ثلث حوالات السوريين إلى خزينة الحكومة… وبدائل محتملة لحوالات دون سرقة

ثلث حوالات السوريين إلى خزينة الحكومة… وبدائل محتملة لحوالات دون سرقة

منذ أن أصدر الرئيس السوري “بشار الأسد”، في الثامن عشر من كانون الثاني الماضي مرسوماً يقضي بتعديل تشريع منع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للدفع، أو التداول المالي، استنفرت جميع الأجهزة الأمنية، ومعها وسائل الإعلام لتطبيق المرسوم.


وبات جميع المواطنين في “دائرة الاتهام”، وانتشرت عشرات الأخبار عن القبض على تجار وأصحاب محلات وفعاليات تجارية وبحوزتهم “عملات صعبة” حتى ولو كانت أقل من 1000 #دولار، لتصبح بذلك عملية حيازة أي مبلغ بالدولار جريمة يحاسب عليها #القانون بالحبس لمدة لا تقل عن 7 سنوات.


وإلى جانب #التجار والصناعيين، أصبح #المواطن السوري المتأثر الأكبر من هذا #القانون، كون معظم العائلات تستلم حوالات خارجية من ذويها في الخارج، إذ أكدت مصادر خاصة، فضلت عدم الكشف عن اسمها، لموقع (الحل نت) أنه «تم استدعاء عدد من المواطنين إلى فروع أمنية للتحقيق معهم، حول #الحوالات، التي تصلهم ومصدرها، وسبب الإرسال، دون أن يتم توقيف أحد منهم».


المركزي يسيطر على سوق الحوالات!


ومع الحملة، التي تشنها الأجهزة #الأمنية على كل من يتعامل بالدولار، حاول “مصرف سوريا المركزي” تحفيز المواطنين على التعامل معه في عمليات بيع القطع الأجنبي، حيث حدد سعر صرف الدولار الأميركي الواحد بـ 700 #ليرة، وكذلك الأمر على عملية استلام الحوالات الخارجية، رغم تخطي السعر الحقيقي للدولار حاجز 1100 ليرى في السوق السوداء.


وقال الصحفي الاقتصادي “أيمن محمد” لموقع (الحل نت) إن «المصرف المركزي يحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من القطع الأجنبي حتى لو على حساب المواطن، حيث يخسر المواطن في كل دولار يصرفه بالسعر التفضيلي أكثر من 400 ليرة سورية، وبالتالي فإن حوالة قدرها 100 دولار يستلمها المواطن بسعر 70 ألف ليرة، في حين أن سعرها الحقيقي في السوق السوداء يتجاوز 110 آلاف ليرة».


وأضاف محمد أنه «فعلياً حصل المصرف المركزي على ثلث قيمة #الحوالة بهذه العملية، وبالتالي إذا ما استطاع السيطرة على سوق الحوالات الخارجية فقط والمقدرة بـ6.5 مليون دولار يومياً، فإنه يحصل على الفارق الذي يجنيه من كل دولار بمعدل 650 مليون ليرة بشكل يومي، وإذا ما تم جمع المبلغ واحتسابه بشكل سنوي، فإنه يصل إلى 237 مليار ليرة، وهو ما يعادل 6 إلى 7% من إجمالي موازنة سوريا عام 2019».


وكان رئيس هيئة الأوراق المالية في سوريا “عابد فضلية” دعا المواطنين إلى «تطبيق المرسوم بصرامة وحزم كي لا يتجرأ تجار السوق السوداء على التحرك ولا على دفع سعر أعلى وتنجح بامتياز خطة المركزي”، بحسب تصريحاته لموقع (روسيا اليوم) الإلكتروني.


شركات الحوالة شبه متوقفة..


ولوحظ في الفترة الأخيرة، إغلاق العديد من مكاتب الصرافة والحوالات الداخلية والخارجية في مختلف المحافظات السورية، مع الحملات التي تشنها الأجهزة الأمنية.


وأكد مصدر خاص يعمل في سوق الحوالات المالية، فضَّل عدم الكشف عن اسمه، لموقع (الحل نت) أن «الشركات الخاصة الدولية التي ما زالت تعمل في تحويل الأموال في دمشق هي ويسترن يونيون إلا أنها شبه خالية، كونها مرتبطة بسمعة سيئة وهي أن قاعدة بياناتها مرتبطة بالأجهزة الأمنية ولا أحد يتعامل معها».


