هذه النسخة بصيغة html للملف https://www.assecaa.org/images/WorkPapers/Peacemeeting/Burundi/workpaperpeacemeeting_burundi4.doc. يعمل Google تلقائيًا على إنشاء نسخ بصيغة html للمستندات التي يصادفها أثناء الزحف إلى المواقع الإلكترونية.
نصيحة: للعثور على عبارة البحث بسرعة على هذه الصفحة، اضغط على Ctrl+F أو ⌘-F (Mac) واستخدم شريط البحث.
1) تصدرت قضية منطقة البحيرات الكبرى ( الأفريقية ) المواجهة في المشهد الدولي نتيجة للمآسي التي حلت بها خلال العقدين الأخرين  
 
 

منطقة البحيرات الكبرى

من عصر الأضطربات والعنف إلى الاستقرار

مقدمة من :-

الرئيس سيلفيستر تيبانتجانيا (Sulvestre Ntibantunganya )

فــــــــــــــــي

اجتماع لجنة السلام وحل المنازعات ـــ المنبثقة

عن رابطة مجالس الشيوخ والشورى  والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي

والمقرر عقده في العاصمة بوجمبورا ــ بوروندي

في الفترة من 2 ـــ 3 مارس 2009م

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

فهرس 

      المقدمة

1) مصدر الاضطرابات .

     الأزمات العرقية السياسية في رواندا وبوروندي

2) جمهورية الكونغو الديمقراطية في عين العاصفة

3) عمليات سلام معقدة وشاقة  

أ) على المستوى المحلي

* روندا

*بروندي

* جمهورية الكونجو الديمقرطيه 

ب) وسائل وآليات السلام  والأمن والديمقراطية والتنمية :

   المؤتمر الدولي حول منطقة البحيرات الكبرى . 

-الخاتمة . 
 
 
 
 
 
 

1) تصدرت قضية منطقة البحيرات الكبرى ( الأفريقية ) الواجهة في المشهد الدولي نتيجة للمآسي التي حلت بها خلال العقدين الآخرين . 

   وتتجلى صور هذه المآسي ابتداء بإغتيال رئيس الدولة ـ المنتخب ديمقراطياً ـ حيث يُعد هذا الإنتخاب الأول من نوعة في تاريخ بوروندي في 13 أكتوبر 1993م ، وما نجم عنه من حرب أهلية استمرت لأكثر من عشر سنوات ، مروراً بالإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا في العام 1994م و" الحرب العالمية الأفريقية " الذي نشبت في الكونجو في الفترة من 1998م إلى 2003م وكانت اشد ضراوة بعد سنة من " حرب التحرير " في العام 1996م إلى 1997م . 

2) وكونها منطقة غنية بالثروات ا لطبيعية فإن ذلك آثار الأطماع حولها وجعلها منطقة مواجهات بين المصالح الإستراتيجية والتي غالباً ما تكون عدائية . وما أشبة اليوم بالبارحة فالمنطقة تعاني من استراتيجيات الهيمنة والأستغلال والذي ـ لسؤ الطالع ـ تعيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لسكان المنطقة . 

3) في الوقت الذي كسبت فيه الحركة السياسية المسلحة السابقة في رواندا الحرب التي بلغت ذروتها بأعمال الابادة الجماعية للتوتسي عام 1994م ، فإن مفاوضات السلام في بوروندي و جمهورية الكونجو الديمقراطية ما زالت جارية منذ عام 1998م . 

     وبدأت مساعي الدبلوماسية الدولية لوضع حد لهذه النزاعات الذي أنهكت المنطقة ، وتوجت ديناميكية السلام هذه بتوقيع " اتفاقية الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة البحيرات الكبرى التي توصلوا إليها في نيروبي في 15 ديسمبر 2006م . 

4) بموجب هذه الاتفاقية ، فقد تعهدت الدول الأحدى عشر  ـ من بين الأشياء الأخرى ـ على العمل سوياً في " الكفاح ضد أعمال الإبادة الجماعية التي حدثت في منطقة البحيرات الكبرى " عاقدين العزم على " القضاء على نزع الأسلحة والقبض على مرتكبي أعمال الأباده الجماعية وإحالتهم  إلى المحاكم الدولية ومن ضمنها القوات التي ارتكبت أعمال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994م وكل القوى الأخرى التي يمكن أن تتشكل في المستقبل ، وفقاً لاتفاقية 1948م المتعلقة بالإبادة الجماعية وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة " ؟ وهذا السؤال يطرح نفسه هل بإمكاننا أن نعتقد ــ من الآن ــ بأن تمضي هذه المنطقة قدماً نحو إدارة سليمة وإنسانية بدلاً من الأضطرابات المنهكة ؟   

    (( بورة الأضطرابات ))

- الأزمات الطائفية ــ السياسية ــ الاجتماعية في رواندا وبوروندي .

5) لقد لفتت مملكتي بوروندي ورواندا ـ ( ما قبل الاستعمار ) أنظار المستكشفين والمبشرين والمستعمرين الأروروبين الذين عبروا أو أقاموا في المنطقة منذ نهاية القرن التاسع عشر . وقد وجدوا بأن هذه المجتمعات المبنية بشكل جيد على الخطط العسكرية ولاأدارية والسياسية والاقتصادية ما جعلهم يعتقدون أن ما حصل ما كان ليتم الانتيجة لتأثيرات خارجية وليست محلية . 

6) وقد قطنت هذه الدولتين ـــ وما زالت ـــ ثلاثة مجموعات رئيسية تعتبر مجموعات عرقية ( طائفية ) وهي الهوتو والتوتسي والتواس . وقد لعب المستعمرون المبشرين دوراً كبيراً في زرع الخلافات في هذه الطوائف بدلاً من مساندتهم وحضهم على التعايش بقومياتهم المختلفه .  

     فالنسبة لطائفة " التواس " الذين لا تتجاوز عددها عشرات الآلاف فقد عاملتهم الطائفتين الأخرى معاملة دونية واحتقرتهم و من ثم عملت على إقصائهم . 

