عودة الدبيبة للسباق الرئاسي: ترحيب شعبي وجدل حول قانون الانتخابات

عودة الدبيبة إلى السباق الرئاسي: ترحيب شعبي واسع وجدل حول قانون الانتخابات

02 ديسمبر 2021
الدبيبة من المنافسين الأقوياء بالانتخابات الليبية (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

فيما ينتظر أن تنهي محاكم الاستئناف النظر في كل طلبات المستبعدين من قائمة الترشح للانتخابات الرئاسية الليبية، ما يزال خصوم رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، يلزمون الصمت حيال عودته للسباق الرئاسي، وسط ترحيب شعبي واسع بعد قبول محكمة استئناف طرابلس، أمس الأربعاء، استئنافه ضد حكم لجان الطعون بالمحكمة القاضي باستبعاده من قائمة الانتخابات الأولية.

وفي تصريحات سابقة لمحامي الدبيبة، عبد الرؤوف قنبيج، قال إن حكم المحكمة نهائي وغير قابل للطعن، مشيراً إلى أن أهم الدوافع التي استند إليها الطاعنون في ترشح الدبيبة كان عدم انطباق شروط المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية عليه، لكن المحكمة قبلت استئنافه على هذا الطعن وغيرها من الطعون، دون أن يوضحها.

ويتواصل جدل كبير بخصوص المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، والمتعلقة باعتبار المرشح متوقفا عن عمله "قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر"، فيما طلبت المفوضية تعديلها بأن يكون متوقفا عن عمله "عند إعلان المفوضية عن البدء في العملية الانتخابية".

وفيما لم يشر قنبيج إلى شكل ومضمون كل الطعون التي قدمت ضد الدبيبة، باستثناء أنها عديدة، أوضح أن الاستئناف رد كل الطعون وقضى بعودة الدبيبة.

في الأثناء ذكرت مصادر مقربة من المجلس الأعلى للقضاء أن أغلب الطعون ضد الدبيبة تمحورت حول عدم انطباق المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية عليه، بالإضافة لاحتجاج الطاعنين بشأن ترشحه بوثيقة لملتقى الحوار السياسي وقع عليها الدبيبة وتعهد فيها بعدم ترشحه لانتخابات الفترة السياسية المقبلة أثناء اختياره رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية في فبراير/ شباط الماضي.

وكشفت المصادر ذاتها، في حديث لـ"العربي الجديد" شريطة عدم كشف هويتها، أن حملة الطعون ضد الدبيبة قادها كل من وزير الداخلية بحكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا، وسفير ليبيا السابق لدى الإمارات العارف النايض، بشكل مباشر وعبر العديد من أنصارهما في غرب ليبيا.

منافس قوي

لكن شعبان بن نور، رئيس حزب "الائتلاف الإصلاحي"، المتابع لمسار وتطورات الطعون، أكد أن شخصيات أخرى مثل اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح على صلة أيضا بحملة الطعون ضد الدبيبة، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن خططا التفت حولها هذه الشخصيات لاستبعاد الدبيبة من الانتخابات كونه المنافس الأقوى لهم جميعا.

ولفت بن نور إلى اشتداد الحملة على الدبيبة من خلال كثافة الطعون ضده دون غيره، وأضاف "لكن في الآونة الأخيرة تراجع الحديث عن قوة المادة 12 بشكل كبير كونها قد تطاول أيضا شخصيات أخرى مثل حفتر وصالح".

وأوضح أن محامي الدبيبة استفاد أيضا من غياب أعضاء ملتقى الحوار السياسي عن حملة الطعون ما جعل وثيقة التعهد التي وقعها الدبيبة بعدم الترشح للانتخابات غير ذات قيمة أو قوة قانونية.

وتابع بن نور وصفه للتطورات الأخيرة بالقول إن "المجلس الأعلى للقضاء يبدو أنه فضل التراجع خطوات بعد الاتهامات الكبيرة التي واجهها حول انحيازه لبعض الأطراف ضد أخرى خصوصا مع عدم قدرته على البت في إمكانية نقل ملف سيف الإسلام القذافي إلى محكمة أخرى ليقدم أمامها طعونه في استبعاده من الترشح".

وتعذر انعقاد جلسة لـ"النظر في الطعون الانتخابية" التي تقدم بها نجل العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، بمقر محكمة سبها، جنوبي البلاد، بعد محاصرة مليشيا تابعة لحفتر مقر المحكمة منذ أيام قبل انسحابها.

وأضاف بن نور قائلا بخصوص رفض الطعون الموجهة ضد ترشح الدبيبة "لذا يبدو أن المحكمة وجدت في قرار مجلس النواب حجب الثقة عن الحكومة مستندا للخروج من مأزق المادة 12 كون الدبيبة في حكم المستقيل قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر".

