طالما كانت البلاد أرضاً خصبة للاضطرابات والاحتجاج

ثورات مصر الشعبية.. بين التاريخ والمعاصرة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتناول كتاب «ثورات مصر الشعبية»، لمؤلفه د. عمرو عبدالعزيز منير، الكثير من الكلمات والمواقف التي أثرت على التاريخ المصري.. بالرغم من قسوة الغزاه ومطارق الزمن حتى الخيانة، وجنون بعض من حكموا البلاد، مبيناً أنه، وبالرغم من كل قسوة كانت روحها المرحة راسخة بينة على الدوام. ويذكر المؤلف نماذج من كتابات جملة من المؤرخين والكتاب، حول مصر وأهلها.

ومن بينهم ابن اياس، إذ يقول في كتابه: «إنهم لا يطاقون من ألسنتهم إذا أطلقوها في حق الناس...». وضرب مثالاً بتلك المرأة التي وقفت أمام باب قصر الزمرد وصاحت بصوت بين الغضب والبكاء والانهيار: «يا أهل القاهرة أدعو بالنصر لأمير المؤمنين المستنصر بالله، الذي أكلنا الرغيف في أيامه بألف دينار!».

ويشير الكتاب إلى أنه هناك الكثير من الحركات الشعبية التي ظهرت في شكل تحدٍ وانطلقت للمطالبة بما يراه الناس صواباً، ولا شك أن الوعي هو ما يدعم أية حركة شعبية، وتجلى ذلك بوضوح في أحداث التاريخ. ورصد التاريخ المصري بعض تلك الأحداث في أيام حكم الفراعنة.. إذ أعلن أحياناً إعفاء بعض المدن والمعابد من دفع الضرائب، وهو ما يشير إلى تذمرها.

ترصد البرديات المصرية وجدران المعابد ما حدث في أواخر عهد الأسرة الخامسة، فحينها تذمر أمراء الأقاليم وتمردوا على الحكم المركزي بدافع وحث من الشعب، وعبرت بعض الشواهد عن تلك النزعة الجديدة. وفي الأدب كانت «حكاية الفلاح الفصيح» التي هي حادثة واقعية.

ولاحظ رجال الآثار أن قبور الفقراء من المصريين تشبهت بمقابر الأغنياء منهم.. وغيرها من المشاهد. كما كان الصراع شديداً في عصر الأسرتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة، وهو ما جاء في بردية تعرف باسم «نصائح ابو صير».

ولم تكن عزوة الهكسوس سوى لحظة تاريخية للانتباه ومواجهة العدو الخارجي، حيث قدِم العدو بسلاحه الفتاك الجديد، وجاء معتلياً الحصان.. ولم يعرف المصريون من حيوانات الركوب سوى الحمار!.. وكانت معارك «كاموس» ثم «أحمس من بعده». ولم يكن عهد البطالمة أفضل مما سبقه، فلا يزال الشعب فيه يلقى التهديد والتعذيب ودفع الضرائب الباهظة..

وهو ما وضح في عصر البطالسة، حتى تجمع المصريون في المعابد ومنها انطلقوا لمواجهة جنود الغرباء.. وهو ما تحقق بنجاح مع «بطليموس الرابع».

وهو ما شبهوه بثورة الجياع.. وتكررت أكثر من المرة حتى عام 132 قبل الميلاد، حيث انقسم الشعب بين كليوباترا الثانية وبطليموس السابع! ولم يفقد المصريون لثلاثة قرون من حكم البطلسي إحساسهم بالرفض والثورة ضد البطالسة.

كما حدث في عصر الرومان في عام 34 قبل الميلاد، فآنذاك أصدر الحاكم الروماني أمراً بمنع المصريين من حمل السلاح والمخالف يعاقب بالموت.. فثار الشعب. وتجددت الثورات إلا أنه تلاحظ قلة عدد الثورات في عهد الرومان مقارنة بعهد الإغريق.

وبعد الفتح الإسلامي لمصر، أصبح القبط في مأمن من الخوف، على العكس مما كان حالهم أثناء حكم الرومان. واستقر الإسلام في قلوب المصريين وهدأت البلاد حتى كانت فترة الخلافات على الخلافة. ويدرج المؤلف هنا ما قال المؤرخ الطبري:

«..كان المصريون هم الذين أحرقوا باب دار عثمان، واقتحموها وأسهموا في قتله.. وإنهاء خلافة عثمان...».

بعدها ظلت مصر أرضاً خصبة للكثير من القلاقل والاضطرابات التي وصلت إلى حد الثورة ضد ولاة مصر.

والتهبت الثورات الشعبية لأهل مصر مع زوال الدولة الأموية، وكان لهم دورهم في مساندة العباسيين، حتى ان حياة آخر الأمويين، مروان بن محمد علي، انتهت على أرض مصر، بعد أن هزمته وجيشه على أرضها. كما إن الكاتب تابع رصد تلك النزعة للثورات الشعبية، في شتى الحقب والعصور، وذلك حتى أحداث ثورة 25 يناير 2011م.

نزعة ثورية لم تهدأ

يشرح مؤلف الكتاب، أنه تجددت الثورات في العصر العباسي، حتى بعد وفاة الرشيد ونشوب الخلاف بين ولديه، وكان تأييد الأمين على حساب المأمون. فلما تجدد تعسف الحكام الجدد ثار المصريون ثانية، حتى جاء الأمين بنفسه لتهدئة الأحوال بمصر، وتحقق له ما أراد. وتتجدد الأحداث ولا تنتهي النزعات الثورية في عهد الطولونيين والاخشيديين وأثناء خلافة الفاطميين لمصر.. حتى جاء صلاح الدين الأيوبي.

Email