      ومن جانبهم فقد اعتبروا الهوتو وتم تصوريهم على أنهم عبيد الأرض وتم إقحامهم في الأعمال الشاقة على أنهم محدودي التفكير . 

     أما بالنسبة للتوتسي فقد تم الاهتمام بهم وتوظيفهم واعتبارهم الطبقة الاستقراطية البارزة . الألمان في البداية ( 1896م ـــ 1916م ) ومن ثم البلجكين (1916م ـــ 1962م ) اختاروا معاونيهم من طبقة التوتسي ــ في إدارتهم " الاستعمارية غير المباشرة ليكونوا مسئولين عن الأمور الإدارية . و في موازاة ذلك كان هناك " مجموعة عرقية " طورت بعض النخبة الذين حصلوا على التدريب في المدارس الاستعمارية وأيضا مدرسة التبشير " الكاثوليكية " . 

    وفي إستراتيجيتهم أللسيطرة فقد انتهج المستعمرون سياسة تبرز التناقض : الاعتماد على طبقة التوتسي " خليط من التوتسي " بالرغم أن البعض منهم يدرك أنه ما دام " هذه الطبقة " مازالت تحتفظ بنفوذها فأنة لا يمكن إحراز أي تقدم في المملكتين التي يسيطرون عليها . 

7) في  ( الفترة 1925م ـــ 1933م ) قام المستعمرون البلجيكيين بإقصاء عناصر الهوتو النادرة الموجودة في الإدارة البلدية في منتصف 1950م اهتموا باحتواء الحركة المستقلة التي كان قادتها ينحدرون من الطبقة الأرستقراطية المحلية وحاولوا دعمهم أو مساندتهم في المشهد السياسي ، وهؤلاء القادة الذين يعتقد بأنهم لا يكنون عداوة لعمل " التمدن " الذي يقوم به الاستعمار .  

      ويعتقد المحللون وأرباب السياسة بأن " الثورة الاجتماعية " التي قادها النخبة الحديثة من الهوتو في العام 1959م ما كان لها لتنجح لولا استفادتهما من الرعاية الأيد لوجيه  والأخلاقية الذي قامت بها الكنيسة الكاثوليكية وذلك الدعم العسكري والسياسي المطلق الذي قدمته الإدارة الاستعمارية بالإضافة إلى تغيير نظام الحكم الملكي في ورندا ليصبح جمهوري . 

    ومن ذلك الوقت فصاعداًً فقد هيمنت عناصر الهوتو على البنية الفوقية السياسية وكانت هذه " الثورة " مصدراً للحركات الأولى للاجئين في المنطقة وقام العشرات بل مئات الآلاف من التوتسي بالرحيل إلى المنفي في بوروندي ، أوغندا و كونجو ــ كينشاسا وتانجانيكا وذلك بعد أن شعروا بالتهديد الذي يطال استقامتهم ووحدتهم الطبيعية .  

   وقد حصلت رواندا على الاستقلال في الأول من يوليو عام 1962م وهو نفس اليوم بإعتبارها "" المملكة التوأم لبوروندي ""

8) وفي حين كانت روندا تحت وطأة نيزان الحرب سابقاً فإنه في بوروندي ــ في المقابل ــ قامت النخبة من طائفتي الهوتو والتوتسي بإعلان بشكل موحد استقلال البلد . 

     ولكن هذا البلد لم يستطيع أن يقاوم طويلاً آثار ونتائج السياسية الاستعمارية و الأضطربات الطائفية ـــ السياسية والاقتصادية  التي منيت بها رواندا وأثر تدفق اللاجئين التوتسي في البلد الذين لهم نفس التركيبات الطائفية لرواندا وكذلك المواجهات الإستراتجية بين الطبقات الرأسمالية والشيوعية والانشقاقات داخل القيادة الوطنية . 

9) اشتعل فتيل الأزمة ــ لأول مرة ــ في بوروندي في عام 1965م عندما حاول بعض قادة الجيش الهوتو وقوات الدرك القيام بإنقلاب سياسي ــ والذي كان على الأرجح يتوطئ من قبل قادة سياسيين هوتو . 

     ويمكن تفسير ذلك الانقلاب السياسي ــ من ناحية ــ بالمواجهات التي حدثت بين المتمردين والأنصار ومن ناحية أخرى ، وتعتبر اشد مأساوية ، المحاولات الأولى لجعل العنف الطائفي والسياسي ينتقل إلى الريف وايضاً  عمليات القمع التي تلت ذلك والبعد الطائفي الذي طمر الحياة السياسية والاجتماعية في بوروندي . 

10) في عام 1972م حدث " تمرد الهوتو " الذي تم تنضميه في تنزانيا وكان يهدف إلى إقصاء سكان التوتسي الذين كان يسكنون في بعض التجمعات في جنوب البلاد في المنطقة الحدودية التي كانت التمرد ينتشر فيها . وكانت ردة الفعل الذي قامت به السلطة والجيش هو " الاستئصال" المنظم لعناصر النخبة الهوتو .  

    وقد قدرت مصادر بعثة التبشير ضحيا المجازر التي قام بها المتمردون ضد التوسي وبعض الهوتو بما يقارب 800 و 1200 شخص في الفترة من 29 أبريل وحتى 5 مايو وأشارت المصادر نفسها بأن العمليات العسكرية والعمليات القمع التي قام بها الجيش و بمساعدة عناصر من RRY كانت دموية .

     ووفقاً لبعض العناصر " فإن ما يقارب 150,000 شخص تم تصفيتهم في مراكز الإبادة الرئيسية في البلاد وحوالي 80 ألف ضحية فتلوا خلال عمليات القصف الذي قام بها الجيش في الشريط الساحلي . 

     كما أن منطق الإبادة الجماعية الذي ظهر أثناء الهجمات التي قام بها متمردوا الهوتو لم يقف عد هذا الحد ، لكنة ما يزال مستمرً وبشكل مرعب نتيجة لعمليات لقمع الذي تمارسها الحكومة . 