كما لا يستبعد بن نور أن تكون تأثيرات خارجية قد دفعت القضاء إلى تغيير طريقة تعاطيه في مرحلة الاستئناف مع الطعون، وقال "السفير الأميركي (ريتشارد نورلاند) الملازم بشكل دقيق وقريب تطورات العملية الانتخابية وعواصم أخرى ممكن أن يكون لهم تأثير في التطورات الأخيرة"، مضيفا "ذلك متعلق بسياسات موسكو في ليبيا غير الواضحة فلا يعرف هل تخلت عن حفتر بعد أن دفعت بابن القذافي للترشح؟".

رافضون للتدخل بالانتخابات الليبية 2021 (حازم تركية/ الأناضول)

وأردف "بالنظر إلى المشهد لا يوجد من يمكنه تكوين قاعدة انتخابية صلبة في وجه معسكر شرق ليبيا إلا الدبيبة وأعتقد أنه عاد لهذه الأسباب أيضا"، لافتا إلى أن المشاورات التي عقدها السفير الأميركي في أنقرة أخيرا قد تكون على صلة بهذه التطورات.

والاثنين الماضي كتب نورلاند، تغريدة على حسابه بموقع "تويتر"، جاء فيها أنه أجرى "مشاورات مجدية في أنقرة حول جدول أعمال واسع من ضمنه العملية الانتخابية"، دون أن يقدم تفاصيل حول زيارته لأنقرة.

كما أن القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، أكدت دعمها للجهود الدبلوماسية التي يبذلها نورلاند لـ"ضمان إجراء انتخابات ديمقراطية في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل"، بحسب تغريدة على حسابها الرسمي.

وبحسب بن نور فإنه "دون شك فمشاورات السفير الأميركي في تركيا على صلة بعودة الدبيبة، المعروف بقربه من أنقرة"، معتبراً أنها "تجلٍّ لتقارب جديد بين واشنطن وأنقرة ضمن التطورات الليبية الجديدة".

كما يرى أن "بيان أفريكوم رسالة ضمنية لمعسكر حفتر وحلفائه الذي يواجه وجوده في السباق الانتخابي عوائق قضائية أيضا بعد الجدل الذي أحدثه حكم محكمة الزاوية استبعاده من الانتخابات".

استمرار الخلافات الخارجية

وحيال رجوع الدبيبة كأقوى المنافسين في المعترك الانتخابي، يتساءل الباحث الليبي في الشأن السياسي، الجيلاني ازهيمة، "هل سيقبل حفتر بنتائج الانتخابات إذا أوصلت الدبيبة للرئاسة خصوصا أنه أوصدت كل الأبواب أمام سيف الإسلام بقوة السلاح وحاصر محكمة سبها جهارا نهارا خوفا من منافسته له في الجنوب؟"، مضيفا "وماذا إذا ترك حكم محكمة الزاوية باستبعاده دون فصل قضائي نهائي؟".

وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "سواء قبل حكم محكمة الزاوية أم تم رفضه سيبقى وضعه محل جدل".

ولفت ازهيمه إلى أن "القضاء قبل أيضا استئناف كل من تقدم بطلب للاستئناف وأرجعهم للسباق الانتخابي، مثل فتحي بن شتوان ومحمد الشريف أبرز رموز النظام السابق، ورئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) نوري ابوسهمين".

وقال "إذا سلمنا بأن الكلمة الفصل ما تزال بيد الخارج فرجوع كل هذه الأسماء يعني استمرارا للخلافات بين العواصم"، وأشار إلى أن الوقت أيضا ما يزال كافيا ليعلن عن رجوع سيف الإسلام القذافي.

وقال "كل هذه التطورات لا تعني قوة للدبيبة بل تعني أن السيناريو الراجح الآن هو سيناريو تأجيل الانتخابات لفترة أخرى لصنع إطار قانوني متفق عليه"، مؤكدا أن "التطورات السريعة في نتائج فترتي الطعون والاستئناف تعكس تنافسا وربما صراعا بين الأطراف الخارجية عبر ممثليهم في المشهد".

وأوضح ازهيمة "لا توجد أي شخصية ترشحت للانتخابات بين الشخصيات البارزة يمكن أن توصف بأنها مستقلة وكل الشخصيات على صلة بالعواصم الكبرى وعودة الجميع يعني لا بد من مراجعة الحسابات والمصالح بين المتدخلين وفقا لإطار قانوني معدل أو انهيار العملية الانتخابية برمتها وهو ما لا يرغب فيه المجتمع الدولي".