يوليو/ تموز 2021، ذكرت أن "بافل سعى بقراراته للسيطرة على قرار الاتحاد الوطني الكردستاني، وذلك بدعم مباشر من والدته، هيرو إبراهيم أحمد".

وتعتبر والدته صاحبة التأثير والنفوذ الكبير بالحزب، وبالنتيجة جرى إبعاد ابن عمه لاهور شيخ جنكي عن قرار الحزب.

الأزمة احتدمت بين بافل وابن عمه لاهور، حتى توسطت أطراف عديدة لإنهائها.

وبرز هنا دور للرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق حيد العبادي، فضلا عن أطراف خارجية أميركية وإيرانية، وفقا للتقارير.

بيان صدر عن مكتب بافل طالباني، في 8 يوليو/ تموز 2021، أكد أن "الرئيس أعلن أنه يريد تنظيم البيت الكردي، وأن يقود مكانة كردستان نحو الأمن والاستقرار".

وأوضح أنه "لتحقيق هذا الغرض فإنه بحاجة إلى التعاون مع الأطراف الشيعية والسنية وجميع القوى السياسية الأخرى في البلاد".

لكن لاهور شيخ جنكي، وصف الأزمة بأنها مؤامرة "عثمانية".

قال: "الاتحاد الوطني لم يعرف الانهيار بكارثة هكاري، ولا بالخنجر السام لألاى شورش، ولا بخيانة 31 أب، ولا بمؤامرة الاستفتاء، ولا بمؤامرة الأيام الماضية المحلية والإقليمية والعثمانية".

تقارير رجحت أن يكون التحرك الأخير الذي أقدم عليه بافل طالباني تمهيدا لفرض سيطرته على المؤسسات الأمنية في مناطق نفوذ "الاتحاد الوطني الكردستاني".

من جهته، قال "زيان" الكردي القريب من شيخ جنكي، في 10 يوليو/ تموز 2021 إن "السليمانية واجهت وضعا غير طبيعي".

وأضاف: "بالإمكان تسميته بـ(الانقلاب الأبيض) وتسليم السليمانية إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني (برئاسة مسعود البارزاني)".

"متهم بالخيانة"

برز بافل الطالباني، في الأحداث الأمنية بين قوات البيشمركة الكردية وبين القوات العراقية والحشد الشعبي، التي اندلعت بمحافظة كركوك في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

تلك الأحداث انتهت بانسحاب البيشمركة، بأمر من بافل بعد اتفاق مع حكومة بغداد وقائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

الأحداث اندلعت حينها على خلفية "استفتاء الاستقلال" أو انفصال إقليم كردستان عن العراق، الذي نظمته حكومة الإقليم في 25 أيلول/ سبتمبر 2017.

وهو ما رفضته بغداد وأنقرة وطهران، وحتى واشنطن، والاتحاد الأوروبي، وأيدته حكومة الاحتلال الإسرائيلي فقط.

وبعد رفض بافل الطالباني قتال القوات العراقية والحشد الشعبي، نعته الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، بأنه خائن للقضية الكردية.

واتهموه بتسليم كركوك الغنية بالنفط إلى المليشيات الشيعية بأمر من قاسم سليماني.

لكن الطالباني، انتقد عبر وكالة "فرانس برس" في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، قرار القيادة الكردية المضي قدما في الاستفتاء على الاستقلال، واصفا إياه بـ "الخطأ الفادح".

وقال: إن الاقتراح الأميركي بتأجيل الاستفتاء لمدة عامين كان ينبغي قبوله، وكان من شأنه أن يتجنب الوضع الحالي.

إذ استعادت القوات الفيدرالية العراقية السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد منذ عام 2014.

نفى بافل طالباني بشدة الاتهامات التي وردت في بعض وسائل الإعلام الكردية بأنه خان القادة الأكراد.

ورفض ادعاءات "لا أساس لها" بأن هذا جزء من صفقة توسط فيها مع بغداد وطهران، بحجة أن قواته قاتلت وفقدت جنودا وقررت الانسحاب بسبب خسائر البيشمركة.

وقال بافل الطالباني: إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عرض صفقة لتجنب المناوشات في كركوك لكن رفضتها القيادة الكردية.