      كونها مدعومة من الجيش والميليشيات وكذلك أجهزتها القضائية والإدارية فقد قامت السلطة الحاكمة بتنفيذ سياسة التطهير السياسي والقضاء على النخبة من الهوتو لتشكل نظام دائم يستمر لعدة عقود أن لم يكن قروناً . 

    وفي الحقيقة / فإنه عند ما يتم اعتقال الناس من منازلهم أو أماكن عملهم بناءً على أماكن ميلادهم خارج المحيط العسكري  خصوصاً قتل الأطفال الشبان في مدارسهم (لحرمان مجتمعهم من أي بادرة لمستقبل اجتماعي واعد ) فإن ذلك يعني الرعب المطلق والإبادة التي تمزق أوصال البلد   وتقصي الواهن الضعيف . 

      وبالرغم من ذلك فإن التنظيم يبرز ليكون أكثر تجالاً من قضية الروانديين في عام 1994م فالتطور البيروقراطي في العام 1972م كان بارزاً . 

     وفي أغسطس من العام 1988م ظهرت في بوروندي ما يسمى " أحداث نتجا ومارا نجارا " والتي كان لها الأثر البارز في بداية ظهور نظام سيطر على البلاد منذ الاستقلال الذي حصلت عليه في عام 1962م . 

    أما في رواندا وبالتحديد في الأول من أكتوبر قامت الجبهة الوطنية الروندية بشن هجوماً ــ من أوغندا ـــ ضد الجمهورية الثانية التي يترأسها الرئيس " جوفينال هافيارمانا " ، هذا الهجوم الذي صنع نقطة تحول كبيرة في تأريخ المنطقة ، الأمر الذي حدى بالمحللين بان يعتبروه الخطوة الأولى للمشروع الجماعي الرامي إلى قلب المعادلة السياسية في منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا . 

12) ونتيجة لذلك فقد شهدت منطقة البحيرات الكبرى فترة طويلة من أحداث العنف والاضطرابات الأمر الذي جعل أنظار العالم تتجه إليها ، فإغتيال رئيس الدولة المنتخب ديمقراطياً ــ للمرة الأولى في تاريخ بوروندي ــ بعد 100 يوم فقط من تولية منصبة والحرب الأهلية الناجمة عن ذلك الاغتيال شد انتباه العالم بأجمعة إليها خاصة وأن العالم وقبل شهور قليلة فقط من ذلك الحدث كان يشيد ويبارك العملية الديمقراطية التي تمت في بوروندي واعتبرها مثال جيد يجب الاحتذاء به في المنطقة . 

     أن اغتيال الرئيس ميلكور نداديا ــ الذي ينحدر من أصول طائفة الهوتو ـــ ساهم في تحذير الجماعات المتطرفة من طوائف الهوتو في أطراف مختلفة الذين كانوا ـــ يحرزون تقدماً في رواندا والذين تورطوا في أعمال الإبادة الجماعية التي يعتقد البعض أنها بدأت بعد الهجوم الذي استهدف الطائرة التي كانت تقل رؤوساء بوروندي ورواندا في 6 أبريل 1994م . وانتهت أحداث الإبادة الجماعية في 4 يوليو 1994م عندما أحتل الجيش الوطني الرواندي العاصمة كيجالي ، وقد خلفت أعمال الإبادة الجماعية مئات الآلاف من الضحايا التوتسي ، علاوة على ذلك فإن الجبهتين المتحاربتين ارتكبت العديد من الجرائم ضد الإنسانية خلال هذه الحرب .  كما أن وصول الجيش الوطني الرواندي  إلى كيحالي أدى إلى تدفق موجات كبيرة من اللاجئين ( الهوتو ) إلى الدول المجاورة مثل تنزانيا وزائير سابقاً ( جمهورية الكونجو الديمقراطية ) . 

     ففي زائير تدفق 2,5 مليون لاجئ . وبالنسبة لنظام الحكم في إكيجالي فإن الأخير بشكل تهديداً لأمنها كونها تقع بالقرب إلى الحدود مع رواندا وكانت تخضع للسيطرة العسكرية والسياسية والإدارية لمن تبقى في الحكومة والتي قامت مؤخراً بارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ضد التوتسي . 
 

13) في هذا الخصوص ، وفي سبتمبر من العام 1996م قامت " تحالف القوى الديمقرطيه لتحرير الكونجو " بقيادة جوزيف ديسايري كابيلا ــ المدعومة من رواندا و أوغندا ـــ بشن هجوماً ضد حكومة موبوتو سيسى سيكو من شرف زائير سابقاً وقد استهدف هذا الهجوم مخيمات اللاجئين الروندين الهوتو . 

     وبعد أقل من سنة من ذلك الهجوم سقطت كينشاسا في أيدي المتمردين الذين باشروا حكمهم هذا الحكم لاقي تأييداً واسعاً من قبل كيجالي وذلك في 17 مايو 1997م وفي عام 1998م اندلع الخلاف بين كينشاسا وكيجال وكان نقطة البداية لما أطلق عليها فيما بعد " الحرب العالمية الأفريقية الأولى " والتي اشتركت فيها الجيوش النظامية وحركات التمرد التي كانت تكافح ضد القوى التي تأسست في بعض الدول التي اشتركت في ذلك . 

     وجعلت قضايا العنف التي منيت بها منطقة البحيرات الكبرى تتصدر العناوين الرئيسية في العالم . فقد أزهقت الملايين من أرواح البشر وشهدت المنطقة حركات تنقل هائلة للسكان وتم تدمير البني التحتية الاجتماعية والاقتصادية .  

14) يعتبر تأريخ دولتي رواندا وبوروندي ـــ وخصوصاً في القرن العشرين ــ منبع الأزمات التي هزت منطقة البحيرات الكبرى . حيث أن تأريخ هاتين الدولتين لم يبدأ بأعمال الإبادة الجماعية التي حدثت في أواخر لقرن العشرين فحسب الأمر الذي جعل المراقبين يعتبروني بأنها تكرار للمجازر في تلك البقعة في أفريقيا . 