وأضاف أن «هناك شركات قامت الأجهزة الأمنية بإغلاق العديد من مكاتبها بالشمع الأحمر، وإحالة العديد من أصحاب مكاتبها المنتشرة في المحافظات السورية إلى القضاء كشركتي الحافظ وآراك، كما أن هناك شركات محلية تعمل بشكل محدود كشركتي إرسال والهرم، والتسليم بالليرة السورية حصراً».


وكان “مصرف سوريا المركزي” أصدر بياناً في بداية العام الحالي، أوقف بموجبه عمل 14 شركة ومؤسسة صرافة وحرمانها من ممارسة عملها لغاية 30/4/2020، حرصاً منه على “ضبط السوق ومنع التلاعب بسعر الصرف”، بحسب بيان صادر عنه.


ما هي البدائل؟


دفعت عملية التضييق، التي تفرضها السلطات السورية على حوالات المغتربين، الكثير من السوريين إلى التفكير في حلول بديلة لاستلام حوالاتهم المالية، وصرفها بالسعر المناسب، بعيداً عن أعين المركزي، فكانت وما زالت السوق السوداء في التعامل هي الطريقة السائدة داخل سوريا، رغم مخاطرها المختلفة.


وتنتشر مكاتب لتحويل الأموال في معظم البلدان، التي يعيش فيها لاجئون سوريون، كما هو الحال في لبنان والأردن وتركيا وألمانيا ومصر، إلا أنها لا تعمل بشكل مرخص وقانوني، وإنما تتعامل بتسليم الأموال عن طريق أحد المكاتب، الذين تتعامل معهم في الداخل السوري، ويتم التسليم باليد، وبعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية نوعاً ما، وبعمولة تتراوح بين 2 إلى 5%، من إجمالي الحوالة.


إلا أن هذه الطريقة باتت صعبة للغاية خصوصاً مع المداهمات، وحملات التفتيش المستمرة عن الدولار من قبل السلطات المحلية وبخاصة في تركيا، حيث رصد موقع (الحل نت) إحجام العديد من مكاتب التحويلات التي تعمل في تركيا عن إيصال الأموال والتحويلات بالدولار، وإنما اقتصار تسليمها بالليرة السورية فقط.


وقال صاحب مكتب تحويل في منطقة “الفاتح” بمدينة إسطنبول، فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب امنية، إن «التدقيق الأمني كبير في دمشق وريفها، أي محل أو مكتب بات معرضاً للمداهمة والتفتيش في أي وقت، والاعتقال يتم حتى لو كان بحوزة الشخص 100 دولار، وهو أمر حدث في أحد مكاتبنا في منطقة جرمانا بعد أن وجدوا فيه بعض العملات المتفرقة التي لا تتجاوز 200 دولار».


وأضاف لموقع (الحل نت) أن «التحويلات المالية مازالت مستمرة لحد الآن إلى داخل سوريا، بعيداً عن المركزي، والمبالغ المالية التي تصل إلى السوريين قريبة من سعر السوق السوداء بمبلغ يتراوح بين 900 إلى 950 ليرة للدولار، وليس كما يريد المركزي بـ 700 ليرة».


وأشار إلى أن «من الحلول التي نلجأ إليها، هي تحويل الأموال عن طريق وسيط يعيش في بلد لا يفرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية، مثل مصر، ليتسلم الحوالة ويصرّفها ويعيد إرسالها إلى سوريا بعملة بلده، كما أنه ليس هناك فارق كبير ما بين سعر صرف الجنية المصري والليرة السورية في السوق السوداء، وبذلك نقلل حجم الخسارة».


يذكر أن كثيراً من الأسر التي تعيش في مناطق سيطرة السلطات السورية، تعتمد في معيشتها على أموال يحولها أقرباء لها خارج سوريا، وقدر “البنك الدولي” حجم الحوالات إلى سوريا في 2016، بحوالي 1.6 مليار دولار، أي حوالي 4.5 ملايين دولار يومياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.