وأضاف أنه قلق من الاقتتال بين الفصائل الكردية المختلفة، وأعرب عن أمله في أن يتصالحوا وينسقوا في نهاية المطاف للعمل نحو الاستقلال في المستقبل.

علاوة على ذلك، ظهر في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أنه قبل تسليم كركوك، اقترح بافل حلا خارج الصندوق.

وتوقع أن تستولي قوات التحالف الذي تقوده أميركا على قاعدة عسكرية كبيرة بالقرب من كركوك، إلى جانب القوات الفيدرالية والقوات الكردية الموالية لحزب والده.

وفقا لمقال صحيفة "نيويورك تايمز"، لم يتمكن بافل من بناء إجماع بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم للمضي قدما في خطته البديلة.

صانع صفقات

بافل الشخصية السياسية الكردية الناشئة، ولد في العاصمة السورية دمشق عام 1973، وهو نجل جلال طالباني الرئيس العراقي الراحل، والأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني.

ووالدته هيرو إبراهيم أحمد مؤسسة الحزب، وهو الأخ الأكبر لقوباد طالباني نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، ومتزوج من ابنة ملا بخيار، العقل المدبر لـ"الاتحاد الوطني".

ويعتبر صانع صفقات في الاتحاد الوطني الكردستاني، وخضع سابقا لتدريب عسكري رسمي مع الفيلق الأجنبي الفرنسي والقوات الخاصة البريطانية.

بعد احتلال العراق عام 2003، عاد بافل إلى كردستان وتولى دوره الرسمي الأول كرئيس لوحدة "زانياري"، الاستخباراتية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني.

في عام 2004 ، أسس وقاد مجموعة مكافحة الإرهاب، التي تم تجنيدها من داخل قوات البيشمركة المسلحة التابعة لحكومة إقليم كردستان.

وهي القوة التي عملت في دعم القوة متعددة الجنسيات في العراق، والتي ركزت في البداية على مكافحة انتشار تنظيم "القاعدة".

استقال من الخدمة العسكرية بدوام كامل في عام 2010، لدعم المصالح السياسية للاتحاد الوطني الكردستاني.

لكنه عاد في منتصف عام 2010 للانضمام إلى القتال ضد "تنظيم الدولة" في العراق.

بعد ترك الخدمة الفعلية، استقر بافل في مجمع العائلة في السليمانية، وينسب إليه الفضل في كونه صانع صفقات ومثبتا سياسيا داخل الحزب.

فضلا عن قدرته على التحرك بسلاسة عبر الانقسامات الحزبية لصالح كردستان.

كان بافل الطالباني أيضا وراء ظهور شقيقه الأصغر، قوباد طالباني، كشخصية سياسية حيث أصبح الأخير نائبا لرئيس الوزراء في إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني.

في عام 2016، ترأس بافل هيئة صنع القرار في الاتحاد الوطني الكردستاني ورافق وفد الاتحاد الوطني الكردستاني إلى إيران لإجراء محادثات.

هناك مزاعم تشير إلى أن له دورا حاسما في إعادة قادة الاتحاد الوطني الكردستاني التقليديين كرجل قوي في عائلة الطالباني.

ينسب إليه الفضل في تهدئة توترات الاتحاد الوطني الكردستاني، واستعادة القيادة المشتركة للاتحاد الوطني الكردستاني مع حركة "التغيير".

وأيضا، إعداد رد موحد لمسعود البارزاني، الرئيس السابق لكردستان العراق، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني.

بعد وفاة والده جلال الطالباني في أكتوبر/ تشرين الثاني 2017، وما تلاه من الأحداث في محافظة كركوك، يركز بافل على دعم عودة ظهور الاتحاد الوطني الكردستاني وتنشيطه.

ويسعى لأن يكون قادرا على تقديم كردستان قوية اقتصاديا وشاملة اجتماعيا ومستقرة.

وله دور حاسم إثر انشقاق برهم صالح عن قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، وتشكيله قائمة مستقلة خاض فيها الانتخابات البرلمانية العراقية عام 2018.

إذ كان لبافل طالباني الدور الأبرز لإعادة "صالح" إلى صفوف الحزب وترشحيه لمنصب رئيس جمهورية العراق، الذي يشغله حاليا.