      وقد عانت الدولتين وبشكل دوري من الرعب ، 1972م سبقته الأعوام 1965م في بوروندي والأعوام 1959م ــــ 1961م ن 1963م ـــ 1964م في رواندا . 

     فعمليات القتل المتتالية ولدّ الأعمال الوحشية التي تحدث من وقت لآخر . 
 
 

جمهورية الكنجو الديمقراطية في عين العاصفة 

15) وبالرغم من ، أن دولتي رواندا وبوروندي تشكلان أن بؤرة الأزمات والصراعات التي عانت منها منطقة البحيرات الكبرى خلال العقدين الأخيرين الأ أنه من المهم أن نشير إلى القضايا الأخرى التي كانت سائدة في نشأة قضية الكونجو منذ عام 1960م وحتى الآن لكي يتم تقديم فكرة كاملة عن ذلك الصراع .  

     ويمكن تحليل دور ومكان هذه الدولة في أزمة الصراعات في منطقة البحيرات الكبيرة تحت ثلاث مستويات :- 

     القضايا الإستراتيجية المرتبطة بالثروات الهائلة التي تمتلكها تلك الدولة و قضية الهوية وخصوصاً في الجزء الشرقي من البلد ( منطقتي كيفو ) بالإضافة إلى تأثير اللاجئين البورونديين والرونديين . 

16) وترتبط القضايا لإستراتيجية في جمهورية الكونجو الديمقراطية ــ بشكل جوهري ــ بالموارد الطبيعية الهائلة والمتعددة في تلك المنطقة وخصوصاً الموارد المعدنية الموجودة في كنانجا وتلك الموجودة ايضاً في الجزء الشرقي من البلد . حيث يزخر هذا البلد باحتياطي كبير من النحاس والكوبالت والماس والذهب ومواد أخرى مثل اليورانيوم . ومما تجدر أليه الإشارة وفي هذا الخصوص بالذات فإن اليورانيوم الذي استخدمته الولايات المتحدة في صنع القنابل الذرية والتي أطلقتها على هيروشيما جازا كي عام 1945م ــ جلبته من الكونجو وتحديداً من كتانجا .

    كما أن جميع المحاولات لوقف الحروب التي دمرت هذا الإقليم عام 1960م على 1965م ، ومن 13 مارس إلى 28 مايو 1977م ، 1978م لها صلة باليورانيوم .

واليوم فإن الأزمات التي تعصف بالجزء الشرقي من جمهورية الكونجو الديمقراطية يمكن تعليلها بالحاجة الماسة للاندماج الحقيقي لمجتمعات التوتسي التي تحدث اللغة الرواندية ــ الكينية في الشعب برمته وأيضاً قضايا الأمن في روندا وكذلك الموارد الطبيعية التي تزخر بها الكونجو مثل الماس والذهب والبترول .... والتي جعلت أطماع الغير توجه أنظارها إليها .

17) أثيرت قضايا الهوية في المجتمعات التي يتكلم أهلها اللغة الكينية ــ الرواندية وخصوصاً التوتسي . حيث كان هناك حاجة لدمجهم منذ عصر الاستعمار وفي العام 1937م وقع الحاكم البلجيكي للكونجو ورواندا ــ أورندي مرسوماً يخول سكان رواندا ــ أو رواندي بالهجرة في المناطق التي تعرف الآن بـــ ماسيسى وواليكيل في شمال الكيفو .

وفي عام 1948م انطلقت " بعثة دمج بانياروندا " لتنظيم تدفق مواطني رواندا ــ أو رواندي في شمال كيفو وعلى وجه الخصوص في منطقة . ما سيسى وروتشوري .

في ذلك العهد فإن عدداً من الموطنين ـــ أغلبهم رونديين ــ يقدر عددهم بـ 170000 شخص أقاموا هناك . وفي السادس من نوفمبر 1959م نزح العديد من الروانديين التوتسي نتيجة لما يسمى " الثورة الاجتماعية " في الأول من نوفمبر ووصلوا إلى تلك المنطقة .

وتم التوقيع على قانون تشريعي يخص المجالس البلدية ويعطي الحق للتصويت على انتخاب بعض الفئات من الناس الذين قدموا من أورندي .ــ رواندا .

وفي ذلك العصر فإن العناصر من متحدثي اللغة الكينية ـــ رواندية التي شاركت سابقاً في الحرب التي دمرت الكونجو . من ثم في العام 1964م فإن مجتمعات الــ Barira والــ ( Babembe ) وكذلك الــ ( bafulero ) الذين يسيطرون على جنوب الكيفو ( kivu) كانوا يدعمون مايسمى تمرد اللومابما ( lumumbist ) التي قادها جاستون سوميالوت ( Gaston Soumialot ) ولورنت ديزياري كابيلا Laurent Desire lcabila الذين شنو الهجوم من بوكافو وبولادا Bulara ويفيرا (uvira) حينها فإن البنيا مولنج ( bamyamulenge ) كانوا يدعمون القوات الحكومية التي  قادها الجنرال جوزيف ديزايري موبوتو .

وفي ذلك الوقت ، فإن حرباً اندلعت ــ كما قيل ــ في شمال كيفو (kivu ) وكانت تسمى " Kabuarwanda " ضد الــ Banyarwanda وبعض المجتمعات الأخرى فيشمال الكيفو (kivu ) ونتيجة لذلك الدعم ـــ في العام 1971م قرر المكتب السياسي للحركة الشعبية للثورة ( PBPMR ) أن يمنح الجنسية الكونجو للروانديين الذين يعيشون في الكونجو في 30 يونيو 1960م ــ وهو تاريخ استقلال البلاد .

وتلي ذلك القرار السياسي إصدار القرار ( Actno.72/002 ) بخصوص الجنسية وتقريباً بعد مرور عشر سنوات في يونيو من العام 1981م تم إصدار القرار (Act.no81/002) الذي يتعلق بالجنسية لكن تم إلغاؤه وبعد ذلك .

وفي نفس الوقت وجه خمسة من المثقفين في رواندا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص تنظيم إستفتاء على قضية تقرير المصير في كيفو  ونحن ندرك بأن هوية المجتمعات  التي تتحدث اللغات الكينية والرواندية وتعيش في الجزء الشرقي من جمهورية الكونجو الديمقراطية تعتبر في مركز الصرعات والإضطرابات في تلك المنطقة منذ عام 1960م. وقد كانت تلك القضية حاضرة بقوة في المداولات التي جرت أثناء المؤتمر الوطني الذي انعقد عام 1991م. وفي الفترة التي تلت الحرب التي اندلعت في الكونجو في الفترة 1996-1997م وبينما كان يتم التخطيط للإعتراف  بالهواية الكونجولية لتلك المجتمعات فقد تم تبني مشروع قرار في 2 يناير 1999م لمعالجة تلك القضية وعلى الرغم من هذا فقد تم حل القضية دستورياً من خلال الاعتراف بهوية  المجتمعات التي تتحدث اللغات الكينياراوندية . كما أن هناك مهمة تتمثل في حماية وتسي من الحرب التي أشعلها الخائن الجنرال لورنت نكندا عام 2007م في ذلك الجزء من البلاد . 

18-  وهناك عامل آخر من عوامل الصراع في جمهورية الكونجو الديمقراطية وهو مرتبط بتأثير اللاجئين الروانديين والبورونديين الموجودين في ذلك البلد. كما أن الأزمات المختلفة التي اشتعلت في بوروندي ورواندا في النصف الثاني  من القرن العشرين قد أجبرت المئات إن لم نقل  الملايين من السكان على مغادرة بلدانهم للعيش في المنفى. ففي الفترة الواقعة بين عامي 1959 و1994م لجأ مئات الآلاف من قبائل التوتسي الرواندية إلى بوروندي وأوغندا وتنزانيا وزائير . يما بتعلق ببوروندي هناك موجات هجرة كبيرة إلى المنفى من قبل قبائل الهوتو وخصوصاً بعد المذابح   التي ارتكبت ضد تلك القبائل عام 1972م ،المجازر التي ارتكبت ضدهم عام 1988م  بعد إغتيال رئيس الدولة الذي تم إنتخابة بطريقة ديمقراطية وكذلك موجات العنف التي حدثت عامي 1993م،1996م بعد الانقلاب الذي أطاح ببقايا المؤسسات التي جاءت بها الانتخابات التي جرت في يونيو عام 1993م. إضافة إلى ذلك فإن النصر الذي حققته الجبهة الوطنية في رواندا بعد المذبحة التي ارتكبت من قبل التوتسي قد أدت إلى لجوء ملايين من الهوتو إلى زائير وتنزانيا في الوقت الذي بدأ فيه اللاجئين التوتسي الموجودين في بوروندي وأوغندا وتنزانيا وزائير بالعودة إلى رواندا. كما أن الهوتو البورونديين الذين لجئوا إلى رواندا لم يجدوا خياراً أخر سوى العودة إلى بوروندي أو الفرار إلى تنزانيا وزائير. 

19- وقد وقع أولئك  اللاجئين الذين كانت قضيتهم تمثل جوهر الأزمة التي حدثت في منطقة البحرات الكبرى ضحية لتلك الأزمات لكنهم أيضاً أصبحوا يمثلون بوتقة تم من خلالها البدء في عملية إعادة الهيكلة السياسية في بعض الدول مثل أوغندا التي تمت فيها تلك العملية عام986م وأما رواندي  فقد تمت فيها الهيكلة السياسية عام 1993م وبينما تمت في رواندا عام 1994م . ولذلك فإن الطبيعة الجيوبولتيكية لشرق ووسط أفريقيا وكذلك عوامل الارتباط الخاصة بالأزمة المحلية التي تسوغ أو تبرر الظواهر القديمة والحديثة للحركة القسرية قد أدت إلى إشعال وإذكاء نيران الصراعات  . علاوة على ذلك فقد أدت الحروب الأهلية التي اندلعت في بوروندي ورواندا إلى حدوث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في منطقة البحيرات الكبرى. كما أن تصدير تلك الصرعات إلى زائير أو ما يعرف الآن بالكونجو الديمقراطية قد أدى إلى انهيار نظام الرئيس موبوتوسيسكو الذي كان عصياً على السقوط الأمر الذي أدى إلى توريط ست من الدول المجاورة  لزائير الى الدخول في تحالفات وأقامة علاقات وثيقة ومتبادلة من خلال الإعداد الكبيرة من  المهاجرين الذين استقروا في زائير الكونجو وانجولا زائير وبوروندي ورواندا وتنزانيا. 

عملية سلام شاقة ومعقدة : 

20- لقد كان الجميع يأملون بأن عملية إدخال النظام الديمقراطي التي تمت في بداية عقد التسعينات في ثلاث مستعمرات بلجيكية سابقة سوف تؤدي إلى وضع حد للأزمات القاتلة التي عانت منها تلك المستعمرات . وفيما لم تتمكن رواندا من الخروج من أتون الحرب الأهلية التي زُجت فيها فإن المؤتمر الوطني في زائير كان قد وصل إلى طريق مسدود إلا إن بوروندي كانت تقوم بعملية تنظيم ناجح للانتخابات ديمقراطية التي تمت لأول مره منذ ربع قرن ، وقد جرت تلك الانتخابات أثناء النصف الأول من عام 1993م. وفي نفس العام قامت الحكومة الرواندية بالتوقيع على إتفاقية سلام مع المعارضة المسلحة التابعة للجبهة الوطنية حيث ينبغي إن تؤدي عملية تنفيذ تلك الإتفاقية إلى تمكين ذلك البلد من تحقيق إستقرار دائم . وقد وأدت تلك الاتفاقية بين عشية وضحاها عندما قامت عناصر من القوات المسلحة البوروندية التي يسيطر عليها التوتسي عشية يومي 20و21 اكتوبر1993م. بمهاجمة  الرئيس المنتخب واغتياله هو  والعديد من معاونيه وقد أدى  ذلك إلى إشعال نيران الحرب الأهلية في بلدا آخر في المنطقة الأمر الذي جعل التوصل إلى عملية تسوية لتلك الحرب أمراً صعباً  وشاقاً.  

المستوى الوطني:

رواندا:

21- أدى تردد طرفي النزاع في القيام بعملية تنفيذ دقيق وصارم لبنود إتفاقية السلام التي وقعت في أروشا في الرابع من أغسطس 1993م إلى إندلاع  الحرب وتبرير المذبحة التي ارتكبت ضد التوتسي وحدوث النصر العسكري الذي أحرزته الجبهة الوطنية في رواندا حيث قامت تلك الجبهة ببسط نفوذها في رواندا في المرحلة التي تلت الصراعات والمذابح التي حدثت هناك.

بوروندي:

22- وفي بوروندي أدت  المفاوضات التي جرت هناك إلى فض النزاع الذي عانى منه هذا البلد لمدة أربعة عقود.

23- ففي الفترة الواقعة بين عامي 1993م و 1995م حاولت الأطراف السياسية للصراع التوصل إلى تسوية تهدف إلى إعادة تفعيل المؤسسات المختلفة وذلك بدعم من هيئة الأمم المتحدة. وفي 14 سبتمبر 1994م تم التوقيع على المعاهدة الحكومية حيث ركزت تلك المعاهدة على حل مشكلة مزدوجة هي استمرار الصراع بين الشرعية السياسية  لما يسمى " بجبهة من أجل الديمقراطية " في بوروندي التي حققت إنتصاراً مزدوجاً في الإنتخابات الرئاسية  والديمقراطية التي جرت في يونيو  1993م في ظل وجود جيش معادي للرئيس المنتخب حيث اعتمدت على أحزاب المعارضة التي كان على رأسها ألحزب الحاكم الذي حكم البلاد سابقا منذ الإستقلال  أما الجانب الأخر لهذه المشكلة فيتمثل في ظهور وميلاد المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية ((NCDDً وهو عبارة عن حركة سياسية تمخضت عن الصراع المسلح ضد الجيش الذي تسيطر عليه مجموعة عرقية واحده هي التوتسي حيث قاد ذلك الجيش الإنقلاب المسلح في 21 أكتوبر 1993م كما قام بإغتيال رئيس الدولة الذي ينتمي إلى الهوتو رغم انه تم إنتخابة بطريقة ديمقراطية.

   وعليه فإنة يجب اكتشاف سبل جديدة لتضمين هذه المعلومات في الأبحاث الخاصة بعملية السلام.

24- وفي 25 يونيو 1996م كان هناك منعطف أخر حيث عقدت قمة سلام في أروشا بتنزانيا تم تكريسها لمناقشة الأزمة في بوروندي حيث طلب الرئيس البوروندي  من نظرائه في المنطقة القيام بمساعدة بلاده على مواجهة  الأزمة  التي تعاني منها وقد  تم الاتفاق على إن تقوم دول المنطقة  بنشر قوات عسكرية لحماية السكان من الهجمات التي تشنها الأطراف المتحاربة وفي نفس الوقت تم عقد مفاوضات بين أطراف النزاع برعاية رئيس تنزانيا الأسبق المعلم جوليس نيرري. علاوة على ذلك لم يؤدي الإنقلاب الذي قام به الجيش في 25 يوليو 1996م إلى معالجة الأزمة رغم التوقيع على إتفاقية السلام التي تمت من خلال مايسمى بالمبادرة الإقليمية للسلام  في بوروندي التي ترأستها أوغندا بينما احتلت تنزانيا منصب نائب  الرئيس لتلك المبادرة .

25- ومنذ يوليو 1998م عقدت أطراف النزاع في بوروندي مفاوضات سلام في أروشا الواقعة في شمال تنزانيا وذلك برعاية مواليمو جوليس نيري الذي توفي عام 1999م حيث حل محلة في رعاية المفاوضات رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسن منديلا . 

    بيد أن تلك المفاوضات لم يتم حضورها من قبل الفصيلين المتمردين الذين ينتميان إلى الهوتو واللذين قاما بمواجهة الجيش الذي يسيطر عليه التوتسي ، ادما يسمى بالمجلس  الوطني للدفاع عن الديمقراطية (NCDD ) وكذلك جبهة الدفاع عن الديمقراطية (FDD ) وما يسمى بــ Fnl ـــ Palipe Hutu . وعلى الرغم من هذا فقد أدت تلك المفاوضات إلى توقيع اتفاقية السلام والمصالحة في بوروندي في أورشا  في 28 أغسطس 2000م حيث مثلت تلك الأتفاقية منطلقاً ومرجعاً سياسياً للمحوريين .

     بين الحكومة والحركات السياسية المسلحة .

26) بعد التفاوض مع الفصائل التي لا تحطي بأي نفوذ فإن الحكومة قررت تنيجة للضغوط التي مورست عليها من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولي أن تقوم بالتفاوض مع المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية . وفي 16 نوفمبر 2003م تم أجراء مفاوضات استمرت لعدة أشهر برعاية نائب رئيس جمهورية جنوب أفريقيا جاكوب زوما حيث أدت تلك المفاوضات إلى التوقيع على اتفاقية سلام شامل بين الحكومة ألانتقالية والمجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية . كما تم استيعاب المجلس الوطني في مؤسسات الحكومة الانتقالية . وفي الفترة الواقعة بين يونيو وسبتمبر عام 2005م . تم إجراء إنتخاب سريعة حسمت لصالح المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية الذي كان يقود التمرد في البلاد . حيث أصبح يمثل القوة السياسية المسيطرة على جميع مؤسسات الحكم .

27) بقى هناك حركة سياسية مسلحة أخرى هي Palipehutu-Fnl . فقد مورست على الحركة في البداية ضغوط عسكرية قوية ، بينما انضمت  الحكومة الأن إلى يسمى " الأطراف الثلاثه + واحد ) رغم انها قد سعت سابقاً إلى تهميش الحركة ديبلوماسياً . وعلى الرغم من هذا فإن أبواب المفاوضات لم تغلق بشكل كامل أبداً . وفي هذا السياق تم التوقيع على أتفاقية سلام اخرى في 7 سبتمبر 2006م بين الحكومة وحركة Palipehutu-Fnl برعاية نائب رئيس جمهورية جنوب افريقيا جاكوب زوما الذي خلفة في رعاية المفاوضات بعد ذلك وزير الأمن العام في جنوب افريقيا تشارلز كواكولا . لكن عملية تنفيذ تلك الأتفاقية تأخرت لعدة أشهر :  وفي أو أخر عام 2008م تم تنفيذ تلك الأتفاقية من خلال مبادرة السلام الأقليمية في بوروندي ، حيث أصبحت حركة ( Palipehutu) اليوم حزباً سياسياً يسمى " قوات التحرير الوطنية " وسوف يشارك الحزب بالتأكيد في إنتخابات 2010 .

- جمهورية الكونجو الديمقراطية :-

28) إذا كانت عملية السلام في بوروندي تمثل هاجساً للاعبين المحليين فقط فإنها تعتبر عملية معقدة في جمهورية الكونجو الديمقراطية حيث أن هناك أطراف متعددة في الصراع منها القوى الأجنبية والتنظيمات السياسية والعسكرية الكونجولية وحركات المعارضة المسلحة التي تأتي من بلدان أخرى .

29) قام رئيس الكونجو لورنت ديسيري كابيلا في يويلو 1998م بترحيل الضباط الروانديين الذين كانوا يعملون في الجيش الكونجولي . وفي أغسطس 1998م قام الأتحاد الكونجولي من اجل الديمقراطية بإشعال نيران الحرب في منطمقة كيفو .

حيث قامت القوات الرواندية الأوغندية في أقل من عشرين ساعة بشن هجمات عسكرية للمرة الثانية بهدف تحرير الكونجو . ولم يتم إيقاف تلك الهجمات الا بعد تدخل القوات الأنجولية .

     كما أن تجدد القتال في شرق البلاد بهدف إيقاف تقدم القوات الرواندية والأوغندية قد عزز من عملية التدخل العسكري من قبل أنجولا وزيمبابوي وناميبيا .

    وقد تمت أول محاولة لإحلال السلام هناك في 8 سبتمبر 1998م وذلك لدى إنعقاد قمة مفاوضات في منطقة شلالات فيكتوريا برئاسة زامبيا وبعقبة الدول التي تدخلت عسكرياً في الكونجو .

    وقد رفضت الدول المعادية عملية وقف إطلاق النار ولكنها وافقت أخيراً على توقيع اتفاقية وقف أطلاق النار في العاشر من يوليو عام 1999م حيث قامت ست دولة معنية بالصراع بالتوقيع على تلك الأتفاقية وتلك الدول هي جمهورية الكونجو الديمقراطية وحلفائها و زيمبابوي وأنجولا  وناميبيا من ناحية والدول المعادية التي تشمل رواندا وأوغندا من ناحية أخرى . وعلى الرغم من هذا فقد أنسجت القوات الأجنبية من البلاد بينما أدت التعقيدات المصاحبة لذلك الصراع إلى حدوث مواجهات مسلحة بين رواندا وأوغندا اللتين تحالفتا بالأمس ضد كيناشا حيث إن كل منهما كان يسمى إلى السيطرة على بلدة كينسجاني. 

30- عقدت في الفترة 25 فبراير -19 إبريل 2002م إجتماعات خاصة بالحوار الكونغولي وذلك في مدنية سن سيشي في جنوب إفريقيا حيث وقع حوالي 70% من أعضاء الوفود الذين حضروا تلك الاجتماعات والبالغ عددهم 350 شخصاً على إتفاقية الإدارة الجماعية  للتحول الحاصل في الكونغو الديمقراطية وقد تم تتويج  تلك الجهود بتوقيع إتفاقية سلام في بريتوريا بجنوب أفريقيا في 30 يوليو 2002م بين جوزيف كابيلا رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية . وبول كيجامي رئيس رواندا. وتنص تلك الإتفاقية على نزع سلاح الجماعات المسلحة التي تنشط في الكونغو أو إعادتها إلى بلدانها الأصلية مقابل سحب القوات الرواندية من أراضي الكونغو وفي 21 أكتوبر 2002م قامت قوات كل من انجولا وناميبيا وزبميابوي با الإنسحاب بشكل نهائي من الكونغو وأخيراً قامت الأطراف المتنازعة في جمهورية الكونغو في 17 ديسمبر 2002م بالتوقيع على اتفاقية شاملة لتقاسم السلطة وذلك من منظور تشكيل حكومة وحدة وطنية وإنهاء الحرب التي استمرت لمدة أربع سنوات.

      تلى ذلك تبني الدستور الانتقالي في مدينة سن سيتي في جنوب أفريقيا وذلك في الأول من أبريل عام 2003م من قبل الوفود التي  حضرت جلسات الحوار الداخلي لدولة الكونغو . وفي 2 أبريل قامت الأطراف المتنازعة بتوقيع اتفاقية سلام بينما قام جوزيف كابيلا رئيس جمهورية الكونغو بإقرار دستور جديد لتقاسم السلطة ثم بعد ذلك أداى الرئيس كابيلاً اليمين الدستورية كرئيس انتقالي للدولة . وفي 16 يوليو 2003م تم تشكيل حكومة انتقالية انبثقت عن الحكومة السابقة وحركات التمرد والمعارضة السياسية غير المسلحة وميليشيا ماي ماي التقليدية إضافة إلى منظمات المجتمع المدني .

31) وفي عام 2006م تم تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية بشكل ناجح حيث يعتقد الجميع بأن تلك الأنتخابات مثلث متنفساً للبلاد للخروج من أزمتها ولكن الجنرال لو رنت  انكندا الذي تتمركز قواته في شرق البلاد والذي رفض ألالتحاق بالقوات المسلحة الكونغولية قد شن حملة تمرد من هناك . ولكن الشهور الأخيرة شهدت تطورات جديدة في شرق الكونغو . حيث أنه في أعقاب الهجمات الناجمة التي قامت بها قوات الجنرال نكندا والذي يتهم تبلقى الدعم المالي من رواندا بدأت التحالفات التي تشكلت بين قوات الدفاع الرواندية والقوات المسلحة في جمهورية الكونغو تتهاوى كما بدأت عملية تعقب ونزاع سلاح القوات الديمقراطية لتحرير رواندا والذي يتهم أعضاءها بالتورط في ارتكاب مذبحة ضد التوتسي في رواندا عام 1994م  .

     وسائل وآليات السلام والأمن والديمقراطية والتنمية : المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى :

32) لقد أثرت الصراعات المختلفة على منطقة البحيرات الكبرى سوءا فيما يتعلق بنتائج تلك الصراعات أو مسبباتها . فهناك تفاعلات وارتباطات وثيقة بين تلك الصراعات . ففي الإعلان الذي تم توقيعه من قبل رؤساء الدول والحكومات في دار السلام بتاريخ 20 نوفبر 2004 م قامت تلك الدول بالاعتراف بالصراعات القائمة وانعدام الأمن والاستقرار الناتج عن الركود الاقتصادي وتفاقم الفقر إلى جانب انعدام الثقة بين الحكومات وكذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وسياسات الإقصاء والتهميش .

وظهور الفوارق والامتيازات بين الجنسين واللجوء إلى العنف للاستيلاء على السلطة إضافة إلى وجود حصانة لارتكاب المجازر والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية ناهيك عن جرائم الحرب ، وانتشار التجارة غير المشروعة بالأسلحة الخفيفة والصغيرة وانتشار الجماعات المسلحة والجريمة المنظمة وتبديد الثروات والموارد الطبيعية ــ وقد تمثل التشخيص الحقيقي لتلك الصراعات من خلال إعلان رؤساء الدول والحكومات عن استعدادهم لجعل منطقة البحيرات الكبرة منطقة سلام وأمن مستديمين من خلال تعزيز الأمن والاستقرار السياسي وتحقيق والتنمية الاقتصادية ــ عن طريق خلق بيئة للتعاون القائم على تنوع السياسات الإستراتيجية في إطار الهموم المشتركة.

     ولتحقيق هذه الغاية فقد تعهد رؤساء الدول والحكومات على الوفاء بالالتزامات التالية :-

أ) الدعم الكامل لعملية السلام الهادفة إلى وقف العمل المسلح وإعلان موقفهم الرافض للصراعات عبر مختلف وسائل الأعلام .

- تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي من خلال التنفيذ الفاعل لاتفاقيات الدفاع المشترك .

- وضع إطار عمل خاص بالتسويات السلمية للصراعات .

-منع ارتكاب المذابح والمجازر من خلال عمليات نزع السلاح وإحالة مرتكبي تلك    المذابح إلى المحاكم الدولية . 

أ - فيما يخص الديمقراطية والحكم الرشيد :

 
 

ب – فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي .

ج- فيما يخص القضايا الإنسانية والاجتماعية :

 
 
 
 
 
 

الخاتمة

منذ 15 ديسمبر 2006 يعتبر (( ميثاق الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة البحيرات الكبرى)) إطاراً تشريعياً لتحقيق الأهداف المنصوص  عليها في إعلان دار السلام  المبرم في 20 نوفمبر 2004م . هذا الميثاق يدعو الدول الأعضاء في المؤتمر الدولي حول منطقة البحيرات الكبرى لترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد في إدارة الشؤون الداخلية للبلاد والبحث بصورة مشتركة عن حلول سلمية للخلافات التي قد تعترض هذه الدول. وهناك تغيرات ايجابية تتبدى في هذه المنطقة من العالم. وعلى سبيل المثال في بروندي، أخر الحركات السياسية المسلحة اندمجت للتو في الحياة السياسية الدستورية. القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، ولاوغندا وللسودان من جانب وقوات جمهورية الكونغو الديمقراطية ولروندا من جانب أخر، تقوم اليوم بعمليات مشتركة ضد الجماعات المسلحة, والجماعة المسلحة في اوغندا وكذا القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، هذه الجماعات المسلحة التي تمثل منذ سنوات عديدة حجر عثرة وشوكة تتسبب في اضطراب العلاقات بين الدول المعنية. كل هذه التطورات  تحدث في الوقت الذي توشك فيه محكمة الجنايات الدولية من إغلاق ملف رواندا وفي الآونة التي تقترب فيها كل دول المنطقة من إجراء انتخابات  يأمل الجميع بأن يتم الإعداد لها وتنظيمها بطريقة تمنع تكرر الإخفاق الذي شهدته العملية الانتخابية في كينيا وفي زامبامبوي. وإذا ما عرفت النزاعات العسكرية طريقها للحل فإن المنطقة مازالت تعاني من إشكاليات تتعلق بترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد والحقائق المتعلقة بالماضي وترسيخ العدالة المنصفة وبالتالي تحقيق المصالحة. ومن البديهي بأنه لو أن رواندا وبروندي اللاتي شكلتا المركز الرئيس لهذا النزاع تخلصت من الطائفية المدمرة والغير انسانية التي عانيا منها وانخرطتا بجدية في حكم ديمقراطي لاستطاعتا تكوين بالإضافة لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمتع بحكم ديمقراطي عزز اندماجها الوطني، قطباً قوياً للتنمية الاقتصادية الإفريقية في منطقة البحيرات الكبرى الباحثة عن التكامل الاقتصادي.  
 

      بوجمبورا ، مارس 2009